هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، والإحسان يكون بكل شيء، وبما أن الجزاء من جنس العمل، فالله سبحانه وتعالى جعل ثواب وجزاء الإحسان إحسانًا منه ومن أحسن في الدنيا سوف يجازى بالإحسان في الاخرة، قال سبحانه وتعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، فمن يعمل عملًا صالحًا يحسن الله إليه، ويعطيه من كرمه وجوده، قال تعالى {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58]
والإحسان يكون في مواضع كثيرة
-
الإحسان في العبادة:
أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك -
الإحسان للآخرين:
يكون الإحسان من خلال تأدية حقوق العباد، وعدم الظلم، ومعاملة الآخرين بالأخلاق الحسنة، والنفقة والصدقة إذا كان الشخص ميسور الحال، بالإضافة إلى البذل بالعطاء والعلم والكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -
الإحسان للنفس:
يكون الإحسان للنفس من خلال إبعاد النفس عن الهوى ومراقبة النفس بشكل مستمر كي تثبت على الطاعات، وتجنب فعل السيئات، فمن يحسن إلى نفسه هذا النوع من الإحسان، فقد فاز بمرضاة الله عز وجل.
أما معنى آية: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، فهو أن الشخص الذي أحسن في حياته الدنيا على أكمل وجه سوف يجازى بالإحسان في الآخرة، قال تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} أي من حقق شروط الإحسان في العبادة، وفي القول والفعل، فإن الله سوف يعطيه من جنته الواسعة، والزيادة في العطاء تكمن رضا الله والبهجة والسعادة بقربه، وهذا هو أعلى ما يمكن أن يطلبه الشخص أو يسأله السائل، فلا فوز أعظم من هذا الفوز، لكنه يتطلب صبر كبير، ربما على مصائب الدنيا، وعلى العقبات التي تواجه الشخص، فالدنيا هي دار اختبار، وقد يكون بلاء الشخص في ماله، أو أولاده، أو نفسه، ويكون الإحسان بالصبر والعطاء بالرغم من كل ذلك، والأجر محفوظ عند الله عز وجل، وهو الإحسان العظيم من الله، والفوز بالجنة.
تفسير اية هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
أي أن الجزاء يكون من جنس العمل، فمن قام بعمل حسن، يجب أن يكون في مقابله فعل حسن أيضًا، لكن الفعل الحسن لا يكون بتقييم العبد، إنما هو بما يستحسنه الله عز وجل، فربما يقوم الفاسق بأفعال كثيرة خاطئة، وهو يظن أنها حسنة، مثل أن يظلم الشخص غيره في الحقوق المالية لتحسين وضع عائلته المعيشي وتأمين أفضل مستوى لهم، فيظن بذلك أنه يحسن لأولاده، لكن الفعل الحسن هو أن يأتي العبد بما أمرنا الله به، وجزاء الإحسان يكون من جنس العمل، وزيادة، ومهما فعل الإنسان من أفعال حسنة في الدنيا، فهي تكون دون الإحسان الذي وعدنا الله به، وهو أكرم الأكرمين، فيكون الجزاء الجنة، والفوز برضا الله، ولقائه في الآخرة.
جزاء الإحسان عظيم للغاية، لأن الإحسان هو أعلى مرتبة من مراتب الدين، فالإسلام يعبر عن أعمال الجوارح، والإيمان يعبر عن اعتقاد الشخص في القلب، أما الإحسان فهو إتقان الأعمال التي أمرنا الله بها، والتوجه إلى الله مع صدق العقيدة
وكلما كان الإنسان أكثر إحسانًا، كلما كان أقرب إلى رحمة الله عز وجل، قال تعالى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف: 56].
وأعلى مراتب الإحسان هي أن يعبد المسلم الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإن الله عز وجل يراه، وهذا يعني أن يستحضر المسلم وجود الله في كل عمل يقوم به، فإذا أراد القيام بأي فعل يتذكر أن الله يراقبه، وهذا الأمر ينطبق على أدنى المواضيع، كالتلفظ بكلمة نابية، أو ذكر الشخص بسوء، والغيبة، فإذا كان الشخص يستحضر قرب الله منه، فإنه لن يقوم بمثل هذه الأفعال، ويحسن عندها إسلامه، فيترك ما لا يعنيه، وينشغل بما يعنيه. [1] [2] [3] [5]
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قصة
لنا في السلف الصالح عبرة عن جزاء الإحسان، وهذه القصة مأخوذة بتصرف واختصار، من كتاب (ذيل طبقات الحنابلة)
هذه القصة عن رجل في مكة كان لا يملك من قوت يومه شيئًا، فخرج يبحث عن رزق يرزقه به الله، فوجد عقد من اللؤلؤ باهظ الثمن، فإذا به يسمع شيخ ينادي على هذا العقد أن من وجده له مكافأة ماليه، ففكر الرجل لوهلة أن ينتفع بعقد اللؤلؤ لأنه فقير ومعدم الحال، لكن إحساسه بمراقبة الله منعه من القيام بذلك، فما كان منه إلا أن رد العقد إلى الرجل الذي ينادي عليه، وأبى حتى أن يأخذ المكافأة المالية، ورجا من الله أن يكافئه على فعلته.
غادر الرجل الفقير مكة، وخرج في سفينه، فبدأت أمواج البحر تغرق السفينة، فغرق من فيها مع أموالهم، وبقي هو في السفينة حتى وصل إلى يابسة، وبدأ بتعليم الناس في هذه الأرض القرآن الكريم وكان يكسب المال الكثير من تعليم الصبية الكتابة والخط، فقام الشيخ في هذه المنطقة بعرض تزويج ابنته لهذا الرجل الخيَر، فما كان منه إلا أن قبل
عندما تعارف الرجل على الفتاة وجد في عنقها نفس عقد اللؤلؤ الذي رده لصاحبه قبل سنوات، فدهش الرجل، وأخبر من حوله بالقصة، فاستغرب أهل الجزيرة، والرجل الذي رُد إليه العقد كان دائمًا يدعو الله بأن يجمع بين ابنته وبين الرجل الذي أعاد العقد.
هذه القصة تدل على جزاء الإحسان، وكيف يكون من جنس العمل، فإن الله يكون في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، وهذه حقيقة مطلقة، يجب علينا أن نضعها دائمًا نصب أعيينا في كل فعل نقوم به. [4]
جزاء الإحسان إحسان
الإحسان هو عبادة الله حق العبادة، وهو بذل المنفعة أيًا كانت، ولأي مخلوق كان، والله عز وجل يأمرنا حتى بالعدل في الإحسان
ومن علامات الإحسان
- استقامة العبد على طاعة الله
- عبادة الله واستشعار مراقبته في كل خطوة يقوم بها الشخص
- بذل الإحسان للآخرين، ودفع حقوقهم
- تجنب الظلم، وكف الأذى والبلاء عن الآخرين، وإعطاء النصائح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- بذل المال والعطاء للآخرين المحتاجين
أما جزاء الإحسان فهو يكون من جنس العمل، فكما تدين تدان، والجزاء يكون أفضل من جنس العمل، لأن الشخص يقوم بتجارة مع الله، والتجارة مع الله رابحة دومًا، ولا يمكن أن يقارن الإحسان من شخص مع الإحسان من الله عز وجل المعطي، وهو بفضله قد هدى الشخص للإحسان، لأنه هو المحسن الغفور الودود.
اليقين بهذا الأمر يساعد الشخص على الثبات، وعلى انتظار عطاء الله، الذي يمهل ولا يهمل، والمحسن دائمًا درجته عالية عن الله عز وجل. [4] [2]