بحث عن التعاون
التعاون
خلق الله تعالى الناس ووزّع المهارات، والمواهب بينهم، فلا يمكن لأيّ باحثٍ أن يجد شخصين متطابقين منظراً ومخبراً، فهناك فروقات حتى بين التوأمين، وهذا هو أحد الأسرار التي وضعها الله تعالى في خلقه، وكنتيجة حتميّة لهذا التنوّع الكبير الذي أوجده الله تعالى في الناس، فقد كان من الضروري عليهم أن يتعاونوا في كافّة المجالات على اختلافها، وقد أدّى هذا التعاون إلى التطوّر الذي نشهده في عصرنا الحاضر، والذي ما كان ليكون لولا التعاون، حيث يعرف التعاون بأنّه تعاضد فردين أو أكثر لتحقيق هدف ما، وقد يكون هذا الهدف التغلب على مشكلة اقتصادية او اجتماعية أو سياسية أو غيرها.
موقف الأديان من التعاون
حثّت الأديان على أهميّة التعاون بين البشر لما له من دور في إعمار المجتمعات، فقال تعالى في القرآن العظيم: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة، آية: 2)؛ وقال رسوله عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح: (مثلُ المؤمنينَ في تَوادِّهم، وتَعاطُفِهم، وتَراحُمِهم، مَثلُ الجَسدِ، إذا اشتَكى منه عُضوٌ تَداعى سائرُ الجَسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى)، فقد عُرف عنه صلى الله عليه وسلّم أنّه كان في مهنة أهل بيته، وكان يعين صحابته في أمورهم وأمور المسلمين، فهذا البراء بن العازب رضي الله عنه يقول عن النبيّ أنّه ساعد في نقل التراب يوم الخندق مثله كمثل غيره من المسلمين يومها، فالتعاون في كلّ ما هو خير من ضروريات الحياة التي بها ترتقي المجتمعات وتُعمّر الأكوان.
أهمية التعاون في حياة الناس
للتعاون ثمار إيجابية كثيرة تعود بالخير على الفرد والمجتمع، ومنها:
- إنهاء كافّة أنواع المشاكل التي تعترض طريق الإنسانية؛ فالمشاكل المختلفة كالفقر، والبطالة، والمجاعات، والحروب، وقلة المياه، وانعدام النظافة أو التحضّر، كلّ هذه المشاكل من شأنها أن تعيق أيّ تقدّم ممكن في أي منطقة كانت.
- زيادة تماسك المجتمع بشعور الأفراد ببعضهم البعض، وسعيهم لتجاوز مشكلاتهم مجتمعين، مما يجعله مجتمعاً قوياً ومهاباً بين بقية المجتمعات.
- تمتّع الأفراد بالصحة النفسية والراحة، فبالتعاون يسود الخير والحب، وتتلاشى البغضاء والشحناء اللتان تعتبران أساساً للضغوط النفسية والمشكلات.
- خلق جو من الابتكار والإبداع وفرصة عالية للتطوير، يما يوفرّه التعاون من تبادل للأفكار والمعلومات بين الأفراد يكون الإبداع هو نتاجه.
وسائل التعاون
يمكن أن يتعاون الناس فيما بينهم بالعديد من الطرق والوسائل المختلفة، فمثلاً، بإمكانهم أن يقوموا بعمل جلساتٍ نقاشيّة مختلفة لتناقل الأفكار ونقاشها، كما ويمكن إنشاء الجمعيّات الخيرية التي تساعد على نشر أعمال البر والإحسان التي لا تنتهي أنواعها أو صنوفها، فأعمال البر والإحسان مختلفة؛ إذ يمكن التبرّع بالمبالغ النقديّة بشكلٍ مباشر، أو يمكن أن يكفل الإنسان يتيماً ينفق عليه ويربّيه أحسن تربية، كما ويمكن أن يقوم الناس بإنشاء المدارس التي تُعلّم الفقراء بالمجان، أو إنشاء المدارس التي ترعى المواهب وتنمّي مواهبهم، وهكذا؛ فالأعمال الخيريّة عديدة ومتنوّعة، ويمكن أن تحل العديد من المشاكل، وتساعد الحكومات في ذلك.
معيقات التعاون
هناك عدة معيقات قد تحدُّ من تعاون الناس مع بعضهم البعض؛ كالاختلافات العقدية، أو الأيدلوجية، أو اختلافات الآراء التي قد يذهب ضحيّتها آلاف الأشخاص، والمعيقات المكانية، والمالية أيضاً، إلّا أنّ مثل هذه الحواجز بحاجة إلى جهد أكبر لتجاوزها والتغلّب عليها، فيما يكمن حلها في إدراك مبدأ الإنسانية التي تكفي لأن تجمع كل البشر على تنوّع خلفياتهم الدينية والفكرية والعرقية حق الإدراك.