ما هو يوم عيد الحب
يحتفلُ الناسُ في بعضِ دولِ العالم – وخصوصاً دول الغرب- بيوم الرابع عشر من فبراير (14/2)، وهو يوم (الفلانتين) أو عيد الحب، حيث يُقدِّم العاشقُ والحبيبُ الهدايا والورودَ وبطاقاتِ المعايدة لحبيبتِه، ويرتدي العشاق اللون الأحمر الذي يرمُز للحب، وهذا الاحتفال عندهم هو نوعٌ من الاعتراف بالحب، وقد انتقلت مظاهر الاحتفال بهذا اليوم إلى بعضِ الدول العربية، ومع أنَّه لا يأخذ طابعاً رسمياً، إلاَّ أنَّ كلَّ شخصٍ يحتفلُ به على طريقته، فمنهم من يُهادي زوجته، ومنهم من يُهادي خطيبته، ومنهم من يُهادي الفتاة التي يحب، وقد علَت الأصواتُ التي حرَّمت الاحتفال في هذا اليوم عند المسلمين، كما أنَّ الاحتفال بهذا اليوم لا يتفق مع العاداتِ والتقاليد الشرقية والعربية، ولكي يسهل علينا الحديث، دعونا أولاً نعرف ما هي القصة وراء الفلانتين.
قصةُ عيدِ الحُبّ (الفلانتين)
لقد جاء في قصصٍ قديمة أنَّ إمبراطوراً رُوْمَانِيَّاً يُدعَى (كلوديس الثاني)، كان قد أصدرَ قانوناً يُجبر الرجال على عدم الزواجِ في سنِّ الشباب، قانوناً لم يراعي أهم متطلبات النفس البشرية في هذا السن، وقد أخذ لذلك سبباً أن الشباب المتزوجين تقل كفاءتهم عن الشباب غير المتزوجين في الجيش، ولم يعجب ذلك القسيس فلانتين، فكان يقوم بتزويج الشباب خلسة، رغم معرفته بقانون الإمبراطور، ولمَّا انكشف أمره ووصل خبره للإمبراطور، أمر بسجنه وإعدامه، حيث دخل القسيس فلانتين إلى السجن فرأى فتاة كفيفة، وهي ابنة سجَّانه، فقام بمعالجتها فأبصرت، ولمَّا حان يوم الإعدام كتب القسيس فلانتين رسالة عشق لفتاةٍ لا نعرف إذا ما كانت عشيقته، أو ابنة السجان الكفيفة التي عالجها، ولكن كل ما نصَّت عليه الرواية أنه كتب بعض الكلمات ثم وقع عليها (من المخلص لك فلانتين)، ورغم أنَّ قصة القسيس فلانتين الموجودة في كتب التاريخ وخصوصاً في كتاب (الأسطورة الذهبية)، تقول أنه قد أعدم لحبه ودفاعه عن المسيحية، إلاَّ أن الناس وخصوصاً في دول الغرب، قد تمسكوا بهذه القصة، ويحتفلون كل عام بيوم الرابع عشر من فبراير (14/2)، وهو اليوم الذي أعدم فيه القسيس فلانتين، حيث يعتبرون أنه مثال للحب والتضحية، فقد عرض حياته للخطر من أجل أن يجمع بين الأزواج.
مظاهر الاحتفال بعيد الحب (الفلانتين)
- تم ارتداء ملابس باللون الأحمر.
- يتم تبادل بطاقات المعايدة.
- يتم تبادل الورود والهدايا.
- يخرج الحبيب مع حبيبته.
- إقامة الحفلات الخاصة به، مع إظهار الفرح والسرور.
موقف المجتمع العربي من الاحتفال بالفلانتين
إنَّ العادات العربية لا تتفق مع أيِّ علاقة حبٍ تقوم بين الرجلِ والمرأة خارج إطار الزواج، فينظر المجتمع العربي إلى علاقات الحب والعشق التي تدور بين الجنسين قبل الزواج نظرة رفض وشجب، ولا أقول أنَّ العرب لم يقعوا في الحب والعشق يوماً، فلو كان الأمر كذلك لما ظهرَ الغزل في شعرِهم، وإنَّما كل قصة عشقٍ ظهرت، كان لها بَاعٌ في رفضِ المجتمع لها، ولا يكاد أيّ شخصٍ يتحدث عن العشق والحب عند العرب ولا يذكر قصة (مجنون ليلى) وهو قيس بن الملوح، وكيف أنَّه حُرِمَ الزواجَ من ابنةِ عمه (ليلي العامرية)؛ لأنَّه تغزَّل فيها علناً أمامَ الملأ، وعليه فإنَّ احتفالاً كهذا مرفوضٌ عند العرب، ولكنَّ الحال في الزمنِ المعاصر تغير، خصوصاً في المدن الكُبرى التي انفتحت على دولِ الغرب، وازداد الأمر اليوم مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، والتي قرَّبت كل بعيد، فهناك من أهلِ العروبة من ضربَ العاداتِ والتقاليد بعرضِ الحائط، فدخل (الفلانتين) على العرب من باب الانفتاح وتقليد الغرب، بحيث يقوم العديد من المنفتحين بالاحتفال بهذه المناسبة المستوردة، ويحتفل العُشّاق بهذا اليوم، ولكن في إطارٍ محدود، فقد يحتفل العربي مع زوجته أو خطيبته، وأحياناً صديقته، ولا أقول أن كلَّ العربِ يحتفلون به، فهناك من لم يزلْ رافضاً لذلك الأمر، ففي المملكة العربية السعودية يُمْنَعُ الاحتفال بهذا العيد لأسبابٍ دينية واجتماعية.
موقفُ الإسلام من احتفال المسلمين بعيدِ الحب
لا ينكرُ أحدٌ أنَّ بعضَ المسلمين في العالم يحتفلون بعيد الحب، سواء المتزوجون أو الخاطبون منهم، وحتى العاشقون، ولكي نعرف ما هو موقف الإسلام من الاحتفال بعيد الحب، علينا أولاً أن نعرف شيئاً عن موقف الإسلام من الحب.
الحُبُّ في الإسلام
لحبُّ هو شفاءُ القلوب، وهو من المعاني السامية التي تبهج الإنسان، وتجعله يَسْعَدُ في حياته، ولا أعنى ذاك الحب الذي يحبه الرجل لامرأة بدافعِ الرغبة، فهذا ليس من الإسلام في شيء، كما لم أقصد هذا الحب الذي يحبه الرجل لأخر بدافع المصالح الدنيوية، وإنَما قصدت الحب الخالص لوجه الله تعالى، الذي لا ينتظر منه أيّ مردود، الحب الصادق النابع من القلب، الذي يشعل نيران الشوق واللهفة للقاء المحبوب.
كيف يكون الحُبُّ في الإسلام
لا يقتصر الحُبُّ في الإسلام على حبِّ الرجل للمرأة، فحُبُّ الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم واجبٌ على كل مسلم، وحُبُّ الدين والشريعة، وحُبُّ الأبناء والإخوان والأقارب، وحُبُّ الفقراء، وحُبُّ الوطن، وحُب الأصدقاء، فإذا ما تحقق هذا الحب انتشرت البهجة والسعادة في المجتمع المسلم، ويكفي لاثنين تحابَّا في اللهِ أن يكونا من السبعة اللذين يظلّهم الله بظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، وحتى حُبُّ الرجل للمرأة فيكون في إطار الزواج الشرعي، فيُحِبُّ الرجلُ زوجته، ويتغزَّلُ بها، ويِعْلِمَهَا بحبه لها، ويعاملها أفضل معاملة، ولا يقسو عليها.
ما هو موقف الإسلام من الحب قبل الزواج
لم يتغاضى الدين الإسلامي عن العواطف والمشاعر التي قد تكون بين الشاب والفتاة، فقد يميل قلب أحدهم إلى فتاة سمع عن دينها وخلقها وجمالها، فرقَّ قلبه لها، وأحبّها حُبَّاً لا حرام فيه، من دون أن يعترض طريقها، أو أن يلقاها، أو يكلمها، ولكنَّه أرسل في طلبِ زواجها، فحُبُّه لها هو الذي جعله يُقْدِمُ على خطبتِها.
وللأسف فإنَّ شباب اليوم يقدمون على الحب ونية الزواج غير موجودة، وحتى اللذين وصل بهم العمر إلى سن الزواج، فإنهم يُكَلِّمون من أحبُّوا من الفتيات، ويُقَدِّمون لهم الهدايا، ويذهبون في رؤيتهم خلسة، إلاّ من رحم ربي، وحينما تنصح أحدهم يقول أنه يريد أن يعرف عن شريكة حياته قبل الزواج، فنقول لهم، لقد وجدت فترة الخطوبة لتعارف الشاب والفتاة، فإذا أحبته ووجدته مناسباً لها تزوجته، وكذلك الشاب، وخلاصة القول أنَّ الحُبَّ في الإسلام مرتبط بالزواج، ولولا ذلك لأصبحَ المجتمعُ فاسداً وانتشرت الزنا والمحرمات.
موقف الإسلام من احتفال المسلمين بعيد الحب
لقد أجمع عُلماء الدين على أنَّ الاحتفال بهذا العيد غير جائز، وعلَّلوا عدم جواز الاحتفال به للأسباب التالية:
- هذا العيد لا أساسَ له في الدين الإسلامي، فأعيادُ المسلمين المعروفة هي (عيد الفطر السعيد، وعيد الأضحى المبارك).
- يدعو هذا العيد إلى الغرام والعشق.
- كما أنَّ هذا العيد يدعو للانشغال في اللهو والمحرمات.
عليه فيجِبُ على المسلم ألاَّ يكون تابع لأيّ أحد، بل يعتز بدينه وبأعياده ويحتفل بها دوناً عن غيرها، كما أنَّ عيد الحب يعتبر من الأعياد النصرانية والوثنية، فلا يجوز للمسلم أن يبدي أيّ فرحة أو أي مظهر من مظاهر الاحتفال بهذا العيد؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يحتفل بأعياد غير المسلمين؛ ففي ذلك تشبهٌ بهم، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (من تشبه بقوم فهو منهم)، وأخيراً لا زلت أتعجب من اللذين يخصصون يوما للحب، فإذا كنت تحب بصدق، لماذا إذن لا تجعل أيامك كلها حُبَّا؟