هل يشعر الميت بالدود ؟ .. ما هو احساس الميت بعد الموت

هل يشعر الميت بالدود

المصير الحقيقي والذي لا مفر منه هو الموت، ولكن ما يشغل الناس دوماً ما يحدث بعد موتهم وما الشعور الذي يرافق الميت في قبره وهل يشعر بما يحدث له في القبر وأثناء الوفاة أم لا، فكل ما نعلمه وندركه عن الموت قليل، فهو عالم أخر معلوماتنا عنه ضئيلة وقليلة ولا يعلم حقيقته سوى الله عز وجل، لأن ليس هناك عائدون من الموت يحكوا لنا ما رأوا، ولا يمكن للأحياء أن تتسع أبصارهم ويرفع عنهم حجابهم لرؤية العالم الآخر، فسبحان الله ذي العزة والملكوت صانع كل شيء ومليكه.


أما عن شعور الميت بالدود، فمن الطبيعي عند موت الإنسان يتحلل جسده ويبلى ويأكله التراب والدود

، إلا أجساد الأنبياء فوحدها المحرمة على الأرض، وذلك ما ورد في سنن النسائي وابن ماجة وغيرهم، حيث جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه قال” ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة” صدق الرسول الكريم، فكل الأجساد تبلى ما عدا عظمة واحدة تسمى عظمة الذنب هي التي يعود منها كل إنسان مرة أخرى يوم القيامة[1][2].

وعندما يكون الإنسان صالحاً مستقيم، عمله جميل فإنه أبداً لم يشعر بتحلل جسده، وذلك أمر بديهي فالعمل الصالح يمنع عن صاحبه العذاب ويدخله في رحمة الله عز وجل، كما أن الأجساد لا شيء وليس هي الأساس، فكل الأمر في الروح التي تصعد لبارئها فور وفاة صاحبها، حيث يقول ابن عمر “إن هذه الجثث ليست بشيء وإنما الأرواح عند الله”، كما أن في سير أعلام النبلاء قيل لابن عمر، إن أسماء في ناجية المسجد، وذلك حين صلب ابن الزبير فمال إليها فقال” إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاتقي الله واصبري، وهذا الأمر في أجساد المؤمنين.

الأمر يختلف تماماً مع الكفار والعصاة والمشركين بالله الواحد الأحد، وهم الذين لم يتجاوز الله عنهم حيث يمكن أن يكون لهم عذاب أليم، حيث ثبت أن عذاب القبر أو نعيمه يلحقان بالروح والبدن معاً كما هو اعتقاد أهل السنة، معنى ذلك إن كان الإنسان محسن وذو عمل طيب لم يشعر بألم الجسد ولا الروح بل تنعم روحه ولا يشعر أبداً بالدود ولا بتأكل بدنه بعد موته، أما إذا كان مشرك وعاصي لله عز وجل تألم الجسد والروح وشعر بالعذاب الأليم الذي وعد الله به الطالحين الفاسدين.

ما هو احساس الميت بعد الموت

الموت عالم أخر يشغل الأحياء، ربما ينتاب الجميع الشعور بالفزع والخوف تجاه هذا الأمر، ولكنه مؤكد وضروري ولم ينجى منه إنسان فالأنبياء قد رحلوا ولم يبقى عليها أحد، والموت هو خروج الروح من الجسد، وعندما تخرج الروح من الجسد يفقد الإنسان شعوره بكل شيء، حيث كان يظن البعض لأزمان طويلة أن الميت يشعر بما يحدث له عند الغسل ولكن هذا الأمر محال فالجسد لا يشعر دون روح، ثم بعد ذلك يدفن الجسد بعد الغسل والصلاة عليه وتوديع الأهل والأحباب والأقارب، ثم تعود الروح للجسد مرة أخرى ليعود الشعور للإنسان وحينها يسأل سؤال القبر، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر ” ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الميت إذا مات فإنها تعاد روحه إليه في قبره، ويسأل عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، وأما الكافر أو المنافق فإنه إذا سئل يقول: ها، ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته” صدق الرسول الكريم[3][4][5][6].

ربما لا تعود الروح للجسد كما هو الأمر في الدنيا فالحياة البرزخية مختلفة تماماً ولا نعلم عنها شيء، ولا يجب أن نقف عندها كثيراً ونبحث في أمور غيبية لا نصل منها إلى نتيجة، فهناك أمور أحتفظ الله بها في علم الغيب عنده لقوله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الإسراء “وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً” صدق الله العظيم، ولكن ما نعلمه مؤكداً من شعور الميت في القبر بعد السؤال إن أجاب المرء وأصلح إجابته وقال ما وجب قوله، حينها يفسح له قبره ويبشرها الملائكة بالجنة ويشم ريحها، أما إن كان سيء العمل والخلق ولم يفلح في الامتحان ولم يجيب فهو صاحب روح كافرة فالملائكة حينها تبشره بسخط الله وبالنار، ثم يصعدون بالروح ذليله خافة ولا تفتح لها أبواب السماء، ثم تعاد إلى جسدها فيضيق على صاحبها قبره ويلحقه عذاب القبر ويفتن صاحبها ويأتيه حر النار وسمومها، حيث ورد في صحيح البخاري “يفرش له قبره ناراً، ويلبس ناراً،  ويفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره، ويضرب بمطرقة عظيمة لو ضرب بها جبل لصار ترابا، ويبشر بالعذاب في الآخرة، ولذلك يتمنى ألا تقوم الساعة”.

فالميت ذو العمل الصالح تصعد روحه إلى السماء  مباشرة ويحيا حياة البرزخ التي كلها نعيم وخيرات، بينما ما أفسد عملاً فعذاب القبر مصيره، ويضرب بمطرقة من الحديد حيث ورد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين”، كما يخسف به الأرض إذ ورد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة” ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن روح المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة يأكل من ثمارها، والكافر تذهب روحه إلى النار”.

معنى ذلك أن الميت قد يشعر بعد موته، وذلك عند سؤاله، فإذا كانت روحه طيبة وعمله صالح بشر بالجنة وشم ريحها وصعدت روحه للمساء وفتحت حينها أبواب السماء واستقبلتها الملائكة وحيا حينها المتوفي حياة برزخية جميلة، بينما إن كان عمله فاسد وعاصي وكافر، بشر بالنار وعرف مقعده فيها والحقه الغم والهم والحسرة وردت روحه حيث لم تقبل في السماء، ثم تعود إلى قبره وترى عذابه والذي يتمثل في أشكال كثيره كلها مؤلمة نفسياً وجسدياً، ويرى الميت حينها مقعده من الجنة لو كان صالح فأصابته الحسرة والندم والحزن والخزي، والله أعلى وأعلم ولكن هذا ما ورد في السنة النبوية الشريفة وعن جمهور الفقهاء و العلماء، فاللهم جنبنا عمل السوء وخزي القبر وعدم قبول الروح.