هل يعد شرح الأبيات الشعرية من بسط الموجز

يعد شرح الأبيات الشعرية من بسط الموجز

الشعر من أقدم الفنون الأدبية اروعها في آن واحد، فهو وصف للطبيعة والحياة والمشاعر، وقد أبدع الجاحظ في وصفه الدقيق للشعر عندما قال: “شيء تجيش به نفوسنا فتقذفه على ألسنتنا”، وغالبًا ما يكون الشعر بليغٌ في معناه فلا يحتاج الشاعر لكتابة عريضة من الكلمات حتى يصف حالته، بل يكفيه بضع كلمات بليغة تصف المعنى بشكل وافي وكافي.

لذلك تحتاج الأبيات الشعرية إلى شرح وبسط لفهم معناها وبلاغتها وإيضاح المقصود منها.

وبسط الموجز هو بسط وتفصيل وشرح ما أوجز (أي ما اُختصر أو أُجمل)، وهو تحويل العبارة من لغة مكثفة وكلمات مقتضبة إلى لغة مخففة وذلك عن طريق الإطناب أي الشرح باستفاضة بما يناسب المقام.

ويمكن تعريف بسط الموجز أنه الإسهاب في الكتابة والشرح لفكرة في عبارة سواءً كانت آية قرآنية أو حديث نبوي أو بيت شعر.

فإن بسط الموجز من عناصره الأساسية هو شرح الأبيات الشعرية لمزيد من التفصيل لفهم المعنى ووضوح المراد بدون حشو أو عدم فائدة.

أهمية بسط الموجز

  • تفسير الآيات القرآنية والوقوف على معناها الصحيح.
  • تفسير الأحاديث النبوية والمراد منها حتى نتبعها بشكل صحيح.
  • شرح الأبيات الشعرية.
  • تفصيل القرارات الإدارية وما المقصود منها.
  • شرح الكلام المبهم، ورد الكلام إلى أصله وفهم المقصود منه.

كما ذكرنا فإن بسط الموجز هو تفصيل وشرح للموضوع بما يناسبه لزيادة المعنى، فأكثر ما قد نريد فهمه هو تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية لأننا مأمورين بالعمل بها فكيف نعمل بها ونحن لا نفهمها؟

كذلك الأبيات الشعرية وشرحها، فإن الشعر فن أدبي بليغ يحتاج إلى الإطناب في شرحه والاسترسال لوضوح المعنى وتسهيل الفهم كما في قصيدة “نص البردة” لكعب بن زهير والمعروف أنها كانت في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أتي مطلع القصيدة بـ:

بـانَـتْ سُعــادُ فَقَلْبـي اليَــوْمَ مَتْبــولُ ** مُتَيَّــمٌ إثْــرَها لـم يُــفَــدْ مَـكْـبـــولُ

وَمَــا سُعَــادُ غَــداةَ البَيْــن إِذْ رَحَلوا ** إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

ومن دون شرح أو إطناب أو بسط للموجز هنا لا يفهم القارئ لماذا افتتح كعب بن زهير القصيدة بـ سعاد! وهو يمدح النبي في هذه القصيدة ولكن مع الإطناب في شرحها وبسط موجزها نجد أنه استخدم اسم “سعاد” رمزية للسعادة، والمقصد من القول إنه يقصد أنه السعادة في الدنيا زائلة وهو يرجوا أن ينال السعادة بعفو النبي عنه. [1] [2]

استراتيجية الكتابة في بسط الموجز

هناك بعض النقاط التي يجب مراعاتها عند بسط أي موضوع والإطناب في شرحه لتحقيق الاستفادة المرجوة من إطناب وبسط شرح هذا النص وتوصيل فكرته بشكل كامل دون إنقاص، وتكمن تلك النقاط في:

  • وضوح الفكرة.
  • تسلسل الأفكار تسلسلًا منطقيًا:حيث أنه إن كان هناك ترتيب زمني مثلًا في الموضوع فلا يجب أن أرتب الأفكار بشكل عشوائي، وعدم مراعاة الترتيب الزمني لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بالنص بأكمله.
  • تنظيم الأفكار والربط بينها.
  • الأسلوب الجيد في الكتابة.
  • الاهتمام بالكتابة الصحيحة للغة سواءً الإملائية أو النحوية.
  • الانتقال ببراعة وسلاسة بين الأفكار. [1]

الإطناب

هو كل كلام زاد فيه اللفظ عن المعنى بفائدة لإيضاح مقصده.

وقد قال أحد البلاغيين عن الإطناب: “البلاغة الإيجاز في غير عجز والإطناب في غير خطل”، أي أنه أحد الأساليب البلاغية التي تستخدم لشرح المقصد أو الموضوع.

وذلك ما أوضحه أبو هلال العسكري في توضيح الفرق بين الإيجاز والإطناب: أننا نحتاج لكليهما في الكلام، ولكل واحد موضعه بحسب الكلام والمقام المناسب، فأحيانًا يكون الحاجة إلى الإيجاز في الشرح وأحيانًا نحتاج إلى الإطناب.

تكمن أهمية وبلاغة الإطناب في أنه يكون ذو فائدة، فلا بلاغة للإطناب إذا ذُكر دون فائدة كما جاء في بيت الشعر: “وأَعْلـَمُ مَافِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَـهُ *** وَلكِنَنِـي عَنْ عِلْمِمَافِي غَدٍ عَـمِ” فلا فائدة من ذكر لفظة (قبله) بعد الأمس فهذا ليس إطناب وإنما تطويل لأنه بلا فائدة ولم يُعطى أي بُعد للمعنى. [3] [4]

وقد جاء الإطناب في القرآن الكريم في قوله تعالى: “فوسوسَ إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد ومُلكٍ لا يبلى” والإطناب هنا هدفه الإيضاح بعد الإبهام، فقد وسوس الشيطان إلى سيدنا آدم ولكن لا نعلم ماذا قال له، ثم جاء النص القرآني لتوضيح ما قد أُبهم وذكر الكلمات التي وسوس الشيطان بها لسيدنا آدم -عليه السلام-. [5]

أنواع الإطناب

  • ذكر الخاص بعد العام.
  • ذكر العام بعد الخاص.
  • التكرار.
  • التفصيل بعد الإجمال.
  • الاعتراض.
  • التذييل.

ذكر الخاص بعد العام: كما جاء في الآية الكريمة: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ” فقد جاء ذكر الصلاة الوسطى خاصة بعدما ذُكرت الصلاة إجمالًا.

ذكر العام بعد الخاص: كما جاء في قوله تعالى: ” وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ” ويأتي ذكر العام بعد الخاص لإفادة العموم مع توضيح أهمية الخاص أو التركيز عليه.

التكرار: يأتي التكرار لأربعة أسباب هم: التأكيد، التلذذ، الاستيعاب، طول الفصل.

فقد يأتي التكرار للتأكيد كما في قوله تعالى: “كلا سوف تعلمون – ثم كلا سوف تعلمون”، ولطول الفصل كما في قوله تعالى: ” ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ “.

أما التكرار بهدف التلذذ فقد جاء في بيت الشعر التالي: سقى الله نجدًا والسلامُ على نجدِ *** ويا حبذا نجدٌ على القرب والبُعدِ، فقد كرر الشاعر هنا لفظة نجد لحبه والتلذذ بذكرها، والتكرار للاستيعاب مثل: قرأت الكتاب فصلًا فصلًا وهذا للتأكيد على أنه استوعب بشكل كامل ووافي.

التفصيل بعد الإجمال: أي أنه بعد ذُكر المجمل تم تفصيله كما في الآية: ” وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ” فالمجمل هو (الأمر) وتم تفصيله في (أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين).

الاعتراض: وهو أن يقطع الجملة لفظة اعتراض قد يكون الغرض منها: الدعاء، أو التنزيه، أو الاحتراس.

التذييل: وهو الإتيان بجملة عقب الجملة بنفس معناها بهدف الشمول وتأكيد المعنى كما في قوله تعالى: (َقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا). [4]