أمية بن أبي الصلت من كان يخاطب في الأبيات ؟
كان أمية بن أبي الصلت يخاطب في الأبيات
ابنه .
وابنه هو قائل الأبيات التالية:
قوم إذا نزل الحريب بدارهم … تركوه ربّ صواهل وقيان
فإذا دعوتهم ليوم كريهة … سدّوا شعاع الشّمس بالخرصان
لا ينقرون الأرض عند سؤالهم … لتطلّب العلّات بالعيدان
بل يبسطون وجوههم فترى لها … عند السؤال كأحسن الألوان
يخاطب
أمية بن أبي الصلت
في أبياته أشخاص مختلفين بحسب الغرض من الشعر، فأبيات الشعر التي ألقاها لها أغراض ومقاصد مختلفة، ففي هذه الأبيات التالية في قصيدة لك الحمد والنعماء والملك ربنا يخاطب أمية بن أبي الصلت ويشكر الله عز وجل ويمجده ويحمده على نعمه المختلفة ويعظمه ويذكر بعض من صفاته.
لك الحمد والنعماء والملك ربنا
لَكَ الحَمدُ وَالنَعماءُ وَالمُلكُ رَبَّنا
فَلا شَيءَ أَعلى مِنكَ مَجداً وَأَمجَدُ
مَليكٌ عَلى عَرشِ السَماءِ مُهيمِنٌ
لِعِزَّتِهِ تَعنو الوجوهُ وَتَسجُدُ
عَلَيهِ حِجابُ النورِ وَالنورُ حَولَهُ
وأَنهارُ نورٍ حولَهُ تَتَوَقَّدُ
فَلا بَصَرٌ يَسمو إِلَيهِ بِطَرفِهِ
وَدونَ حِجابِ النورِ خَلقٌ مُؤَيَّدُ
مَلائِكَةٌ أَقدامُهُم تَحتَ عَرشِهِ
بِكَفِيهِ لَولا اللَهُ كَلّوا وَأَبلَدوا
قيامٌ عَلى الأَقدامِ عانينَ تَحتَهُ
فَرائِضُهُم مِن شِدَّةِ الخوفِ تُرعَدُ
بعد ذلك ينتقل الشاعر أمية بن أبي الصلت لمخاطبة القلب الذي يصر على اتباع أهوائه ويتكبر عن اتباع دين الحق وما يريده الله عز وجل ويخبره أن الدنيا فانية ولم تدم لشخص على الإطلاق، لذلك يخبره أن عليه الالتزام بما أمره الله، لأننا جميعنا إلى زوال في الأبيات الجميلة التالية:
أَلا أَيُّها القَلبُ المُقيمُ عَلى الهَوى
إِلى أَيِّ حينٍ مِنكَ هَذا التَصَدُّدُ
عَنِ الحَقِّ كَالأَعمى المُميطِ عَنِ الهُدى
وَلَيسَ يَرُدُّ الحَقَّ إِلاّ مُفَنِّدُ
وَحالاتِ دُنيا لا تَدومُ لِأَهلِها
فَبَينا الفَتى فيها مَهيبٌ مُسَوَّدُ
إِذا إِنقَلَبَت عَنهُ وَزالَ نَعيمُها
وَأَصبَحَ مِن تَربِ القُبورِ يوَسَّدُ
وَفارَقَ روحاً كانَ بَينَ جَنانِهِ
وَجاوَرَ مَوتى ما لَهُم مُتَرَدَّدُ
فأَي فَتىً قَبلي رأَيتَ مُخَلَّداً
لَهُ في قَديمِ الدَهرِ ما يَتَوَدَّدُ
وَمَن يَبتَليهِ الدَهرُ مِنهُ بِعَثرَةٍ
سَيَكبو لَها وَالنائِباتِ تَرَدَّدُ
فَلَم تَسلَم الدُنيا وَإِن ظَنَّ أَهلُها
بِصِحَّتِها وَالدَهرُ قَد يَتَجَرَّدُ
أَلَستَ تَرى في ما مَضى لَك عِبرَةً
فَمَه لا تَكُن يا قَلبُ أَعمى يُلَدَّدُ
فَكُن خائِفاً لِلمَوتِ وَالبَعثِ بَعدَهُ
وَلا تَكُ مِمَّن غَرَّهُ اليَومُ أَو غَدُ
فإِنَّكَ في دُنيا غُرورٍ لِأَهلِها
وَفيها عَدوٌّ كاشِحُ الصَدرِ يُوقِدُ
وساكِنُ أَقطارِ الرَقيعِ عَلى الهَوا
وَمِن دونِ عِلمِ الغَيبِ كُلٌّ مُسَهَّدُ
وَلولا وِثاقُ اللَهِ ضَلَّ ضَلالُنا
وَقَد سَرَّنا أَنّا نُتَلُّ فَنوأَدُ
تَرى فيهِ أَخبارَ القُرونِ الَتي مَضَت
وَأَخبارَ غَيبٍ في القيامَةِ تَنجُدُ
وَلَيسَ بِها إِلا الرَقيمُ مُجاوراً
وَصيدَهُمُ وَالقومُ في الكَهفَ هُمَّدُ [3]
أما من هو الشاعر أمية، فهو شاعر جاهلي، وهو أميّة بن أبى الصّلت بن أبى ربيعة بن عبد عوف بن عقدة بن غيرة بن قسىّ، وقسىّ هو ثقيف بن منبّه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. وأمّه هي رقيّة بنت عبد شمس بن عبد مناف
كثرت الأقاويل عن أمية بن أبي الصلت، وهو شاعر جاهلي عاصر النبي عليه الصلاة والسلام، وبعض الروايات ذكرت أنه أسلم في نهاية المطاف، وبعد الروايات لم تؤكد ذلك، ابتعد أمية بن أبي الصلت عن عبادة الأصنام، وكانت يتفكر بخلق الله، ويخبر الناس أن هناك نبيًا سوف يأتي ويهدي الناس للطريق المستقيم، فلما جاء النبي عليه الصلاة والسلام، كفر به ربما حسدًا للنبي عليه الصلاة والسلام لأن الله منّ عليه بالنبوة لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان أهلًا لها.
ولما أنشد على الرسول عليه الصلاة والسلام بعض من شعره، عرف النبي حاله، لأن النبي كان يطلع على ماهية الناس، وقال ” «آمن لسانه وكفر قلبه»
كان الشاعر أمية بن أبي الصلت حكيمًا، وقد قال لما حضرته الوفاة: كلّ عيش وإن تطاول دهرا … صائر مرّة إلى أن يزولا
ليتنى كنت قبل ما قد بدا لى … فى رؤوس الجبال أرعى الوعولا [1]
من أشهر قصائده نذكر قصيدة أأذكر حاجتي أم قد كفاني
أَأَذكُرُ حاجَتي أَم قَد كَفاني
حَياؤُكَ إِنَّ شيمَتَكَ الحَياءُ
وَعِلمُكَ بِالأُمورِ وَأَنتَ قَرمٌ
لَكَ الحَسَبُ المُهَذَّبُ وَالسَناءُ
كَريمٌ لا يُغَيِّرُهُ صَباحٌ
عَنِ الخُلُقِ السَنِيِّ وَلا مَساءُ
فَأَرضُكَ كُلُّ مَكرُمَةٍ بَناها
بَنو تَيمٍ وَأَنتَ لَها سَماءُ
إِذا أَثنى عَلَيكَ المَرءُ يَوماً
كَفاهُ مِن تَعَرُّضِهِ الثَناءُ
تُباري الريحَ مَكرُمَةً وَمَجداً
إِذا ما الكَلبُ أَجحَرَهُ الشِتاءُ
إِذا خُلِّفتَ عَبدَ اللَهِ فَاِعلَم
بِأَنَّ القَومَ لَيسَ لَهُم جَزاءُ
فَأَبرَزَ فَضلَهُ حَقّاً عَلَيهِم
كَما بَرَزَت لِناظِرِها السَماءُ
فَهَل تَخفى السَماءُ عَلى بَصيرٍ
وَهَل بِالشَمسِ طالِعَةً خَفاءُ
بُناةُ مَكارِمٍ وَأُساةُ كَلمٍ
دَماً وَهُمُ مِنَ الكَلمِ الشِفاءُ [2]
أمية بن أبي الصلت يخاطب في الأبيات :
كثرت الأبيات والأشعار التي قالها أمية بن أبي الصلت، وفي كل بيت من الأبيات يخاطب شخص مختلف، فهو تارةً يخاطب ابنه، أو يخاطب نفسه، وحتى النبي عليه الصلاة والسلام كان يحب شعره، فهو يعتبر من
أهم الشعراء العرب في الجاهلية
، وقد حضر الإسلام، وعاشر النبي عليه الصلاة والسلام، واتفقت أكثر الروايات التاريخية على أن أمية بن أبي الصلت كان شاعرًا من شعراء الجاهلية الذين أحبوا معرفة أحوال أهل الكتاب، فكان يطلع على أخبار النصارى واليهود، ولا يحب اتباع الأصنام، وكان كثير الذكر للملائكة بطريقة لم يذكرها أحد غيره من الشعراء.
بعض الرواة قالوا أن أميه بن أبي الصلت قد قرأ الكثير من الكتب الروحانية، وتخلى عن عبادة الأصنام، وعاشر اليهود والنصارى وتعلم منهم، وقد يبشر بوجود نبي، لكنه لم يؤمن به عندما رآه، ربما لغيره وحسد، وعاشر النبي عليه الصلاة والسلام حتى توفي في السنة التاسعة من الهجرة قبل إسلام أهل الطائف.
كثرت الأقاويل حوله كما رأينا، لأنه كان شاعرًا مهتمًا بالروحانيات، ولولا ظهور النبي عليه الصلاة والسلام لكان ادعى بعض من أهل ثقيف بأن أمية بن أبي الصلت هو نبي من أنبياء الله، لكن أمية بالرغم من معرفته للكثير من الروحانيات وكتابته لأشعار روحانية، إلا أن قلبه كان كافرًا بالله كما ذكرت الروايات، وقيل أنه عاش ومات كافرًا في السنة التاسعة من الهجرة.
هذا الشاعر الجاهلي كان من الشعراء المهمين وترجمت بعض من ابياته إلى اللغة الألمانية وانتشرت في ليبزج في سنة 1911. [4]
حقائق حول أمية بن أبي الصلت
- شاعر جاهلي
- بدأ طريقه بالإيمان في البداية، ثم زاع عن الإيمان وقيل أن الله عز وجل أراد به هذه الآية الكريمة ” واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها “
- عاشر النبي عليه الصلاة والسلام، لكنه لم يؤمن به، وكان كافرًا بالإسلام مشكك بنبوة النبي عليه الصلاة والسلام
- توفي في السنة التاسعة من الهجرة قبل إسلام أهل الطائف
- كان يحكي في شعره قصص الأنبياء، ويأخذ هذه القصص من أحاديث أهل الكتاب.