نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس فما هي ؟
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس
الصحة والفراغ .
روى البخاري عَنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قال : قال رسولُ اللهِ صلَّ اللهُ عليه وسلَّم : (نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصَّحَّةُ والفَّراغُ)
، أي أن هناك نعمتان يصيبان الإنسان مغلوب فيهما (الصحة، والفراغ) حيث أن الكثير من الناس يرزقه الله الصحة لاوفيرة والقدرة العالية على أداء المهام ويتكاسل عن أداء الفروض والنوافل، وهناك من يرزقه الله الفراغ والسعة في الوقت فيضيع وقته وصحته فيما لا ينفعه في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يعلم أحد عاقبة تفريطه في نعمة الصحة والوقت حتى ينتهي به عمره دون أن يحقق ما كان قادرًا على تحقيقه، يقول تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)، ويقول تعالى عن نفس المشهد للإنسان عندما يدرك ما فاته بعد فوات الأوان : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِين).
يُنعم الله عليك بالعقل فلا تدرك ما بيدك من قوة، فمن سًسلب عقله يسئ إلى نفسه وأحبابه فلا تكن مثله وعقلك معك لا تفرط في النعمة وتتجاهلها، تستمتع في بلدك بالأمان وهناك من يحملون السلاح حتى يستطيعون عبور الطرقات للمسجد وتفرط أنت في
صلاة الجماعة
، عندك الوقت الذي يسمح لك أن تتقرب من ربك وتكون في خدمة أهلك فتضيعه أمام الشاشات مضيعً إياه فيما لا ينفع، قال تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) فاشكر ربك واغتن نعمه حتى لا تندم حين لا ينفعك الندم.[1][2]
أهمية الوقت في الإسلام
نجد الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث التي تنبهنا لقيمة الوقت وخسارة وحسرة من يضيعه دون فائدة ومازلنا لا ننتبه ونسرف في إنفاقه على ما لا ينفع، يقول تعالى في كتابه العزيز عن الوقت : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، يظن البعض أنه لا يملك الوقت في حين أنه يملك الكثير من الوقت ولكنه يوجهه في الطريق الخاطئ حيث يظن أن تكديس الأموال وإنجاب المزيد من الأطفال دون الاهتمام بتنشأتهم على الدين القويم والأخلاق الحميدة هو الغاية، غايته الإكثار من الأموال والأولاد والتباهي في الدنيا بما يملك من رغد العيش والقوة، وينسى نصيبه من الآخرة.
متى يتحقق صلاح الإنسان
- الإيمان.
- العمل الصالح.
- الأمر بالمعروف.
- الصبر.
يقول تعالى في سورة العصر : (وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، يقول تعالى أن الإنسان خاسر ولم يستثني سوى من أقام حياته على أربع :
الإيمان
: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (الإيمانُ أن تؤمنَ باللهِ وملائكَتِه وكتبهِ ورسلهِ، وتؤمنَ بالجنةِ والنار والميزانِ ، وتؤمنَ بالبعثِ بعد الموتِ ، وتؤمنَ بالقدرِ خيرهِ وشرهِ).
العمل الصالح
: أن تكثر من العمل الصالح وتقدم النية في كل عمل طيب تعمله، وتراقب الله في أفعالك حتى تصل لدرجة الإحسان، سُأل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم عن الإحسان فقال : (أن تعملَ للهِ كأنكَ تراهُ فإنكَ إنْ لا تراهُ فإنه يراكَ)، ويُروى عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم كان يَحْتَجِرُ حصيرًا بالليلِ فيُصَلِّي ويَبْسُطُه بالنهارِ فيَجْلِسُ عليه فجَعَلَ الناسُ يَثُوبون إلى النبيِّ صلَّ الله عليه وسلم فيُصَلِّون بصلاتِه حتى كَثُرُوا فأقبَلَ فقال : (يا أيُّها الناسُ خُذوا مِن الأعمالِ ما تُطِيقُون فإن اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإن أحبَ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإن قلَّ).
الأمر بالمعروف
: عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (مُروا بالمعروفِ، وانهوا عَنِ المنكرِ، قبلَ أن تَدعوا فلا يُستجابَ لَكُم).
الصبر
: يجب أن يتحلى المؤمن بالصبر على تحقيق ما خُلق من أجله، وإلا خاب وخسر وكيف يصبر على كل ذلك إذا كان منشغلًا بماله وعياله وأمر الدنيا على أمر الآخرة، اصبر على الدنيا للآخرة يقول تعالى : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ).
يقول العلماء في الوقت
قال الإمام ابن تيمية
: (الجنَّة درجات، متفاضلة تفاضلاً عظيماً، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم، وتقواهم).
قال الإمام بن كثير
: (من سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان).
قال الشيخ محمد الغزالي
: (ما أصدق ما رواه الشافعي رحمه الله تعالى في أسس التربية هذه الكلمة الرائعة: (وإذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل)، وهذا صحيح، فإن النفس لا تهدأ إذا لم تَدُرْ في حركة سريعة من مشروعات الخير والجهاد والإنتاج المنظم لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة، وأن تلفها في دوامة من الترهات والمهازل).
قال الإمام ابن القيم
: (وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله تعالى وبالله تعالى فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته).
قال الشيخ علي الطنطاوي
: (قرأت لأكثر من 70 سنة فما وجدت حكمة أجمل من : مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها ولذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها).[3][4][5]
اغتنم صحتك وفراغك
وقت الفراغ والصحة هما رأس مال الإنسان في دنياه الذي يعينه على الإدخار لآخرته، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه : (اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ : شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك)، اليوم أنت شاب وبكامل صحتك يمكنك عمل الكثير فماذا تفعل أنت؟ تلهيك الملهيات وتنتظر الأيام أن تمر، ما تنتظره يمر هو عمرك الذي لا يُعوَّض، وإذا رزقك الله تعالى المال فما حجتك، لماذا تمنع مال الله فقراء والمساكين، لا تفرِّط في وقتك دون نفع فالموت ليس له موعد، اغتنم نعم الله عليك.[6]
روى أحمد والترمذي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : (قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، قال : (سل الله العافية) فمكثت أياما ثم جئت فقلت : يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي : ( يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة)، فما من رزقِ يعادل العافية، ولا يدرك قيمتها إلا من حُرم منها، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : (لم يكن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِيَ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي)، والعفو كما قال الزمخشري هو العفو عن الذنوب، والعافية هي أن يسلم الإنسان من الأمراض والبلايا، والمعافاة أن يعفو عن غيره ويعفوا الناس عنه يوم القيامة فلا يكون هناك بينه وبين الناس قصاص.[7]