سلاها كيف ضيعت الوصالا – الشاعر البحتري

سَلاها كيْفَ ضَيّعَتِ الوِصَالا،
وَبَتّتْ منْ مَودّتِنا الحِبَالا
وَأضْحَتْ بالشّآمِ تَرَى حرَاماً
مُوَاصَلَتي، وَهِجْرَاني حَلالا
هَلِ الحَسْناءُ مُخْبِرَتي: أهَجْراً
أرادَتْ بالتجنّبِ، أمْ دَلالا
ذَكَرْتُ بِها قَضِيبَ البَانِ لَمّا
بَدَتْ تخْتالُ، في الحُسنِ، اختِيالا
تُشاكِلُه ُاهْتِزَازاً و انْعِطاَفاً،
وَتَحْكِيهِ قَوَاماً، وَاعْتِدالا
وَلي كَبِدٌ تَلِينُ على التَّصَابي
وَتَأْبَي في الهَوَى إِلاَّ اشْتِعَالاَ
وعَيْنٌ لَيْسَ تَأْلوني انْسِكاباً،
وقَلْبٌ لَيْسَ يأْلُوني خَبَالاَ
وَقَدْ عَلَمِ الوُشَاةُ ثَباتَ عَهْدِب
إِذا عَهْدُ الَّذي أَهْواهُ حَالا
وَإنّي لمْ أزَلْ كَلِفاً بِلَيْلى،
على كرْهِ الوشَاةِ، وَلَنْ أزَالا
فَلَمْ أعْدُدْ هَوَايَ لَهَا سَفاهاً،
وَلا وَجْدي القَديمَ بهَا ضَلالا
أميرَ المُؤمِنينَ، وَأنْتَ أرْضى
عِبَادِ الله، عِنْدَ الله، حَالا
رَدَدْتَ الدّينَ مَوْفوراً، مَصُوناً،
وَقَبْلَكَ كانَ مُنتَقصَاً مُذَالا
إذا الخُلفَاء عُدّوا يوْمَ فَخْرٍ،
وَبَرّزَ مَجْدُهُمْ، فسَما وطَالا
غَدَوْتَ أجعلّهُمْ خَطَرَاً، وذِكْرا
وأَعْلاَهُم، وَأشرَفهُمْ فَعَالا
وَما حُسِبَتْ نَوَاحي الأرْضِ، حتى
مَلَكْتَ السهْلَ، منها، وَالجِبالا
بِوَجْهٍ يَمْلأ الدّنْيَا ضِيَاءً،
وكَفّ تَمْلأ الدّنْيَا نَوَالا
أَرَى الحَوْلَ الجَديدَ جَرَى بِسَعْدٍ
وحالَ بأَنعُمٍ لك حِينَ حَالاَ
فُتُوحٌ يُدرِكْنَمِنَ النّوَاحي،
كمَا ادَّرَكَ السّحابُ، إذا تَوَالى
يُحَسِّنُ منْ مديحي فِيكَ أنّي،
مَتى أعْدُدْ عُلاكَ أجِدْ مَقالا
وَلَسْتُ أُلامُ في تَقْصِير شكْري،
وَقَدْ حَمّلْتَني المِنَنَ الثّقَالا
لَقَدْ نَوّهْتَ بي شَرَفاً وغْرباً،
وَقَدْ خَوّلْتَني جَاهاً وَمالا
وَما ألْفٌ بِأكْثَرِ ما أُرَجّي،
وَآمُلُ مِنْ نَداكَ، إذا تَوَالَى
إذا سَبَقَتْ يَداكَ إلى عَطاءٍ،
أمِنّا الخُلْفَ عِنْدَكَ، وَالمِطالا
وَإنْ يَسّرْتَ للمَعْرُوفِ قَوْلاً،
فَإنّكَ تُتْبِعُ القَوَلَ الفَعَالا
رأَِيْتُ اليُمْنَ والبَركاتِ لَمّا
رَأيْتُ بَياض وَجهِكَ، وَالهِلالا