كيف نحافظ على نهر الأردن

أهميّة نهر الأردنّ

يمتلك نهر الأردن أهميّة دينيّةً وحضاريّة؛ إذ يُعتقَد أنّ النبيّ عيسى عليه السلام قد عُمِّد فيه؛ ولذلك فهو يُعتبَر وجهةً للحُجّاج المسيحيّين، كما وقعت فيه العديد من المعارك التاريخيّة، ودُفِن على ضفافه الشرقيّة أربعةٌ من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد كان نهر الأردنّ عبر السنين ممرّاً لهجرة البَشر من أفريقيا، إضافةً إلى أنّه تمّ اكتشاف عددٍ من المُدن الرومانيّة، والقلاع الصليبيّة في المنطقة، ومن ناحيةٍ أُخرى أوجَدَ النهر نظاماً بيئيّاً غنيّاً ومُتنوِّعاً، بسبب تدفُّقه دون أيّ مُعوِّقاتٍ من بحيرة طبريا وصولاً إلى البحر الميّت، كما اُعتبِر واحداً من أهمّ ممرّات الطيور المُهاجرة التي يُقدَّر عددها بحوالي 500 طيراً.[١]

يُعدُّ نهر الأردن منطقةً مَحميّة، وقد أخذ نهر الأردنّ أهميّته من احتوائه على طُرُقٍ وجسورٍ مُهمّة، تساعد على الانتقال بين مُختلَف المناطق فيه، كما يُوجَد معبران حدوديّان بين الأراضي الفلسطينيّة والأردنّ فوق الجسور، وعلى مدى عدّة قرون، كانت أجزاءٌ من النهر تُعَدُّ المصدر الرئيسيّ للريّ لدى المجتمعات المختلفة التي تعيش على طول ضِفافه، ويُعتبَر نهر الأردنّ واحداً من أهمّ مصادر المياه في فلسطين منذ عام 1964م،[٢] وقد اكتسب نهر الأردن أهميته من خلال من عبروه في الاتجاهين من أنبياء ورسل وجيوش وشعوب،[٣] وقربه من مكانٍ مقدس للحج الديني والروحي في منطقة البحر الميت، بالإضافة إلى دفء مناخه وأراضيه الخصبة.[٤]

الخطر الذي يُواجه نهر الأردنّ

تمّ استهلاك حوالي 96% من تدفُّق مياه النهر خلال السنوات الخمسين الأخيرة؛ بسبب النزاع على مياه النهر من قِبَل الدُّول المجاورة له، والتي عملت على تحويل مياه بعض منابع النهر، أمّا المياه المُتبقِّية في نهر الأردنّ فهي تُعَدُّ مياهاً مالحةً ومُلوَّثة بمياه الصَّرف الصحّي، والنفايات الزراعيّة، ممّا أدى على جَعل النهر في أماكن مُحدَّدة مُشابِهاً نوعاً ما لقناةٍ راكدة، ومن الناحية التاريخيّة، رَبط نهر الأردن النُّظُم البيئيّة في آسيا وأفريقيا، كما كان ملاذاً للعديد من أنواع النباتات والحيوانات، إلّا أنّه بسبب جفاف النهر، وضحالة مياهه؛ حيث أصبح منسوب المياه ينخفض إلى حوالي متر واحد سنويّاً، نشأت العديد من المشاكل البيئيّة في الوادي، وفُقِد أكثر من نصف التنوُّع البيئيّ الموجود فيه.[٢]

تُعتبر مياه نهر الأردن مياهاً مالحةً لا تصلح للشرب أو ريّ المزروعات،[٥] ونظراً للتغيّر المناخي فإنه من المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة في وادي نهر الأردن بمقدار 4.5 درجة مئوية وأن تنخفض نسب هطول الأمطار 30%، مما سيؤدّي إلى ضعف تدفّق مياه النهر بنسبة 75% وزيادة جفاف المنطقة، كما سيؤدّي التغير المناخي إلى انخفاض تغذية النهر من روافده التي ستجف أو يقلُّ منسوبها نظراً لانخفاض نسب هطول الأمطار على الجبال، بالإضافة إلى تقليل جودة مياه النهر بسبب ارتفاع نسب النيتروجين فيها، وارتفاع معدلات تبخرها.[٦]

المساعي الدولية للحفاظ على نهر الأردن

تبذل بلديات وحكومات الدول التي يمرُّ نهر الأردن من خلالها جهوداً كبيرةً لمنع أو تقليل تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في النهر وإنشاء محطاتٍ لمعالجة المياه في المنطقة، كما تسعى جمعية أصدقاء الارض-الشرق الأوسط؛ التي تُعرف بالاختصار (FoEME) لتنفيذ خطةٍ تنمويةٍ لوادي نهر الأردن تأخذ بعين الاعتبار نظامه البيئي المتهالك وحقَّ مواطنيه في الاستفادة من ثرواته الطبيعية، وتُقدّم توصياتٍ ومقترحاتٍ علمية واقتصادية لزيادة منسوب مياه نهر الأردن بمقدار 400-600 مليون متر مكعب من الماء العذب.[٧]

توصي الجمعية بمنع صبّ مياه الصرف الصحي غير المعالجة فيه، وضمان فيضانه مرّةً واحدةً على الأقلِّ سنوياً للحفاظ على النظام البيئي للمنطقة، كما تُحدِّد مقدار تدفّق النهر ومعايير جودة مياهه، وتقترح حلولاً لتقليل تلوثّه، وتدعم برامج إعادة تأهيل المنطقة بيئياً، وتُقدّم خططاً لدعم السياحية البيئية في المنطقة، كما تسعى الجمعية للحصول على دعمٍ دولي لتحقيق إدارة مشتركة للوادي وتنفيذ خطة العمل المقترحة لإعادة إحياء المنطقة من خلال تنظيم نسب اعتماد الدول المجاورة على مياه النهر.[٧]

سخَّّرت جمعية أصدقاء الأرض-الشرق الأوسط جهودها لخدمة نهر الأردن منذ تأسيها عام 1994م من خلال إجراء الأبحاث العلمية والاجتماعية، والحصول على تأييدٍ دولي لإعادة إحياء المنطقة وتطويرها وتنظيم استفادة الدول المجاورة من الثروات المائية المشتركة، بمساعدةٍ من الشباب، والكبار، والمحافظين، ومُمثّلي بلديات 25 منطقةٍ في الدول المجاورة 11 منهم من منطقة نهر الأردن الأدنى لتحقيق الآتي:[٨]

  • رفع مستوى الوعي العام بمشكلة نهر الأردن الأدنى من خلال نشر عشرات المقالات في الصحافة المحلية والعالمية.
  • إشراك أصحاب المصالح والمؤسسات في لجانٍ استشارية محلية وإقليمية وتنظيم اجتماعاتٍ لهم؛ لدراسة كيفية إعادة تأهيل منطقة وادي الأردن.
  • عقد مؤتمر عام لمصادقة وزراء البيئة للدول المجاورة لنهر على الحاجة لإعادة تأهيل نهر الأردن الأدنى.
  • موافقة أصحاب القرار في الدول المجاورة على توسيع خطة المنظمة لتشمل أراضيهم الواقعة على ضفاف نهر الأردن الأدنى.

وللتعرف أكثر على معالم الأردن الأخرى يمكنك قراءة المقال معالم الأردن

المراجع

  1. د. سامر طلوزي، بنان الشيخ، إليزابيث يعاري، وآخرون، “نحو إعادة الحياة إلى نهر الأردن: تقرير التدفق البيئي “، ecopeaceme.org، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب Aliasgar Abuwala (25-4-2017), “Jordan River – Unique Places In The Middle East”، www.worldatlas.com, Retrieved 18-5-2018. Edited.
  3. د. محمد وهيب (2003)، نهر الأردن بحث فی الجانب الشرقی بین المصادر التاریخیة والاکتشافات الأثریة الحدیثة، مصر: المجلة العلمية للاتحاد العام للآثاريين العرب، صفحة 1، جزء 4. بتصرّف.
  4. “نهر الأردن”، www.jordanhistory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-8. بتصرّف.
  5. Nidal A. Hadadin and Zeyad S. Tarawneh (2007), Environmental Issues in Jordan, Solutions and Recommendations , USA: American Journal of Environmental Sciences , Page 32, Part 3 (1). Edited.
  6. “Social & Environmental Geographies of the Jordan River”, storymaps.arcgis.com,2019-12-3، Retrieved 2020-7-8. Edited.
  7. ^ أ ب FRIENDS OF THE EARTH MIDDLE EAST (2014-6), “RIVER OUT OF EDEN: WATER, ECOLOGY, AND THE JORDAN RIVER IN ISLAM”، ecopeaceme.org, Retrieved 2020-7-8. Edited.
  8. “Public Participation Guide: Jordan River Rehabilitation Project, The Lower Jordan River”, www.epa.gov, Retrieved 2020-7-8. Edited.