أسباب تلوث البحار

أسباب تلوث البحار

تغطّي البحار والمحيطات أكثر من 70% من سطح كوكب الأرض، كما أن لها تأثيراً كبيراً عليه؛ فهي تتحكم في الطقس، وتساهم في تنقية الهواء من الملوِّثات، وتعتبر مصدراً أساسياً للغذاء والموارد الطبيعية، كما أنّها موطن لكثير من أشكال الحياة على الأرض؛ حيث تعيش فيها أصناف متعددة من الكائنات الحية ابتداءً من الكائنات الدقيقة، إلى أكبر حيوان على هذا الكوكب وهو الحوت الأزرق، ويجدر بالذكر أن البحار تختلف عن المحيطات لأنها أصغر حجماً منها، وهي تقع عادة ضمن منطقة التقاء اليابسة بالمحيطات.[١][٢]

أحدثت الأنشطة البشرية تغييرات ملحوظة في البحار والمحيطات في الآونة الأخيرة؛ حيث أصبحت مياهها موقعاً لتجمّع الأشكال المختلفة من الملوّثات، والتي تشمل انبعاثات الغازات الضارة إلى الغلاف الجوي، والنفايات البلاستيكية والمخلّفات غير القابلة للتحلل، إضافةً إلى النفط المتسرّب إلى البحار والمحيطات، وغيرها الكثير من الملوّثات التي تؤثر عليها بسرعة كبيرة تشكّل خطراً على صحة البيئة والإنسان،[٢] ومن أهم هذه الملوّثات ما يلي:

للتعرف أكثر على أسباب تلوث الماء يمكنك قراءة المقال اسباب تلوث الماء

النفايات والمخلفات

تعتبر النفايات والمخلفات الناتجة عن الملاحة في البحار من الملوثات التي تشهد على تأثير البشر السلبي على البحار، وقد يكون مصدر هذه النفايات من الأنشطة البحرية؛ مثل قوارب الصيد، وناقلات البضائع، إلّا أن نسبة 80% منها يأتي من مصادر برية؛ فالكثير من هذه الملوّثات هو من المخلفات البلاستيكية والمواد المصّنعة التي تعتبر من النفايات التي تركها البشر لينتهي بها الأمر في مياه البحر؛ فقد تُطرح هذه المخلفات مباشرة في المياه، أو على الشواطئ، أو المناطق المرتفعة على بعد أميال من البحار لتنتقل مع مياه الأمطار الجارية لتصب فيها.[٣]

بشكل عام تؤثر هذه النفايات على الكائنات البحرية التي قد ينتهي بها الحال إلى الموت في حال ابتلاعها أو عدم القدرة على الحركة بسببها، كما أنها تؤثر على المناظر الجمالية للبحار والمحيطات، ويمكن للتقليل منها إعادة تدوير النفايات، والتقليل من استخدام المواد البلاستيكية قدر الإمكان، إضافة إلى التخلص من النفايات بوضعها في مكانها الصحيح، مع التأكد من أن أماكن جمعها في الخارج مغلقة تماماً.[٣]

النفط والكيماويات

قد يسبب التلوث النفطي تدمير النظم البيئية البحرية، وعادةً ما يصل النفط إلى مياه البحر مع المياه الجارية القادمة من المدن والمناطق الحضرية، ومن عمليات تعبئة وتفريغ الوقود في القوارب عند الموانئ، وكذلك التسريب النفطي الذي يحدث من الكوارث التي قد تحدث لناقلات النفط في البحار والمحيطات، ويشكّل التسرب النفطي خلال نقل النفط أو تصنيعه نحو 8% من إجمالي أسباب تلوث البحار بسبب النفط، بينما يشكّل التسرب النفطي المرتبط بوقود القوارب نحو 24% منها، وفيما يلي أهم مصادر تلوث البحار بالنفط:[٤]

  • استخدام النفط ومشتقاته: يُستخدم النفط ومشتقاته بكثرة خاصة في المدن والمناطق الحضرية؛ فهو يستخدم كوقود في السيارات، والطائرات، والآلات الزراعية، والقوارب والسفن البحرية، وغيرها؛ فتنتقل البقايا المتناثرة منه على الطرقات عبر المياه الجارية السطحية لتصل في النهاية إلى البحار، إضافة إلى الوقود الناتج عن الطائرات عند التخلّص منه في الجو والذي يصل إلى البحار.
  • نقل النفط: في عام 1989م سبّب خطأ ملاحي في ناقلة النفط إكسون فالديز (Exxon Valdez) انسكاب حوالي 34 ألف طن من النفط الخام في مياه البحر، مما أضر بأعداد هائلة من الحيوانات والطيور البحرية، وكانت تكلفة تنظيفه أكثر من 2.5 مليار دولار، علماً أنه على الرغم من ارتفاع كمية النفط المنقول عبر البحار، إلّا أن الانسكابات المرتبطة بنقل النفط أصبحت نادرة في الآونة الأخيرة.
  • التنقيب عن النفط واستخراجه: تعتبر عمليات إنتاج والتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي من المصادر المهمة لتلوث مياه البحار بالنفط؛ ففي عام 2010م، حدث انفجار في منصة هورايزون (Deepwater Horizon) لاستخراج النفط في خليج المكسيك، الأمر الذي سبّب انسكاب عشرات الآلاف من براميل النفط الخام يومياً ولمدة تزيد عن مئة يوم، ونتيجة لذلك غطّى النفط مساحة تزيد عن 6,475 كيلومتر مربع من مياه البحر، ليعتبر بذلك أكبر تسرّب نفطي بحري في التاريخ. [٣]
  • التسرّب الطبيعي من أعماق البحار: كشف إحدى التقارير الصادرة عن المجلس الوطني للأبحاث (The National Research Council report Oil in the Sea III)، أن المصدر الطبيعي الرئيسي للنفط في البحار هو التسرّب الناتج عن التكوينات الجيولوجية تحت قيعان البحار، وهي تعتبر مصدر وجود نحو 60% منه في البحار في مياه أمريكا الشمالية، و45% من مصدر وجوده في العالم، أما النسبة المتبقية فهي من تأثير الإنسان.

البلاستيك

عندما يتم التخلص من النفايات البلاستيكية بطريقة خاطئة فإنّها تتراكم وتؤثّر سلباً على الأنظمة البيئية المحيطة بها؛ وذلك لأنّ البلاستيك عبارة عن مادة غير قابلة للتحلّل الحيوي، وبدلاً من ذلك فإنها تنقسم إلى أجزاء أصغر يستمر وجودها في البيئة لقرون، ويمكن لهذه الجزيئات أن تسبب موت الكائنات الحية البحرية في حال ابتلاعها؛[٥] حيث تسبب هذه الجزيئات موت الملايين من الحيوانات، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض، كما يمكن لها أن تتراكم في أجسامها.[٦]

تبقى الجزيئات البلاستيكية الصغيرة عند وصولها إلى المحيطات والبحار أسفل سطح الماء مباشرة، وتنتقل مع التيارات البحرية لتتمركز عند الدوامات المائية وتشكّل بقعاً من البلاستيك في المحيطات يصعب تحديد حجمها عادة، إلا أنّه قُدّر بأن بعضها يحتوي على نحو مليوني قطعة من البلاستيك الصغير لكل ميل مربع.[٥]

مخلّفات المصانع

تطلق العديد من الصناعات أطناناً من الانبعاثات الخطرة إلى الغلاف الجوي كل عام، لتنتقل هذه الملوثات عن طريق الهواء وتصل إلى مياه البحار والمحيطات من خلال الترسيب الجوي، وذلك عندما تهطل الذرات العالقة منها في الهواء الجوي مع مياه الأمطار والثلوج، كما تساهم بعض المرافق الصناعية، ومحطات تنقية مياه الصرف الصحي، وأنشطة التعدين في تلوث البيئات المائية من خلال طرح المخلّفات من المواد الكيميائية السامة مباشرة في مياه البحار.[٧][٤]

الأسمدة والعناصر المغذية

قد تصل المياه الغنيّة بالمغذيات وبقايا الأسمدة إلى مياه البحار والمحيطات حتى من المناطق البعيدة؛ بطرق عدة كما يلي:[٣]

  • تتسرب الأسمدة والمغذيات من الأراضي الزراعية عادة عبر مجاري المياه السطحية إلى الأنهار الكبيرة، لتحمل الأنهار هذه المغذيات إلى مياه البحار والمحيطات، كما يحدث في نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فخلال النصف الأخير من القرن العشرين تضاعفت كمية النيتروجين المتراكمة فيه ثلاث مرات.
  • تتسرب الأسمدة عبر التربة بعد ريها أو سقوط الامطار إلى طبقات المياه الجوفية، ثم تصل إلى المياه الساحلية مع تدفق المياه الجوفية، وتنتقل هذه العناصر مع التيارات البحرية.
  • يمكن للعناصر المغذية أن تترسب مباشرة من الهواء مباشرة في المحيط أو في المياه الجارية نحوه.

تسبب زيادة العناصر المغذية مثل النيتروجين والفسفور في البحار والمحيطات تحفيز نمو الطحالب والنباتات البحرية في ظاهرة تسمّى التخثث (بالإنجليزية: Eutrophication)، وعندما تموت هذه النباتات وتتحلل في القاع، فإنّها تستهلك معظم الأكسجين في الماء، ممّا يؤدي إلى نقصه، وبالتالي القضاء على الحياة البحرية في تلك المناطق.[٣]

مياه الصرف الصحي

تصل معظم مياه الصرف الصحي في بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية إلى البحار والمحيطات بعد معالجتها بواسطة محطات المعالجة قبل تصريفها فيها، وفي المقابل قد يتم تخزينها في خزانات خاصة في حال عدم القدرة على ذلك، إلا أن عدم صيانة هذه الخزانات قد يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية التي قد تتدفق إلى المياه السطحية أو المياه الساحلية مسببة تلوّثها، وفي بعض الأحيان قد تتلوث مياه البحار بسبب التسرّب الناتج عن عدم كفاءة مرافق الصرف الصحي، ومحطات المعالجة، وأنظمة الصرف الصحي، بسبب قدمها، أو بسبب بعض الحوادث التي قد تتعرّض لها.[٣]

عند تلوث مياه البحار بالبراز فهو غالباً ما يتبدد ويختفي خلال عدة أيام، لكن بقاءه على الشاطئ يُعطي فرصة أطول للبكتيريا ومسببات الأمراض للبقاء، وكذلك الحال بالنسبة للفضلات التي تتركها الحيوانات والماشية على التربة، والتي قد تنتقل مع مياه الأمطار الجارية والجداول لتسبب تلوّث الشواطئ ومياه البحار.[٣]

تحتوي مياه الصرف الصحي المنزلية على بكتيريا، وفيروسات، ومواد كيميائية، ومغذيات، لذلك يُسبّب التعرّض المباشر للمياه الملوثة بمياه الصرف الصحي من خلال السباحة فيها أو شربها، إلى أضرار صحية عديدة؛ مثل الطفح الجلدي، وآلام في الأذن والمعدة، والإسهال والقيء، وغيرها الكثير من الأمراض، وتُعتبر الأمراض المنقولة بواسطة المياه الملوثة كذلك سبباً رئيسياً للوفاة في البلدان النامية، ومن ناحية أخرى يُسبب تلوث مياه البحار بمياه الصرف الصحي آثاراً اقتصادية عديدة؛ حيث يسبب تلوث الأسماك والمحار، كما تقلل المياه الملوثة من مناسبة المياه للسباحة وحركة القوارب، كما يمكن لها أن تسبب إغلاق الشواطئ والتأثير على قطاع السياحة، وتؤدي الإصابة بالأمراض الناتجة عن تلوث المياه كذلك إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وفقدان أيام من العمل بسبب الإصابة بالأمراض.[٣]

للتعرف أكثر على تلوث البحار يمكنك قراءة المقال تلوث مياه البحر

وللتعرف أكثر على تلوث البيئة يمكنك قراءة المقال بحث عن تلوث البيئة

المراجع

  1. NOAA (3-4-2019), “What’s the difference between an ocean and a sea?”، www.oceanservice.noaa.gov, Retrieved 14-4-2020. Edited.
  2. ^ أ ب Melissa Denchak (22-1-2018), “Ocean Pollution”، www.nrdc.org, Retrieved 14-4-2020.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د “Pollution in the Ocean”, www.aquariumofpacific.org,1-5-2009، Retrieved 14-4-2020. Edited.
  4. ^ أ ب Mariann Lloyd-Smith, Joanna Immig (1-10-2018), “OCEAN POLLUTANTS GUIDE”، www.ipen.org, Retrieved 14-4-2020.
  5. ^ أ ب Patrick Johnston, Priyanka Ketkar, “Plastic Pollution and Our Oceans: What Everyone Should Know”، camd.northeastern.edu, Retrieved 30-4-2020. Edited.
  6. Simon Harding (2016), MARINE DEBRIS: UNDERSTANDING, PREVENTING AND MITIGATING THE SIGNIFICANT ADVERSE IMPACTS ON MARINE AND COASTAL BIODIVERSITY, Canada: the Secretariat of the Convention on Biological Diversity , Page 19, 20. Edited.
  7. “Water Pollution”, www.ohio.k12.ky.us, Retrieved 15-4-2020. Edited.