محمد ما آمالنا بكواذب – الشاعر البحتري
مُحَمّدُ! مَا آمَالُنَا بكَوَاذِبِ
لَدَيْكَ، وَلا أيامنا بشواحب
دَعَوْنَاكَ مَدْعُوّاً إلى كُلّ نَوْبَةٍ،
مُجيباً إلى تَوْهينِ كيد النّوَائبِ
بعَزْمِ عُمُومٍ مِنْ مَصَابيحِ أشعَرٍ،
وَحَزْمٍ خُؤولٍ مِنْ لُؤيّ بنِ غالِبِ
لَغِبتَ مَغيبَ البَدرِ عنّا، وَمَن يَبِتْ
بلا قَمَرٍ يَذْمُمْ سَوَادَ الغَياهِبِ
فكَم من حَنينٍ لي إلى الشّرْقِ مُصْعَدٍ،
وَإنْ كانَ أحْبابي بأرْضِ المَغارِبِ
وَما التَقَتِ الأحشاءُ، يَوْمَ صَبَابةٍ،
على بَرَجاءٍ مِثْلِ بُعدِ الأقارِبِ
ولا سُكبَتْ بِيضُ الدّموعِ وَحُمرُها
بحَقٍّ، على مِثلِ الغيوثِ السّوَاكِبِ
رَحَلْتَ فلَمْ آنَسْ بمَشْهَدِ شاهدٍ،
وَأُبْتَ فلَم احفِلْ بغَيْبَةِ غائِبِ
قَدِمْتَ فأقدَمتَ النّدى يحملُ الرّضَا
إلى كلّ غضْبانٍ، على الدّهرِ، عاتِبِ
وَجِئْتَ، كَما جَاءَ الرّبيعُ، محَرِّكاً
يَدَيْكَ بِأخْلاقٍ تَفي بالسّحائِبِ
فعَادَتْ بكَ الأيّامُ زُهراً كأنّما
جَلا الدّهرُ منها عن خُدودِ الكَوَاعبِ
أبَا جَعفَرٍ! ما رَفْدُ رِفْدٍ بمُسْلِمي
إلى مَذهَبٍ عَنكُمْ، وَلا سَيبُ سائبِ
فمَن شاءَ فَليَبخُلْ، وَمن شاءَ فليَجُد،
كَفاني نَداكمْ من جَميعِ المَطالبِ
وَمَا أنسَ لا أنسَ اجتِذابَكَ همّتي
إلَيكَ، وَتَرْتيبي أخَصَّ المَرَاتِبِ
صَفِيُّكَ مِنْ أهل القَوَافي بزَعمِهمْ،
وَأنتَ صَفيّي دونَ أهلِ المَوَاهبِ
حَلَفْنَاهُ حِلْفاً بَيْنَنَا، فتَجَدّدَتْ
مَناسبُ أُخرَى بَعدَ تلكَ المَناسِبِ
فيَا خَيرَ مَصْحوبٍ، إذا أنَا لمْ أقُلْ
بشُكْرِكَ، فاعلَمْ أنّني شرُّ صَاحبِ
بمنظومة نظم اللآلى يخالها
عليك سراة القوم عقد كواكب