ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار .. صح ام خطأ ؟
ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار
إجابة خاطئة؛ فلا يصح قول أنه ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار.
إن مفهوم الحوار عميق، فالحوار لا يهدف إلى تبادل الحديث بين طرفين فحسب؛ وإنما هدفه الأسمى هو إثراء المعرفة، ومناقشة أفكار موضوع محدد، ومهما تعددت أنواع الحوار إلا أن الصدق والأمانة هي الأساس ولا يجب السماع لمن يدعي أنه ليس من الضروري الإلمام بموضوع الحوار.
إن موضوع الحوار لركن أساسي في منظومة الحوار ككل، ولا ينبغي التغافل عن معرفة الموضوع أو أطرافه، لأن أهم ما يميز الحوار الجيد أنه يقوم على مشاركة مجموعة من الأطراف بدايةً من طرفين فأكثر، ويتشارك هؤلاء في مناقشة موضوع محدد بهدف الوصول إلى الحقائق، واستنتاج بعض النتائج التي قد تؤدي إلى الخروج من الحوار بأفكار جديدة وهادفة.
بل ويعد الإلمام بموضوع الحوار أحد أبرز الركائز التي تساعد على نجاح الحوار، لهذا يجب أن يكون يُحدد موضوع الحوار قبل البدء في المناقشة وذلك بالاتفاق مع جميع الأطراف المتحاورة، لتيسير الوصول إلى الهدف منه، مع الالتزام التام بآداب وأخلاقيات الحوار التي نذكرها لك لاحقاً، فالحوار الناجح هو ما يؤسس على الاحترام المتبادل، والإنصاف والعدل، وتجنب التعصب. [1] [2]
الاقناع بالدليل غير مهم في الحوار
إجابة خاطئة.
كما ذكرنا بالأعلى أن الحوار هو الوسيلة التي عن طريقها يمكنك توضيح أفكارك لغيرك ممن حولك، ولإنجاح الأمر يجب أن تقنع الكائن أمامك بما تقتنع أنت به مع تقديم دليل وبرهان على كل ما تقوله، لضمان تحقيق أفضل نتائج، والوصول إلى الهدف المرجو، فالمحاور الناجح هو من يعتمد على الصدق في الكلام، وهو من يبرهن عليه بأدلة منطقية ومقنعة.
يمكنك محاولة إقناع غيرك بمنطقك عن طريق اتباع أساليب الحوار المختلفة، إذ يمكنك استخدام الأسلوب الوصفي على سبيل المثال؛ ذلك الأسلوب الذي يقوم على سرد القصص وضرب الأمثلة المتطابقة مع الموقف للخروج منها ببعض نقاط مستفادة.د
كما يمكن إقناع الطرف الآخر من الحوار عن طريق اتباع الأسلوب الاستنتاجي، ذلك الأسلوب الذي تعرض به قصة ما أو قضية تثير بها انتباه الشخص الآخر، وتركه يستنتج بنفسه ما تقتنع أنت به بكل هدوء.
أما الأسلوب الأخير المُتبع للإقناع هو الأسلوب الاستفهامي الذي يتبع طرح أسئلة إجاباتها ما يدور في عقلك من قناعات، وبالطبع الإجابات هنا يقدمها الطرف الآخر من الحوار وليس أنت، ولكن يجب التذكير أن الإقناع بالدليل لن يؤتي ثماره إذا لم تكن ملتزماً بآداب الحوار الأخرى، إلى جانب الالتزام بأخلاقياته. [1]
من أهم آداب الحوار
- العلم بموضوع الحوار.
- معرفة أطراف الحوار.
- التدرج في الأفكار.
- الصدق في الحوار.
- تقديم الأدلة.
- الموضوعية.
- الوضوح.
لا بد للمتحاورين أن يلتزموا بآداب الحوار المحددة لضمان تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة من النقاش، فعليهم جميعاً احترام وتقدير بعضهم بعضاً عن طريق التعرف على أنفسهم وعلى قدرات بعضهم جيداً، بالإضافة إلى تحري الصدق عند المناقشة مع جميع الأطراف، والالتزام بالموضوعية وعدم الانحياز تجاه رأي واحد، والاعتراف بالأفضلية والأخطاء الشخصية، مع الوضوح في القول طوال فترة الحوار.
العلم بموضوع الحوار: يجب عدم البدء أو الدخول في حوار ما إذا لم تكن على دراية بموضوعه، فعلى المحاور أن يكون عالماً فيما يتكلم فيه ليثري النقاش، ويعطيه أهمية دون إضاعة وقت النفس والغير.
معرفة أطراف الحوار: إذا أردت خوض حوار مع أطراف متعددة؛ عليك التعرف على شخصياتهم، ومكانتهم العلمية، حتى تكون على أتم الاستعداد لأي استفسار أو سؤال عن الموضوع الذي تتحدث عنه.
التدرج في الأفكار: إذا نويت طرح موضوعك ورأيك الذي يحتوي على نقاط متشعبة، ننصحك بالبدء بأصول الفكرة ثم التشعب إلى فروعها، وذلك لتيسير الفهم على الأطراف الأخرى، والحفاظ على الوقت واستثماره فيما يفيد، كذلك عليك التطرق إلى الأهم ثم الهام لجذب انتباه الجميع.
الصدق في الحوار: المحاور البارع هو يناقش موضوعه بكل صدق وأمانه، مع الاعتراف بما يجهل به دون خوف أو خجل، فالخجل الحقيقي يجب أن يكون عندما نتكلم فيما لا نعرفه.
تقديم الأدلة: يُقال أن البرهان خير دليل، والمحاور الجيد هو من يستطيع إقناع أطراف الحوار بما يراه مناسباً عن طريق تقديم الأدلة المُقنعة عن طريق الأساليب الاستنتاجية أو الاستفهامية أو حتى عن طريق السرد.
الموضوعية: عليك التحلي بالموضوعية، فالهدف من الحوار هو الوصول إلى نتائج معينة، وليس المقصود منه الانتصار للنفس والرأي، فأنت لست في حرب، كن موضوعياً واعتراف بخطأ رأيك إن أخطأت، وامدح رأي الآخرين إن أصابوا.
الوضوح: لا تكن غامضاً، اختر كلماتك بعناية وكن واضحاً في إيصال ما تريد دون أي التواء أو مخادعة. [1]
أخلاقيات الحوار مع الآخرين
- التواضع في القول والفعل.
- حسن الاستماع.
- الأمانة.
- اعتدال الصوت.
- البعد أن التعصب للرأي.
- تجنب التكرار.
التواضع في القول والفعل: المحاور الجيد هو من يتواضع في قوله وفعله أمام الآخرين مهما بلغت مكانته العلمية أو الاجتماعية، ومهما كان عارفاً أو ملماً بموضوع الحوار، والمحاور المؤمن الحق هو من يتذكر قول المولى -تعالى-: “وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ” الآية 18 من سورة لقمان.
حسن الاستماع: على المحاور أن يستمع لرأي غيره وينصت له حتى وإن كان غير متفق معه، فحسن الاستماع من حسن التربية، وهو أحد أهم أخلاقيات الحوار، إذ يجب على من يستمع ألا يُعدد مهامه فلا ينشغل بالهاتف أثناء الاستماع لأحد الأطراف، أو يسرح بخياله في أمر آخر غير موضوع الحوار.
كما أنه من الواجب العلم بأنه هناك فرق شاسع بين الاستماع إلى ما يقوله الطرف الآخر بهدف الفهم، وبين الاستماع إليه بهدف الرد عندما يأتي الدور في الحديث.
الأمانة: يجب تحري الأمانة في كل ما ينقله المحاور وما يتفوه به من كلمات، فمن قال لا أدري فقد أفتى.
اعتدال الصوت: يجب ألا تعلو نبرة صوت المحاور أمام الآخرين، حتى يحتفظ باحترامه لنفسه واحترامهم له.
البعد أن التعصب للرأي: إن وجد المحاور أن رأيه صحيحاً، ووجد رأياً آخر مقارباً لرأيه يجب ألا يتعصب لنفسه ورأيه، ويشهد بالحق فيما يرى، وعليه أن يتذكر أنه قد دخل إلى الحوار في بادئ الأمر من أجل تعلم أو استنتاج أفكار جديدة وليس التعليم.
تجنب التكرار: يجب ألا يكرر المحاور كلامه من حين لآخر، ومن هنا يجب أن يكون على دراية بكيفية إدارة وترتيب أفكاره في دماغه، وفي رأينا نظن أن المحادثة يُفضل أن تكون قصيرة بما يكفي ولكنها تتضمن ركائز الموضوع، وفي نفس الوقت الوقت طويلة كفاية لتغطيته، ونقصد هنا أن المحاور الجيد هو من يوزن بين الأمرين لتحقيق الهدف المراد من الحوار. [1] [2]
أهمية الحوار
- يساعدنا على فهم آراء الآخرين من حولنا.
- يُعرفنا على معلومات وأشياء جديدة.
- نستطيع عن طريقه إيضاح رأينا، والاستماع للرأي الآخر.
- يزيد فهمنا بالموضوع المطروح.
- نعرف عن طريقه الحقيقة التي نسعى إليها.
- يساعد على تعديل نهج الأفكار غير الصحيحة.
- يُظهر الجانب المشرق لمستقبل الوطن وشبابه.
- يُوضح لنا الواقع الحضاري والثقافي للأمم والشعوب.
- يفتح لنا قنوات للتواصل مع الآخرين.
يعد الحوار إحدى الطرائق الهامة لإيصال أفكار البشر ببعضها، فهو وسيلة مثمرة من وسائل التواصل الاجتماعي والمعرفي إذا غلب عليه طابع الهدوء والبعد عن التعصب والخصومة، ونظراً لأهمية الحوار منذ قديم الأزل نجد ما ذُكر في القرآن الكريم من آيات توضح الحوار الذي دار بين المولى -عز وجل0- وملائكته عند خلقه لآدم -عليه السلام-، فيقول الله -تعالى-: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” سورة البقرة الآية 30.
كما أن لفظ الحوار قد ذكر في القرآن الكريم في بعض الآيات؛ مثل: “وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا” سورة الكهف الآية 34، وقد قال الله -تعالى- أيضاً في نفس السورة بالآية 37: “قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلً”، وقال كذلك بالآية الأولى من سورة المجادلة “قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ”. [1]