هل المذي ينقض الوضوء

المذي ينقض الوضوء

نعم.

تتسائل عن المذي، وهل خروجه ينقض الوضوء أم لا؟ إن المذي كغيره من الأشياء المعتاد خروجها من إحدى السبيلين، مثل: (البول، والغائط، والمني، والمذي، والودي، والريح، ودم الحيض، والنفاس)، اتفق الفقهاء على أن خروج أحدهم ولو القليل منه ينقض الوضوء، ويختص المذي بشرط ظهوره خارج الفرج، فإن لم يظهر عند القعود لقضاء الحاجة لا يعتبر خارجاً عن الفرج، ولا يعتبر ناقضاً للوضوء، فقد وردنا عن علي رضي الله عنه أنه قال:

(كنتُ رجلًا مذَّاءً، وكنتُ أستحيِي أنْ أسألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِمكانِ ابنَتِه، فأمرتُ المِقدادَ بنَ الأسودِ، فسأَلَه، فقال: يَغسِلُ ذَكَرَه ويتوضَّأُ).

هل المذي يوجب الغسل

لا.

يوجب خروج المذي الوضوء، ولكنه ليس موجباً للغسل، فلا يجب عليك تغيير ثيابك، أو غسل الموضع الذي أصابه المذي، فقط انضح المكان الذي أصابه المذي بالماء، فهذا كافي لتطهير الموضع، أما عن تطهير الجسد، فغسل الذكر والأنثيين، وأي جزء آخر أصابه المذي من جسدك، ثم الوضوء كافين، أما ما يوجب الغسل عند خروجه هو المني، حيث يخرج بلذة دفقاً، وقد يخرج أثناء النوم.[3][4]

حكم خروج المذي بشهوة والتفكير

تطهير مكان خروج المذي، والثياب التي أصابها، ثم الوضوء.

مع الشعور بالشهوة قد يخرج سائلاً من الفرج، فإن كان مذيًا أوجب الاستنجاء، والوضوء، وتطهير الجزء الذي أصابه من الثوب، وإن كان منيًا أوجب الغسل، ولأنها مسألة فارقة كما ترى على كل مسلم أن يعرف الفرق بين المذي، والمني، إليك الفرق بين المذي والمني وحكمهما للمرأة:

فالنووي يشرح خصائص مني المرأة فيقول: (فهو أصفر رقيق، وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يُعرف بواحدة منهما: إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية التلذذ بخروجه، وفتور شهوتها عقب خروجه)، أما خصائص المذي: (فهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة، لا بشهوة، ولا دفق، يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويشترك الرجل، والمرأة فيه).

إذا شككت في أن ما خرج منك مذيًا أم منيًا، فإنك مخيراً بين الالتزام بحكم المني، أو المذي، فأي الحكمين أتيت فقد برأت من الحدث، أما إذا كنت تتعمد التفكير في أمور قد تثير شهوتك للجماع، فإن ما ينزل من الفرج قد يأخذ حكم الجنابة، فقد ورد عن رسولنا الكريم صلَّ الله عليه وسلم أنه قال:

(إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها)، فما خطر على بالك دون تعمد منك لا ذنب فيه، أما ما تعمدت التفكير فيه، وتلذذت بتخيله فهو يأخذ حكم الجماع، ويوجب الغسل دون شك، وانتبه لما صليته من صلوات قبل ذلك ولم تكن تعلم بالأحكام السابقة، لأن عليك إعادتها.[5]

هل المذي يبطل الصيام

اختلف الفقهاء بين كون خروج المذي مفسدًا للصيام، أو لا.

يرى الحنابلة أن خروج المذي يبطل الصيام في حالة نزوله بسبب اللمس، أو التقبيل، وغير ذلك من الأسباب المباشرة، أما إن كان نزوله بسبب النظر فليس مفطراً، أما الحنفية والشافعية فرأيهم أن خروج المذي لا يبطل الصيام مطلقًا، ولا يبطل الصيام إلا نزول المني، وليس المذي.

علَّق الشيخ ابن عثيمين على مذهب الحنابلة قائلاً: (ولا دليل له صحيح، لأن المذي دون المني لا بالنسبة للشهوة ولا بالنسبة لانحلال البدن، فلا يمكن أن يلحق به، والصواب: أنه إذا باشر فأمذى، أو استمنى فأمذى أنه لا يفسد صومه، وأن صومه صحيح، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله)، وهو الرأي الذي تبناه الشيخ ابن باز أيضًا، فهو يرى أن نزول المذي لا يفسد الصوم لأي سبب حتى وإن كان مشاهدة أفلاماً بها من العري ما بها، أو بسبب تقبيل الزوجة.[6]

هل المذي نجس

نعم.

ذهب جمهور الفقهاء إلى نجاسة المذي، ولكن هناك خلافاً في تلك المسألة، حيث ذهب الحنابلة إلى كونه طاهراً مثل المني، ولكن القول بنجاسته أقوى، حيث وردت الأدلة في هذا الصدد، ربما لم يقل الرسول صلَّ الله عليه وسلم أن المذي نجس، كما انه لم يقل أن البول، أو الغائط نجس، ولكنه أمرنا بغسل الذكر، ونضح المذي لتطهير الثوب، وأمر صحابته الكرام بصب الماء فوق بول الأعرابي الذي بال بالمسجد، وأمرنا الشرع الحنيف بالاستنجاء، لذا فقد توصَّل العلماء لنجاسة ما أمر بالتطهر منه.

لو كان المذي غير نجسًا لما أُمر بنضحه، ربما هو نجساً نجاسة مخففة كبول الغلام الذي لم يطعم إلا لبناً، ولكنه ليس طاهراً كذلك، قد اختلفوا كذلك هل نجاسته مخففة، أم أن الأمر بنضحه بدلاً من رشه جاء لتخفيف المشقة وحسب، يقول أحمد: (أنه يعفى عن يسيره كالدم, وعنه رواية ثالثة: أن نجاسته مخففة، يجزىء نضحه بالماء، كبول الغلام الذي لم يأكل الطعام، لعموم البلوى به، ومشقة الاحتراز منه).

كما قال بعض الفقهاء أن النضح هو الغسل، حيث قال بدر الدين العيني في شرح البخاري: (النضح هو صب الماء، لأن العرب تسمي ذلك نضحا وقد يذكر ويراد به الغسل وكذلك الرش يذكر ويراد به الغسل).[7]

هل المذي على الملابس يبطل الصلاة

نعم.

تعتبر طهارة المكان شرط من شروط صحة الصلاة، وسقوط شرط من شروط صحتها يبطلها، يجب نضح المذي الذي أصاب الثياب، إن لم تغسله، فإن النضح يكفي، لحديث سهل بن حنيف قال: (كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال، فسألت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء، قلت: يا رسول الله، فكيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه).

لا تصح صلاة من أصاب ثوبه مذيًا ثم لم يطهره، لأنه نجس، ولا تصح الصلاة بثوبٍ نجس، روي عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال لأسماء في دم الحيض: (حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه وصلِّي فيه)، أي أنه لا يصح لمسلمٍ الصلاة بثوبٍ أصابته النجاسة.

تصح صلاة من صلى مرتديًا ثوبًا أصابه المذي ولم ينضحه او يغسله في حالة واحدة، وهي أنه نسي أن يطهِّر ثوبه، أو أنه لم يدرك وجوده على ثوبه إلا بعد أدائه للصلاة، فقد روي عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه خلع نعليه أثناء الصلاة، فخلع القوم نعالهم، فعندما فرغ من الصلاة قال لهم: مالكم خلعتم نعالكم؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا، قال إني لا أخلعها من بأس، ولكن جبريل أخبرني أن فيها قذراً.

يبنى على حديث النبي صلَّ الله عليه وسلم أن الجهل لا يبطل الصلاة، لأنه لو كان يبطل الصلاة لما كان النبي أكمل صلاته وبنى على ما أداه منها مرتدياً نعلين قذرين، والنسيان يقاس على الجهل، قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، فالنسيان والخطأ، أو الجهل لا يبطلان الصلاة، وردنا عن أبي ذر عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).[8]