ما الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه في سورة الناس
الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه في سورة الناس
الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه في سورة الناس
الربوبية، والمُلك، والإلوهية
.
يقول الله في كتابه العزيز : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس، مَلِكِ النَّاس، إِلَهِ النَّاس، مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاس، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس، مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاس)، فقد وصف تبارك وتعالى نفسه بأنه رب الناس، وملك الناس، وإله الناس، يقول ابن كثير رحمه الله : (هذه الصفات من صفات الرب عز وجل، الربوبية والملك والإلهية، فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقة له، مملوكة عبيد له، فأمر المستغيث أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس، وهو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزيِّن له الفواحش، ولا يألوه جهدًا في الخبال. والمعصوم من عصمه الله).
تختلف الربوبية عن الألوهية، حيث أن توحيد الربوبية هو اعتقاد العبد بأن الله تعالى هو الخالق الرازق، وهو المنفرد بالملك وتدبير أمور العباد، أما توحيد الألوهية فهو أن يؤمن العبد أن الله تعالى هو المستحق للعباده وحده دون سواه.[1][2]
تفسير سورة الناس
قال تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، خاطب الله تعالى في الآية الأولى من سورة الناس في فعل الأمر (قُل) النبي صلَّ الله عليه وسلم، وخطاب الله تعالى لنبيه هو خطاب للأمة، حيث أن النبي موكَّل بإخبار الأمة وتوجيهها، وكلمة (أعُوذُ) : تعني ألتجئ وأحتمي، والاستعاذة دعاء، روي عن شكل بن حميد في صحيح أبي داوود قال : (قلتُ : يا رسول الله علمني دعاءً، قال : قل : اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر مَنِيِّي).
قال تعالى : (بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ)، وقد وصف الله تعالى نفسه بالربوبية، والألوهية، والملك، فجميع مع في الكون مخلوق له تعالى ومملوك له، وقد قدَّم الله تعالى صفة الربوبية لمناسبتها للاستعاذة لأنها تتضمن نعم مثل : (الصيانة، والحماية، والرعاية)، وتلاها بصفة الملكية لأن المستعيذ بالله ليس له عونًا وغوثًا غيره سبحانه وتعالى، وذكر الألوهية بعد ذلك ليبيِّن لعباده أنه المستحق للشكره والعباده، فالحمد لله وحده دون سواه.
قال تعالى : (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) : الوسواس على وزن فَعلال من وّسوّس، والوسوسة هي الصوت الخفي، الوسواس هو الكلام الخفي المُلقة في النفس بغير صوت، أو بصوت خفي لا يسمعه إلى الشخص الذي ألقي في نفسه الكلام، ورد في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : (سأل أناس النبي صلَّ الله عليه وسلم عن الكهان، فقال : إنهم ليسوا بشيء، فقالوا : يا رسول الله فإنهم يُحَدِّثون بالشيء يكون حقًّا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيُقَرْقِرُها في أذن وليِّه كقرقرة الدجاجة، فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة).
قال تعالى : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)، والذي يوسوس في صدور الناس هي أنفسهم، وشياطين الجن والإنس، وفي الآية الأخيرة من سورة الناس يقول تعالى : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)، والاستعاذة من الجِنة هي الاستعاذة من الشيطان الرجيم، أما الاستعاذة من الناس، فهي على وجهين : وجه يقول بأنها الاستعاذة من النفس الأمارة بالسوء، ووجه على أنها الاستعاذة من وسوسة الناس لبعضهم البعض، قال تعالى : (كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا)، قال قتادة : (إن من الإنس شياطين، وإن من الجن شياطين، فتعوَّذ بالله من شياطين الإنس والجن).
الوسوسة من الشيطان ومن النفس
تكون الوسوسة بالشر من الشيطان، قال تعالى : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى)، ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال : (إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس، فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس)، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة)، قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال : (وإياي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير).
تكون الوسوسة من النفس، قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)، وقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال : (مَن توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه)،
أبدت الشرعية المؤاخذة بما قصدته القلوب وعزمت عليه، البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال : (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها، ما لم تعمل أو تكلم)، فالعبد لا يُحاسب على خواطره التي لا تُوَطَّن النفس عليها،وكل ما ورد على قلبه دون أن يعزم عليه النية، أما إذا عزم العبد النية على ما وسوست إليه نفسه، وأقره فهو مؤاخذ طبقًا للشرع، تأمل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) والحب هنا عمل قلبي عزم الإنسان النية عليه وهي نية فاسدة لنشر الفساد أو دعم من ينشرونه ولو بالقلب، وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) أي أن العبد يأثم على ظنه السئ، وقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)، والكره مثل الحب عمل قلبي والعبد مؤاخذ عليه لأنه عقد عليه النية، وإذا كره الإنسان أنزل الله فقد كفر به، وإن قال عكس لك.
النفس على ثلاثة أنواع
- النفس الأمارة بالسوء.
- النفس اللوامة.
- النفس الراضية.
أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز أن هناك ثلاثة أنواع من الأنفس البشرية ليس لكل إنسان نفس من هذه الأنفس، ولكنها أحوال للنفس ذاتها أي أن النفس تتقلَّب بين الأحوال الثلاثة، قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية : (والتحقيق أنها نفس واحدة، لها صفات، فهي أمَّارة بالسوء، فإذا عارضها الإيمان صارت لوَّامة، تفعل الذنب ثم تلوم صاحبها، وتلوم بين الفعل والترك، فإذا قوي الإيمان صارت مطمئنة)، وإليك الأحوال الثلاثة للنفس من كتاب الله تعالى :
النفس الأمارة بالسوء :
وهي نفسك حين تأمر بفعل السوء، قال تعالى في الآية الثالثة والخمسين من سورة يوسف : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّ).
النفس اللوامة
: ونفسك اللوامة هي التي تلومك، وتؤنبك عن فعل المعاصي، قال تعالى في الآية الثانية من سورة القيامة : (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).
النفس الراضية :
عندما يقوى الإيمان في نفسك، وتستقر تصبح نفس راضية، يقول تعالى في كتابه في الآيتان 27،28 من سورة الفجر : (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً).[3]