خواطر عن المطر والغيم

خواطر عن المطر والغيم

يترقب محبي فصل الشتاء وينتظروه طويلًا، لأنهم يستمدون الطاقة منه، وبعض الأشخاص يحبون تأمل السماء والغيوم ويحصلوا على الإلهام من منظر الغيوم في السماء أو اليوم الممطر، أو مثلًا لا يجدون متعة أكبر في حياتهم من المتع الصغيرة أكبر من احتساء فنجان القهوة في المنزل بالقرب من المدفأة مع الاستمتاع بالمطر [1]

  • لا شيء أجمل من يومٍ ممطر، فبعد كل الهزائم التي مررنا بها في فصل الصيف، وكل الخيبات التي تعرضنا لها من اقرب الناس لنا، الذين وثقنا بهم أكثر من أنفسنا، نحتاج لقطرات المطر التي تغسل أرواحنا من هذه الخيبات والهزائم، فالمطر لا يغسل الشوارع والأراضي فقط، بل يغسل أرواحنا، وفي حال رأيت غيمة فضية في السماء على وشك أن تمطر، فانتظرها كما لو أنك في موعد غرامي، كي تكون الشفاء من الندوب الموجودة في روحك.
  • عندما ترى المطر منهمرة من السماء، فاشكر الله على هذه النعمة، فالمطر خير من الله عز وجل، ولا تستمتع برؤية المطر من منزلك، بل اخرج من منزلك، وقم بالاستمتاع بالمشي تحت المطر، حتى لو كنت وحيدًا، ولا تعتقد على الإطلاق أن المشي تحت المطر فقط للعشاق، بل هو شفاء للاشخاص الوحيدين الذين يشعرون بأن المطر هو صديقهم، فاخرج من منزلك واستمتع بالهواء النظيف الذي يرافق انهمار المطر، وراقب روحك تطمئن بوجود المطر.
  • تعلم الرقص تحت المطر، لأن له معاني كبيرة اكثر من الفعل الحرفي، فالرقص تحت المطر يعني أنه بإمكانك الاستمتاع بالحياة أثناء وجود أكبر العواصف، ولا تنتظر أن ينتهي المطر حتى تبدأ الرقص، وكذلك الحياة، فلو طبقنا هذا الأمر على الحياة لوجدنا أنه متماثل، فالشخص الذي يريد انقضاء الهموم وزوالها قبل أن يشعر بالسعادة يمكن أن ينتهي عمره دون أن تتسنى له فرصة الشعور بالسعادة، بل عليه أن يغتنم الفرصة ويسعد بالأشياء الصغيرة في أشد أوقات التعاسة.
  • إذا أردنا أن نعرف حكمة الله وأسراره البديعة في خلق الكون، فلا يجب علينا فقط أن نتعرف عليها في الجوامع، بل يجب علينا أن نبحث عنها أيضًا في مظاهر عظمة الله في الكون، مثل الأشجار البديعة، وفي الأزهار الجميلة ورائحتها العطرة، وفي الغيوم التي تنهمر منها الأمطار فتغسل الأرض، وفي النجوم المشرقة في السماء، وفي ضحكات الأطفال ودعوات الأمهات، ومساعدة المساكين، فالله يتجلى علينا برحمته وعطفه في أمور كثيرة لا ندركها إلا إذا وسعنا نطاق بحثنا، وكنا جاهزين لرؤية رحمة الله وإدراكها وشكره عليها.
  • لا شيء أجمل من تأمل مظهر الغيوم المتبعثرة على الهضاب، هذا المظهر يبدو وكأن الأرض ملتصقة مع السماء، وكأنه لا يوجد حد بينهما، بحيث يشعر الإنسان بأنه يمكنه الوصول إلى السماء، بسبب التصاق الغيوم في السماء مع الأرض، فسبحان من خلق فأبدع هذا المظهر.

خواطر عن المطر


المطر

والغيم من العجائب البديعة من خلق الله، فيأتي المطر ومعه رسالة مبطنة بأنه مهما اشتد الغيم فإنها في النهاية ستمطر، وبالمثل مهما اشتدت وتعاظمت المصائب فإنها ستفرج في النهاية وينهمر منها الحلول والفرج، فلو استطاع كل شخص أن يأخذ الأمل من المطر وينتظر الفرج من رب العالمين ويظن به خيرًا، فإن الله لن يخيب أمله ولن يرده خائبًا.

  • إذا قمت باستعمال خيالك، فسوف ترى في الغيوم أشياء أكبر بكثير من كونها مجرد غيوم فقط، وعلى حسب طباع الشخص يرى الغيوم، فإذا كان الشخص متشائمًا في الحياة، فسوف يرى الغيوم على أنها معيار للاكتئاب، والظلام، وإخفاء ضوء الشمس، أما إذا كان الشخص سعيدًا راضيًا عن حياته، ربما يرى الغيوم على أنها بشارة خير وسوف ينهمر منها المطر في النهاية، ويكون بمثابة فرج
  • حاول أن تعيش الحياة وتستمتع بكل جزء منها، قد يبدو الامر صعبًا على الشخص المكتئب أو الشخص الفاقد الأمل، لكن صدقًا ستكون الحياة أجمل وأسهل للعبور إذا استمتع بها الشخص مهما كانت ظروفه تعيسة، لأن الحياة ستستمر سواء ضحك الشخص أو بكي، فهي مستمرة، لذلك حاول أن تغتنم الفرح وتسرقه إذا لزم الأمر من الحياة، يمكنك مثلًا الاستمتاع بمظهر الغيوم المتلاصقة مع بعضها البعض في سماء يوم شتوي، أو تستمتع بالمطر وتمشي تحته وتبلل ملابسك دون أن تأبه لذلك، وتستمتع بقدوم فصلي الشتاء والصيف بنفس الدرجة، ويكون ذلك دليلًا على أنه لا شيء في الحياة يبقى على حاله، فالشتاء مهما طال فنهايته هي الربيع.!!

شعر عن المطر والغيم

نذكر أنشودة المطر للشاعر العراقي المتميز

بدر شاكر السياب

، ونترككم تتذوقوا جمال الشعر فيها وجمال الأبيات

تثاءبَ المساء والغُيوم ماتزال

تسِح ماتسِح .. مِن دُموعِها الثقال

كأنَ أقواسَ السَّحاب تشرب الغُيوم

وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر

وتغرقانِ في ضبابٍ مِن أسن شفيف

كالبحر سرَّح اليدين

فوقه المساء .. دفءُ الشِتاء

وارتِعاشةُ الخريف

ويهطُلُ المطر

مطر .. مطر .. مطر

أتعلمين

أيَ حُزنٍ يبعث المطر

وكيف يشعُرُ الوحيدُ فيه بالضَّياع

كأنَّ طِفلاً باتَ يهذي قبل أن ينام

بأن أُمَّه التي أفاقَ مُنذُ عام .. فلم يجدها

ثُم حين لجَّ في السؤال

قالوا له: بعدَ غدٍ تعود .. لابدَّ أن تعود

فتستفيقُ مِلءَ روحي نشوةُ البُكاء

ورعشةٌ وحشيةٌ تُعانِقُ السَّماء

كرعشةِ الطِفلِ إذا خافَ مِن القمر

مطر .. مطر .. مطر

ومُقلتاكِ بي تطيفانِ مع المطر

وعبرَ أمواجِ الخليج تمسح البُروق

شواطيءَ الخليج بالنَّجومِ والمحار

كأنها تهمُ بالشَّروق

أصيحُ بالخليج .. ياخليج

ويرجعُ الصَّدى كأنه النشيج

أصيحُ بالخليج

يا واهبَ الَّلؤلؤِ والمحارِ والرَّدى

وأسمع الصَّدى مِن لُجَّةِ القرار

وينثرُ الخليج مِن هِباتِه الكِثار

في كلِ قطرةٍ مِن المطر

هي إبتسامٌ في إنتظارِ مبسمٍ جديد

أو حلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليد

في كلِ قطرةٍ مِن المطر

في عالم الغدِ الفتي .. واهبِ الحياه

ويهطِلُ المطر [2]

ولا يمكننا ذكر قصائد وشعر عن المطر دون اقتباس بعض من أشعار الشاعر السوري

نزار قباني

، الذي أمتعنا بإحساسه وشعره من وصف جمال المرأة ووصف الطبيعة إلى الأشعار الوطنية وذات المبادئ


قصيدة عاد المطر يا حبيبة المطر لنزار قباني


عاد المطرُ، يا حبيبة المطرْ

كالمجنون أخرج إلى الشّرفة لأستقبلهْ

وكالمجنون، أتركه يبلل وجهي

وثيابي

ويحوّلني إلى إسفنجة بحريّة..

المطر

يعني عودة الضّباب، والقراميد المُبلّلة

والمواعيد المُبلّلة

يعني عودتك وعودة الشّعر

أيلول يعني عودة يدينا إلى الالتصاقْ

فطوال أشهر الصّيف

كانت يدكِ مسافرة

أيلول

يعني عودةَ فمك، وشَعْرك

ومعاطفك، قفّازاتك

وعطركِ الهنديّ الذي يخترقني كالسّيفْ [3]