وأمر من عللي تخلي ناظري – الشاعر البحتري
وأَمرُّ مِنْ عِلَلِي تَخَلِّي ناظِري
عَنْ حُسْنِ وَجْهِ خَلِيفَةِ الرَّحْمنِ
البَرْجُ مِنْ رَحَبٍ ومِنْ تَمُّوزِهِ
والعَيْشُ فِي آبٍ وفي شَعْبَانِ
فِي حَيْثُ أَطْلَقَتِ الشَّمَالُ عِقَالَها
وَدَنَا الخَرِيفُ بقَطْرِهِ المُتَدَانِي
ما لِلْمُدَامَةِ بَعْدَ طُولِ وِصَالِها
صَدَّتْ صُدُودَ مُجَانِبٍ غَضْبَانِ
لاَذَتْ بِحَرِّ القَيْظِ فامْتَنَعَتْ بِهِ
وتَعَوَّذَتْ بالقُرْبِ مِنْ رَمَضَانِ
فَلَئِنْ سَلِمْتُ لأَرْوِيَنَّ صَحَابَتي
مِنْ كُلِّ بِكْرٍ فِي الدِّنَانِ حَصَانِ
حَتَّى أَرَاني كُلَّ مُظْلِمِ لَيْلَةٍ
بَيْنَ الصَّحِيحِ العَزْمِ والنَّشْوَانِ
لِلشَّهْر أَنْ تَدَعَ المَلاَهِي كُلَّها
فِيهِ وإِنْ كَرُمَتْ عَلَى النَّدْمَانِ
اللهُ لِلْمُعَتزِّ جَارٌ ، إِنَّهُ
جَارُ لَنَا مِنْ رَيْبِ كُلِّ زَمَانِ
المُصْطَفَى للمُؤْمِنِينَ خَلِيفةً
والمُرْتَضَى لِحِيَاطَةِ الإِيمانِ
مَلِكٌ نَعُدُّ العَفْوَ منهُ خَلِيقَةٍ
والعَفْوُ خَيْرُ خَلائِقِ الإِنْسانِ
أَعْطَى الرَّعِيَّةَ سُؤْلَها مِن عَدْلِهِ
فِي السِّرِّ مُجْتَهِداً وفي الإِعْلاَنِ
وأَنَالَها مِنْ سَيْبهِ ونَوَالِهِ
أَفْضَالَ لا مُكْدٍ ولا مَنَّانِ
جُمِعَتْ قُلُوبُهُمُ إِلَيْهِ بِبَيْعَةٍ
كَانَتْ شَبِيهَةَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ
أُثْنِي بأَنْعُمِهِ الَّتي هُوَ أَهْلُهَا
ودِرَاكِ جَدْوَاهُ الَّذِي أَوْلاَنِي
مَنْ شَاكِرٌ عَنِّي الخَلِيفَةَ فِي الَّذِي
أَوْلَى مِنَ الإِفْضَالِ والإِحْسَان؟
حَتَّى لَقَدْ أَفْضَلْتُ مِنْ أَفْضَالِهِ
ورَأَيْتُ نَهْجَ الجُودِ حِينَ أَرَانِي
مَلأَتْ يَدَاهُ يَدَي وشَرَّدَ جُودُهُ
بُخْلِي فأَفْقَرَنِي كَمَا أَغْنَانِي
وَوَثِقْتُ بالخَلَفِ الجَميلِ مُعَجَّلاً
مِنْهُ فأَعْطَيْتُ الَّذي أَعْطَاني