الصور التي تعد غلو في النبي صلى الله عليه وسلم

من صور الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم

إن الصور التي يمكن اعتبارها غلوًا في رسول الله صلى الله عليه وسلم تتمثل في:

  • الغلو في القول.
  • الغلو في العمل.
  • الغلو في الاعتقاد.

ومن الجدير بالذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: “إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”، كما يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}، [سورة النساء: الآية 171]، وهذا يدل على ألا تزيدوا، أي عدم الزيادة عما شرعه الله.

وعلى الرغم من أن حب النبيين حق، وحب الصالحين حق، إلا أنه إذا زاد هذا الحب بالدرجة التي يتم دعوتهم مع الله بها، أو أن يُستغاث بهم، لكي ينذر لهم، فيكون ذلك ظلمًا، فبالطبع يجب أن نحبهم ونطيع الله عز وجل الطاعة التي أمرنا بها، وأن نسير على نهج الأنبياء، ولكن كل هذا بدون مبالغة وزيادة حتى لا تصل لدرجة العبادة.

فيجب أن نحب الأنبياء، وأن نحب الصالحين، ولكن يكون هذا الحب بدون زيادة، وألا نغلو بحيث يتم اعتبارهم مثل الله آلهة، ولكن فقط نتبع منهج الرسل، وخاصة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يتم السير على ما جاؤوا إلينا به بدون غلو، إذ أن العبادة هي حق لله وحده، فلا يجب الغلو في قبور الأنبياء، وألا يتم بناء المساجد عليها، ولا وضع القباب عليها، ولا الدعاء لأهلها بالمدد، ومن الجدير بالذكر أن الغلو أحيانًا يكون بدعة، وأحيانًا يكون شركًا، ويكون بدعة إذا تم البناء على قبورهم مثل بناء المساجد والقباب عليها، أما الشرك فيكون في دعاؤهم دون دعاء الله، أو الاستغاثة بهم، أو النذر لهم. [1]

معني الغلو

إن معنى مفهوم كلمة الغلو هو

(المبالغة)،

فعندما نقول (كَلاَمُهُ فِيهِ غُلُوٌّ): أي فِيهِ مُبَالَغَةٌ، أو عند القول بـ (تَمَيَّزَ فِكْرُهُ بِالْغُلُوِّ): أي أنه تميز بِالتَّعَصُّبِ عَجِيبٌ أَمْرُهُ، والغلو في الدين يعني المغالاة والتعب والمشقة وتحميل الإنسان لنفسه ما لا تطيقه وتجاوز ما شرعه الله عز وجل‏. [2]

حكم الغلو في النبي

إن الله سبحانه وتعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن، كما جاء في قوله عز وجل بسورة الحديد: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، [سورة الحديد: الآية 3]، وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو: “اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر” (رواه الإمام مسلم في صحيحه).

ولذلك فمن يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم علو شأنه في نفوسنا بأنه: “هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم” فيكون

كافرًا،

لأنه يصف نبي الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسماء تخص الله سبحانه وتعالى ولا يستحقها أحد غيره، وذلك الكلام لا يمكن أن يقوله شخص عاقل فاهم لما يقول، فالأول والظاهر هو الله وحده، وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى قبل كل الأشياء وبعدها، وهو الظاهر فوق كافة خلقه، وهو من يبقى بعدهم، وهو العالم بأحوالهم، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم ليس له علم إلا بما علمه إياه الله تعالى، ولذا فمن يقول على الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنه الأول والآخر والظاهر والباطن” فيكون

ضالًا ومرتدًا

إن كان من المسلمين. [3]

أنواع الغلو

  • الغلو المحمود المباح
  • الغلو المذموم المحرم

إن الغلو في الأنبياء أمر محرم، وإذا غال أحد المسلمين في الأنبياء أصبح ضالًا ومرتدًا، ومن الجدير بالذكر أن تعريف أنواع الغلو :


الغلو المحمود المباح :

وذلك النوع من الغلو هو ما يتوافق مع معايير الشريعة الإسلامية، كما أنه مطلوب ويُعد من صور التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، إذ أن المبالغة وتجاوز الحد ليست دائمًا من الأفعال المذمومة، إذ يوجد عدد من العبادات من الممكن أن تحدث بالقليل، ولكن لا يتم كمالها بدون المبالغة، فقد قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، [الحج، الآية 32].


الغلو المذموم المحرم:

وهذا هو النوع الذي يخالف معايير الشريعة الإسلامية، وقد نهانا الله ورسوله عنه، ويقع ما بين التحريم والكراهية، ومن الأمثلة على الغلو المحرم هي الابتداع في الدين، أما الأمثلة على الغلو المكروه فهي المغالاة في المهر.

أحاديث عن الغلو في النبي

إن الغلو يتمثل في تجاوز الحدود التي شرعها الله سبحانه وتعالى، سواء أكان هذا التجاوز في جوانب الاعتقاد، العمل، أو القول، ومن شدة حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحمي التوحيد، ولأنه كان يعلم مدى شدة حبه في قلوب عباد الله، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التجاوز في مدحه، لأن علم بأن تلك المبالغة ما هي إلا طريقًا للغلو، ودعوة للانحراف والشرك، وقد جاء تحذيره صلى الله عليه وسلم من الغلو بالنهي الصريح مرة، ومرة أخرى باللجوء إلى ربه عز وجل ودعائه بألا يتحول قبره صلى الله عليه وسلم إلى وثن يعبد، وقد ورد في ذلك العديد من الأحاديث ومنها: [4]

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: “جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فراجعه في بعض الكلام فقال: ما شاء اللهُ وشئتَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أجعَلْتني مع الله عِدلًا (وفي لفظ ندًّا)، لا، بل ما شاءَ اللهُ وحدَه” رواه أحمد وحسنه الألباني.

وعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: “دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من قُتِل من آبائهن يوم بدر، حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين (من الشِعر الذي لا مغالاة فيه)” رواه البخاري، وقال ابن حجر: “وإنما أنكر عليها ما ذكر من الإطراء حين أطلق علم الغيب له، وهو صفة تختص بالله تعالى”.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اللهم لا تجعل قبري بعدي وثناً يُعبد” رواه أحمد وصححه الألباني.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “أن ناساً قالوا: يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال: يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أُحِبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل” رواه أحمد وصححه الألباني

وعن يحيى بن سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا أيُّها الناسُ! لا تَرْفَعُونِي فَوْقَ قدْري، فإنَّ الله اتَّخذني عبداً قبل أنْ يَتَّخِذَني نبيّاً” رواه الطبراني وصححه الألباني.

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تُطْروني (تجاوزوا في مدحي) كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله” رواه البخاري.