تلوث مياه البحر

تلوث مياه البحار

يُمكن تعريف تلوث مياه البحار بأنّه اختتلاط مياه البحر بمجموعة من النفايات والمواد الكيميائيّة التي تنتقل من اليابسة إليها، ويؤدّي هذا التلوث إلى وقوع كثير من الأضرار المختلفة، ومنها: الأضرار البيئيّة والأضرار الاقتصاديّة، كما يتسبّب في كثير من الأضرار الصحيّة للكائنات الحية.[١]

أسباب تلوث مياه البحار

يصل كثير من المخلّفات البشريّة إلى مياه البحار ممّا يُسهم في تلويثها بشكل كبير؛ حيث يتمّ تصريف الكثير من مخلّفات الصناعات الكيميائيّة والبلاستيكيّة إلى هذه المياه، وهذا يؤدّي إلى القضاء على كثير من المواطن التي تسكنها الكائنات البحريّة ممّا يؤدّي إلى موتها، كما ينسكب النفط في هذه المياه بكميّات كبيرة أيضاً، وتوجّه بعض المدن الساحليّة الكبرى التي يقطنها أكثر من 10 ملايين نسمة ويزيد عددها عن 13 مدينة مياه الصرف الصحي إلى البحار نتيجةً للضغط الكبير على البنية التحتيّة لهذه المدن ممّا يؤدّي إلى تشكيل النقاط الميّتة في البحار التي تخلو من جميع أشكال الحياة البحريّة، حيث يصل عدد هذه النقاط إلى 500 نقطة حول العالم تقريباً.[٢]

تصل المخلفات البلاستيكيّة إلى مياه البحار عندما تجرفها مياه الأمطار الغزيرة في المدن الساحليّة الكبرى، ويُشكّل هذا النوع من المخلّفات تهديداً كبيراً على الحياة البحريّة؛ حيث تبلغ كميّة المخلفات البلاستيكيّة التي تصل المحيطات إلى 500 مليون طن سنويّاً، إذ تتفتّت هذه المخلّفات إلى أجزاء صغيرة جداً ثمّ تلتهمها بعض الكائنات البحريّة ممّا يؤدّي إلى انسداد مسالك الجهاز الهضمي لديها ثمّ موتها؛ كما تشير بعض التقديرات إلى أنّها تتسبّب بموت مليون طائر بحري سنوياً إضافةً إلى موت عدد كبير جداً من السلاحف، كما يُمكن أن تُشكّل هذه المخلّفات خطراً على حياة البشر عندما يتمّ طهي الكائنات البحريّة التي أكلتها، وتصل نسبة تلوث مياه البحار الذي ينتج عن اليابسة إلى 80% كما تُشير بعض التقديرات.[٢]

للتعرف أكثر على أسباب تلوث مياه البحر يمكنك قراءة المقال أسباب تلوث البحار

أضرار تلوث مياه البحار

أضرار تلوث مياه البحار على الإنسان

يتسبّب تسرّب المبيدات الحشريّة والزئبق والمواد الكيميائية والملوثات الأخرى إلى مياه البحار ووصولها إلى الأسماك والكائنات البحريّة التي يتغذّى عليها الإنسان بالكثير من الأمراض المختلفة للإنسان، ومنها: تلف الجهاز العصبي، وتلف الكلى، إضافةً إلى الأمراض الهرمونيّة، والأمراض والتناسليّة المتعلّقة بالإنجاب إذا تعرّض الإنسان إلى هذه المواد بكميّات كبيرة، كما تحوّل البكتيريا عنصر الزئبق إلى مركبات سامة تدخل في السلسلة الغذائيّة للبشر وتتسبّب زيادتها بأمراض الرعاش، والزهايمر، وأمراض القلب أيضاً، ويؤدّي الاتصال المباشر مع المياه الملوثة إلى بعض المشاكل الصحيّة كذلك، ومنها: الطفح الجلدي، وآلام المعدة، والإسهال.[٣]

أضرار تلوث مياه البحار على الاقتصاد

تتأثّر الكثير من القطاعات الاقتصاديّة بشكل سلبي نتيجة تلوث مياه البحار؛ حيث إنّ هذا التلوّث يؤدّي إلى تضرّر السفن وغيرها من عناصر الملاحة البحرية، وقد تسبّب ذلك لأسطول الصيد الأوروبي بخسارة 82 مليون دولار أمريكي تقريباً، كما يُساهم تلوث مياه البحار في خسارة حوالي مليار يورو سنوياً لدول آسيا والمحيط الهادئ نتيجةً لتضرّر الصناعات البحريّة، وتصل خسارة قطاع السياحة الناتجة عن هذا النوع من التلوث إلى 600 مليون دولار أمريكي سنوياً.[٤]

أضرار تلوث مياه البحار على الحياة البحرية

تتأثّر أنماط تكاثر العديد من الكائنات البحريّة وسلوكها بالمخلفات البشرية الملقاة في البحر؛ كالمواد الكيميائيّة الصناعية، والأدوية، وغيرها من الكيماويات والمواد البلاستيكية؛ حيث تأثّرت كافة أنواع السلاحف البحريّة، بالإضافة إلى 45% من الثدييات البحريّة، و21% من الطيور البحرية بالملوثات المذكورة، وتُعتبر المواد البلاستيكية أخطر هذه الملوثات؛ إذ إنّها تتحلّل إلى مواد ضارّة تمتص الملوثات الأخرى ممّا يؤدّي إلى تضرّر الأحياء البحريّة عند تناول هذه المواد.[٥]

تتراوح كمية المواد البلاستيكيّة التي تتغذّى عليها الكائنات البحريّة في شمال المحيط الهادئ بين 12,000-24,000 طن سنوياً، وتأكل الكثير من السلاحف هذه المواد ممّا يُشعرها بالشبع أو يؤدّي إلى موتها بسبب الاختناق؛ حيث تُشير بعض الدراسات إلى أنّ 50% من سلاحف العالم أكلت المواد البلاستيكيّة، حيث يؤثّر هذا النوع من الغذاء على تكاثر السلاحف البحرية بشكل سلبي كبير.[٦]

تصل نسبة الطيور البحرية التي تناولت البلاستيك إلى 60% ممّا يؤدّي إلى موت كثير منها، وتتوقع بعض الدراسات أن ترتفع نسبة هذه الطيور إلى 99% خلال عام 2050م، ويؤدّي ذلك إلى انخفاض نسبة تخزين الطعام في معدة الطائر وشعوره بالجوع الدائم، كما تُسهم الملوثات البلاستيكيّة في موت الكثير من الثدييات البحرية المختلفة بما فيها بعض الثدييات المهددة بالانقراض أيضاً؛ كفقمة هاوايان مونك وأسد البحر من نوع ستيلر، وقد تمّ العثور على كمية كبيرة من الحيتان الميّتة نتيجة التهام كثير من المواد البلاستيكيّة.[٦]

حلول مشكلة تلوث مياه البحار

يُمكن الحد من تلوث مياه البحار في اتجاهين مختلفين، يتمثّل أولهما بدفع الكثير من الأموال واستنزاف الكثير من الوقت لتصويب أوضاع التلوث بعد حدوثه، ويكمن الاتجاه الآخر بالحد من التلوث من خلال الوقاية التي تحتاج إلى تغيير السلوكيات فقط، ويرى الكثير من العلماء أنّ الوقاية أمثل الطريقتين السابقتين؛ نتيجةً لوجود العديد من آثار التلوث التي لا يُمكن معالجتها ممّا يؤدّي إلى تضخّم هذه الآثار باستمرار إذا لم تتمّ الوقاية من التلوث.[٧]

الوقاية من تلوث مياه البحار

يجب اتباع العديد من الإجراءات المختلفة للحد من تلوث مياه البحار؛ فلا بدّ من تقليل نسبة المواد السامة التي يتمّ إلقاؤها في البحار إضافةً إلى الحد من إلقاء المواد الخطرة ونفايات السفن، كما يجب فصل أنابيب مياه الأمطار عن أنابيب مياه الصرف الصحي وعدم تصريف الأخيرة في مياه البحار، وذلك إلى جانب وضع العديد من المواصفات والقوانين التي تضمن عدم تسرّب المواد النفطيّة المنقولة عبر السفن إلى المياه،[٨] ويُمكن للأفراد اتخاذ كثير من الإجراءات التي تحدّ من تلوث مياه البحار والمحافظة على الحياة البحريّة، ومنها ما يأتي:[٩]

  • تنظيف النفيات الموجودة على الشاطئ من خلال جمعها وإلقائها في الأماكن المخصصة لذلك وأخذها إلى أماكن بعيدة عن الشاطئ.
  • الحد من كميّة النفايات التي تصل إلى الشواطئ من خلال إعادة تدوير النفايات التي يُمكن استخدامها مرّةً أخرى، مثل: الزجاج، والمعادن، والورق؛ حيث يؤدّي انخفاض كميّة النفايات إلى انخفاض الملوثات التي تصل إلى البحار.
  • إنشاء بعض المجموعات المحليّة لزراعة الأشجار بالقرب من الجداول، إضافةً إلى إزالة النفايات الموجودة حولها لضمان عدم وصول النفايات إلى مجاري الأنهار؛ حيث إنّ الأنهار تصب في غيرها من المسطحات المائيّة وصولاً إلى البحار، وهذا يعني أنّ المحافظة على نظافتها من الرواسب والنفايات المختلفة يُسهم في نظافة مياه البحار بشكل كبير.
  • التأكّد من عدم اختلاط مياه الأمطار بأيّ من المخلّفات والنفايات الأخرى في طريقها إلى المصارف المخصصة؛ حيث تنقل هذه المياه الكثير من النفايات الصغيرة التي تذهب معها إلى أماكن التصريف ثمّ تنتهي إلى مياه البحار، وتُصبح كميّة هذه الملوثات منخفضةً في حال انخفاض النفايات والمخلفات الموجودة في الشوارع بشكل كبير.

تصويب أوضاع التلوث

يُمكن تنظيف كميّة كبيرة من ملوّثات البحار من خلال معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام أنظمة الطاقة الشمسيّة المائية أو الأراضي الرطبة أو غيرها من الطرق، بالإضافة إلى إجراء معالجة ثانوية لمياه الصرف الصحي التي تصل إلى الشواطئ، ولا بدّ من توفير أفضل الطرق لتنظيف المخلفات النفطيّة التي تنسكب في البحار، ويُمكن إزالة الآثار الناتجة عن مياه الصرف الصحي أو انسكابات النفط باستخدام تقنية الجسيمات النانوية (بالإنجليزية: Nanoparticles) التي ما تزال قيد التطوير.[٨]

الجهود الدولية للحد من التلوث

توجد العديد من الاتفاقيات الدوليّة التي تتعلّق بالحد من التلوث البحري، ومنها اتفاقيّة أوسلو التي وُقّعت عام 1972م ونصّت على الحد من التلوث الناتج عن إغراق السفن والطائرات، وكذلك اتفاقيّة ماربول التي تمّ توقيعها في عام 1973م للحدّ من التلوث الذي تتسبّب به السفن، كما تمّ توقيع اتفاقيّة باريس التي نصّت على منع التلوث البحري الناتج عن المصادر البريّة عام 1974م، بالإضافة إلى اتفاقية أوسبار التي تمّ توقيعها عام 1992م ونصّت على حماية البيئة البحرية لشمال شرق المحيط الأطلسي.[٧]

وللتعرف أكثر على تلوث البيئة يمكنك قراءة المقال بحث عن تلوث البيئة

المراجع

  1. “Marine Pollution”, www.nationalgeographic.org, Retrieved 30-3-2020. Edited.
  2. ^ أ ب “Marine pollution”, thecommonwealth.org, Retrieved 30-3-2020. Edited.
  3. Andrew Dilevics (24-3-2016), “How Ocean Pollution Affects Humans”، www.planetaid.org, Retrieved 30-3-2020. Edited.
  4. Mette Wilkie (18-9-2017), Impact of pollution on the marine environment, Page 6-8. Edited.
  5. “Marine Pollution and Human Health”, www.worldoceannetwork.org, Retrieved 3-4-2020. Edited.
  6. ^ أ ب “OCEAN PLASTICS POLLUTION”, www.biologicaldiversity.org, Retrieved 30-3-2020. Edited.
  7. ^ أ ب Ainsley Henry, Marine Pollution , Jamaica: National Environment and Planning Agency, Page 16. Edited.
  8. ^ أ ب “Water Pollution “, www.ohio.k12.ky.us, Retrieved 3-4-2020. Edited.
  9. “What you can do to protect our marine environment”, www.mfe.govt.nz, Retrieved 30-3-2020. Edited.