شرح حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما
معنى من سلك طريقا يلتمس فيه علما
معنى حديث النبي عليه الصلاة والسلام ان سلوك الطريق لالتماس العلم والحصول عليه، ومطالعته ومذاكرته، والتفكر في العلم يرفع من درجات المؤمن ويكون سبب من اسباب دخوله الى الجنة
وسلوك طريق العمل لا يكون فقط بالتنقل من مكان لاخر، مثلًا قد يكون القصد هو الشخص الذي يسافر من بلد لاخر كي يحصل على العلم، او يسير على الاقدام او بدابته او بسيارته او براحلته او ايًا كان كي يصل الى مجالس العلم، وقد يكون طلب العلم من المنزل عبر الانترنت او من مكتب الشخص دون ان يحرك قدميه، كما يكون بالطريق المعنوي مثل قراءة الكتب والاستماع الى القران وحفظه، وقراءة التفاسير وغير ذلك.
والحديث النبوي الشريف يقصد السير بمعناه الحقيقي اي السير الحقيقي لطلب العلم والسير المعنوي، فكل هذه الامور تدخل في شرح النبي عليه الصلاة والسلام في طلب العلم.
والحديث بالكامل هو لقول كثير بن قيس: : كنت جالساً عند أبي الدرداء رضي الله عنه في مسجد دمشق، فأتاه رجل فقال: يا أبا الدرداء! أتيتك من المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فما جاء بك تجارة؟ قال: لا، قال: ولا جاء بك غيره؟ قال: لا، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء؛ إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً؛ إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)]
وسلوك الطريق لالتماس العلم: قد يكون المقصود به كما راينا سلوك المشي على الاقدام لطلب العلم، وقد يكون معناه الاعم والاشمل وهو التعلم والتفهم بشكل عام، وكل الامور التي يقوم بها الشخص لطلب العلم تدخل في ذلك. [1] [2]
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة شرح الحديث
حث النبي عليه الصلاة والسلام على طلب العلم، واول اية نزلت على نبينا الكريم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)( سورة العلق وهذه الايات الكريمة كانت امر من الله على ان يتفكر الانسان، وهو ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقوم به حتى قبل نزول الوحي، وهذه المعاني القرآنية تتماشى مع اهمية طلب العلم لأن العلم الحق يوصل الى الله عز وجل.
وقال تعالى﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾
والحديث يدل على ان طلب العلم طريق للجنة والسعادة في الدنيا، وهو من افضل المكاسب التي يمكن ان يكتسبها الانسان في حياته، وفي هذا الحديث يكمل النبي فيصف فضل العالم على الشخص المنشغل بالعبادة «كَفَضْلِ القَمَرِ ليلةَ البَدرِ على سائِرِ الكَواكِبِ» لأن العالم الحقيقي هو العالم الذي ينفع الناس بعلمه ولا يبخل عليها
وبعض العلماء فسر الحديث النبوي على انه يحث على المشي في طلب العلم الشرعي اذا كانت النيه خالصة في العبادة، وفسروا ايضًا الحديث بانه سلوك الطرق المعنوية التي تودي الى العلم.
ويقول عليه الصلاة والسلام «وإِنَّ العُلَماءَ هم وَرَثةُ الأنْبياءِ، وإنَّ الأنْبياءَ لم يُورِّثوا دِينارًا ولا دِرهَمًا» لأن الانبياء لم يتركوا وراءهم ثورة مالية، بل تركوا طريقًا ودليلًا يتبعه المؤمنين، وكذلك العلماء الذين يعلمون الناس ولا يبخلون بعلمهم، فيكونوا كالمنارات التي تنير الدروب للاجيال، ومن الواجب على العالم ان يعلم طلاب العلم، ويجب على طلاب العلم اكرام العلماء ورفع منزلتهم.
والنبي عليه الصلاة والسلام لم يطلب من ربه لا جاهًا ولا مالًا، ولما عرض عليه جبريل عليه السلام نفوذًا لا ينبغي لاحد من بعده، رفض ذلك، لكنه طلب من رب العالمين فقط الاستزادة من العلم، ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: 114]. [3] [4]
معنى سهل الله له طريقا إلى الجنة
قول النبي عليه الصلاة والسلام سهل له طريق الى الجنة يعني ان الله ييسر للشخص الذي يطلب العلم علمًا يوصله الى الجنة، ويزيده الله من تعلم الامور النافعة والهدى الذي يهديه ويرفع درجاته في الدنيا والاخرة، وهذه الامور توصل الى الجنة.
قال تعالى (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) والجهاد في سبيل الله لا يكون فقط بقتال المشركين، انما يكون ايضًا في تعلم العلوم الشرعية، وتخصيص الوقت للقران الكريم، وفهمه وتدبر معانيه والعمل به
والله عز وجل ييسر لطالب العلم ويعطيه ثمره عمله، التي تكون برفع الدرجات اذا كان مخلصًا العمل لله عز وجل، كما ان الله يخفف عن طالب العمل عذاب يوم القيامه، وييسر له الوصول الى الجنة.
وذلك لأن طالب العلم ييسر له الله العديد من العلوم التي تنفعه وتكون سبب لهدايته ووصوله الى الجنة، كما يدخل في هذا الامر ان العلم يساعد على تسهيل الوصول للجنة ويهون على المسلن اهوال يوم القيامة، واسهل طريقة للوصول الى الجنة هي عبر طلب العلم، كما انه يسهل على الانسان سبل الهدايا، وبه يخرج من ظلمات الجهل، وشبه النبي عليه الصلاة والسلام طلبة العلم بالنجوم المضيئة. [5] [6]
من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، هل يشمل العلم الدنيوي
العلم يشمل العلم الشرعي المأخوذ عن النبي عليه الصلاة والسلام والقران الكريم، والعلوم الدنيوية التي تعتبر فرض على كل مسلم ومسلمة، ومن قام بها يكون اجره عظيمًا، لأن الامم لا يمكن ان ترتقي وتواكب الحضارات اذا لم يكن من ابنائها العلماء والدارسين والخبراء في امور الحياة
وحديث النبي عليه الصلاة والسلام يحث على تحصيل العلم بجميع انواعه، واكد العلماء ان طالب العلم الدنيوي يقع اجره اذا كانت نيته خالصه لله عز وجل، ويرى بعض اهل العلم ان ثواب طالب العلم فرض الكفاية اعظم من غيره اذا كان مخلصًا للنية، وحتى العلوم الدنيوية المختلفة تعتبر من الطرق الموصلة لمعرفة الله عز وجل والوصول الى رضوان الله عز وجل والفوز بالجنة في الاخرة.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام (وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم) كما ان الملائكة تتبع مجالس الذكر وتحف حولها. [7]