من القائل افعل ما تؤمر
من القائل افعل ما تؤمر
سيدنا إسماعيل عليه السلام .
حيث جاء في القرآن الكريم في سورة الصافات بسم الله الرحمن الرحيم “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ” صدق الله العظيم، فكان ذلك ردًا من سيدنا إسماعيل عندما أبلغه والده “سيدنا ابراهيم” أنه قد رأى في منامه أن الله يأمره بذبحه، مُتساءلاً إياه ماذا تـرى؟ ليرد إسماعيل في صبر واحتساب بأن أمر الله لا بد من تنفيذه.
قصه ذبح سيدنا اسماعيل
بعدما رُزق سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل من زوجته هاجر تعلق سيدنا إبراهيم عليه السلام تعلقًا شديدًا بـ إسماعيل عليه السلام، ومن شدة حبه وتعلقه أراد الله سبحانه وتعالى أن يرى مدى صبره واحتسابه وتنفيذه لأوامره، لذلك أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم بذبح ولده إسماعيل بعدما شبَّ وأصبح يسعى سعيًا في أمور عمله مثل والده، إذ رأى سيدنا إبراهيم في منامه وهو يذبح فلذة كبده إسماعيل، فنزلت الآيه في الكتاب الكريم {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} وإنّ رؤية أنبياء الله ما هي إلا وحي من عند الله.
وعندها أخبر سيدنا إبراهيم عليه السلام ولده إسماعيل بما رآه في منامه وأن ذلك أمر الله، فاستجاب إسماعيل لأمر الله سبحانه وتعالى ولكلمة والده، وقال لوالده بصبرٍ ورضى واحتساب لأمر ربه، بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} صدق الله العظيم، إذ انعكست مدى عبوديته وامتثاله لأوامر ربه كذلك سيدنا إبراهيم الذي احتسب صابرًا على تنفيذ ذبح ولده الوحيد الذي رزقه الله إياه في كِبره.
فاستسلما سيدنا إبراهيم وإسماعيل لأمر الله سبحانه وتعالى، واتجها لمكانٍ بعيـد لتنفيذ أمر الذبح، فخلع إسماعيل قميصه ووضعه سيدنا إبراهيم على وجهه حتى لا ينظر إلى وجهه فتصيبه الشفقة، وبمجرد وضع سيدنا إبراهيم السكين على رقبة إسماعيل لينحره سُلبت السكين حدتها لينزل قول الله تعالى {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} كذلك اختبر الله صبر سيدنا إبراهيم ومدى امتثاله لأوامره، لينزل كبش أبيض اللون فداءً لحياة إسماعيل، حيث قال تعالى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} ومن هنا جاءت فكرة الأضحية والتي يتقرّب بها المسلمين إلى الله.
ما سبب ذبح سيدنا إبراهيم لابنه إسماعيل
شدة تعلق سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل .
سُمي سيدنا إبراهيم بـ خليل الله، والمقصود بـ خليل الله أن يفوق حب الله بقلبه عن أيّ من البشر ولا يسعه سواه، لذلك كان السبب في أمر ذبح إسماعيل شدة تعلق سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل، إذ أراد الله أن يختبر مدى صبره وحبه له وطواعية أوامره دون تذمر منه أو اعتراض على حكمته.
كم كان عمر اسماعيل عندما امر الله بذبحه
كان يتراوح ما بين الثالثة عشر والسادسة عشر عامًا .
جاء في الآية قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} صدق الله العظيم، وفسر المفسرون لتلك الآية توضيحًا لعمر سيدنا إسماعيل حينها إذ قيل بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي وتعني أنه أصبح يسعى مع والده في أعماله مما يعني أن عمره كان يتراوح ما بين الثالثة عشر والسادسة عشر عامًا.[1]
هل ذبح النبي ابراهيم ابنه اسماعيل
لا .
لم يُنفذ سيدنا إبراهيم ذبح ولده إسماعيل، حيثُ احتسب لأمر ربه هو وولده وارتضوا حكمته وعند تنفيذ الذبح تحولت حافة السكين وذهب حدها، وما كان من الله سبحانه وتعالى إلا أنزل كبس أبيض فداءً لإسماعيل.
الحكمة من ذبح إسماعيل
- تحقيقًا لمعنى العبودية.
- الاقرار بوجوب تنفيذ أمر الله.
- جبر قلب هاجر، والرحمة لسارة.
تحقيقًا لمعنى العبودية لله سبحانه وتعالى:
حيثُ تبيّن لسيدنا إبراهيم عندما حانت لحظة ذبحه لإسماعيل عليه السلام أنّ عبوديته لربه سبحانه وتعالى وطاعته وحبه له أكبر من حبه وتعلقه الشديد بولده الوحيد إسماعيل، وذلك لأنّ إبراهيم عليه السلام كان قد طلب من الله تعالى أن لا يتعلق قلبه بحب أحد غيره لذلك كان اختبارًا من الله.
الاقرار بوجوب تنفيذ أمر الله:
عندما رأى
إبراهيم عليه السلام
في منامه ذبحه لولده الوحيد إسماعيل وأيقن أنه أمر يجب تنفيذه، لم يتردد في التنفيذ بل صبر واحتسب وارتضى بأمر الله سبحانه وتعالى، لذلك جاء في قوله تعالى (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)، أي أنه أوفى بوعده لله بتنفيذ أوامره مهما كانت، حتى أن ولده إسماعيل لم يعترض أمر ربه بذبحه.
جبر قلب هاجر، والرحمة لسارة:
نظرًا لأن السيدة سارة كانت تغير من السيدة هاجر زوجة سيدنا إبراهيم ووالدة إسماعيل عليه السلام غيرة شديدة، زادت غيرتها مع ولادة إسماعيل وذلك لأن سيدنا إبراهيم تعلق به وأحبه حبًا جمًا، لذا جاء ذبح إسماعيل كإشارة لأخذ السيدة هاجر وولدها إلى المعيشة في مكة كي يمتص غيرة السيدة سارة.
الدروس المستفادة من قصة إسماعيل عليه السلام
من أهم الدروس المستفادة من قصة إسماعيل عليه السلام هي الانقياد والطاعة لأوامر الله سبحانه وتعالى وتنفيذ تلك الأوامر طواعيةً، حيث استجاب سيدنا إبراهيم وإسماعيل لأمر الله رغم صعوبته إذ قال إسماعيل “قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”، مما يدل على شدة إيمان إسماعيل بالله وبحكمته.
بعد المصائب والابتلاء ينعم الله على عبده بما يستحقه من العطايا جزاء صبره، لذلك وجب طاعة البشر لله سبحانه وتعالى وللوالدين، كما فعل إسماعيل وفداه الله بكبشٍ أبيض اللون، فجاء في قول الله تعالى “وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”، حيثُ استحق سيدنا إبراهيم ما ناله من منح الله نتيجة تنفيذ أوامره.
كذلك تأتي ضرورة الصداقة بين الأب وابنه ضمن الدروس المستفادة من قصة إسماعيل عليه السلام، نظرًا لأنه جاء في قول الله تعالى ” فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ” أي أن عمر سيدنا إسماعيل كان فترة المراهقة، وهي مرحلة صعبة لتحقيق الصداقة بين الأب وابنه، ومع ذلك فلح سيدنا إبراهيم في توطيد علاقة الحب والصداقة بينه وبين إسماعيل عليه السلام.
طاعة الله ومعصية إبليس، حيثُ جاء رد سيدنا إسماعيل على ذبحه في قول الله تعالى “قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”، وهذا يعكس مدى طاعته لله سبحانه وتعالى في أصعب وأشد المواقف.
لعل أبرز الدروس المستفادة من قصة إسماعيل عليه السلام هي أن حجم الابتلاء يأتي على قدر إيمان العبد بربه، حيثُ رزق سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل بعد أن بـلغ من الكبر عتيًّا وبعد هذا الانتظار وفي ظل تعلقه الشديد بولده امتحنه الله فيه، ولـكن مكافئته كانت عظيمة.[2]