كيف يحقق التوكل على الله طمأنينة النفس وراحة القلب

يحقق التوكل طمأنينة النفس وراحة القلب إذا


يحقق التوكل طمأنينة النفس وراحة القلب إذا

كان أساسه التوكل على الله حق توكله.

حيث أن وكلت أمري إلى الله تعني اعتمدت عليه وألجأت أمري إليه والتوكل في الاصطلاح يعني تفويض الأمر إلى الله وصدق الاعتماد عليه والثقة به وطلب الكفاية منه سبحانه وتعالى والاطمئنان له وجعل الله التوكل عليه شرط من شروط صحة الإيمان حيث قال تعالى : (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) سورة المائدة آية 23، ومن توكل على الله كفاه همه وما أغمه من أمور دينه ودنياه ومن توكل على غير الله خذله وخاف وخسر حيث قال الله تعالى: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) سورة الملك آية 29.

آثار التوكل على الله

  • من أسباب فرج الكرب.
  • سبب من أسباب سعة الرزق.
  • تحقيق النصر.
  • دليل على صدق الإيمان.
  • حب الله للعبد.
  • دخول الجنة.


من أسباب فرج الكرب

: التوكل على الله من أسباب فرج الكرب واستبدال اليسر بالعسر حيث أن تعلق القلب بالله سبحانه وتعالى من أسباب فرج الكرب ولكن التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب إذا صدق اعتماد القلب على الله ، من توكل على الله يحفظه من الشيطان الرجيم حيث قال تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) سورة النحل آية 99.


سبب من أسباب سعة الرزق

: التوكل على الله سبب من أسباب سعة الرزق فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لو أنكم كنتم توكَّلون على الله حق توكُّله، لرُزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا) أخرجه الترمزي ، من صدق في توكله على الله كفاه الله همه وحماه ولقد قال الله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) سورة الطلاق.


تحقيق النصر

: حيث قال تعالى (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) سورة آل عمران آية 160.


دليل على صدق الإيمان

: التوكل على الله دليل على صدق الإيمان حيث قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) سورة الأنفال آية 2 وقول الله تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، وقال ابن القيم رحمه الله ( التوكل نصف الدين ).


حب الله للعبد

: حماية ورعاية الله له حيث قال تعالى:(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً) سورة النساء آية 81 وقال: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) سورة النساء آية 3 وقال: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة الأنفال آية 49، حب الله للعبد الذي يتوكل عليه حيث قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) سورة آل عمران آية 159.


دخول الجنة

: من أعظم آثار التوكل على الله دخول الجنة فقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ) سورة العنكبوت: آية 58-59، عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُهُ، وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ». ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ»؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: (هُمْ الَّذِينَ َلَا يَسْتَرْقُونَ، ولا يكتوون، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون).[1][4]

شروط التوكل على الله

  • الاعتماد على الله والإيمان بأن الله هو مسبب الأسباب.
  • الأخذ بالأسباب.
  • الإخلاص لله.


الاعتماد على الله والإيمان بأن الله هو مسبب الأسباب

: حيث يجب على المؤمن بأن يعلم أن أمر الله نافذ وأن الله كتب الأمور وقدرها قبل أن يولد الإنسان، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، فجميع الأمور بيد الله فهو الوحيد الذي يميت ويحيي ويسعد ويشقي فمن علم هذه الحقيقة سهل التوكل على الله.


الأخذ بالأسباب

: حيث ليس من التوكل على الله تعطيل الأسباب بل يجب العمل بالأسباب ومن يعطل الأسباب فإنه يخالف شرع الله فلقد أمر و حث الله سبحانه وتعالى على الأخذ بالأسباب فلا يكون المؤمن متوكلاً على الله إلا إذا أخذ بالأسباب، ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى النكاح للحصول على الذرية فإذا قال أحدُ بأنه لن يتزوج وسينتظر ولد دون زواج فسوف يعد من المجانين، ولا يجب على المسلم أن يجلس في المسجد أو البيت ويتحرى الأرزاق أن تأتيه بل يجب عليه أن يعمل ويسعى في طلب المكسب الحلال، ومريم بنت عمران لم تعطل الأسباب فقد قال الله لها:(

وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا

)  سورة مريم آية 25، فقلد هزت النخلة وأخذت بالأسباب حتى وقع عليها الرطب، فوجود الرزق عندها حيث أتاح الله لها بعض الأزراق لم يعطلها عن الأخذ بالأسباب بل قد تتعبد وتعمل بالأسباب وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:

احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن

، قال الله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].


الإخلاص لله

: حيث يجب أن يفوض المسلم جميع أموره لله ويعتمد في نجاحها على ربه وأما جوارحه تكون مشغولة بالأخذ بالأسباب التي شرعها الله له.[2][3]

أمثلة من سيرة الأنبياء عليهم السلام في التوكل على الله

عندما مر ركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم بحمراء الأسد فأخبرهم بأن أبا سفيان قد جمع لهم قالوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ) أي زاد المسلمين قولهم ذلك (إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) سورة آل عمران آية 173_ 174.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال :{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} صححه البخاري.

عن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ –شجر شوك- فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ سَمُرَةٍ –شجرى الطلح- فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، فَنِمْنَا نَوْمَةً ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :(إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ) ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.[4]