الفرق بين الرؤيا واضغاث الاحلام وحديث النفس
الرؤيا وأضغاث الأحلام وحديث النفس والفرق بينهم
يحتار المرء في
تحديد
أوجه الاختلاف بين الرؤيا والحلم وحديث النفس ويصعب عليه تحديد نوع الحلم الذي رآه، وهذا لأن التشابه بينهم قريب جدًا، وفيما يلي بيان الفرق بينهم:
-
الرؤيا
تعد في حد ذاتها شيء موثوق منه ينتج عن صفاء الذهن وسمو الروح.
-
حديث النفس
يشير إلى ما يطمع الإنسان في تحقيقه، ويتمنى حدوثه.
-
وعلى عكس ما سبق فإن
أضغاث الأحلام
تعني
الهلوسة
وبحسب
الإسلام
يقال أنها من الشيطان.
بالنسبة للرؤيا وحديث النفس واضغاث الأحلام كلها من أشكال الأحلام التي يراها النائم لكن كل منهم له تفسير يختلف عن الآخر، ويبرع في التفريق بينهم
العالم
الصالح والفقيه الصادق في الدين.
مثلما حدث مع العالم محمد بن سيرين عندما دخل عليه المسجد رجل يخبره أنه رأي أنه يؤذن في حلمه، فبشره العالم بأنه سيؤدي فريضة الحج قريبًا، وبعدها بوقت دخل رجل آخر يقول رأيت في منامي أني أؤذن فقال له ابن سيرين أنت رجل سوء فاتق
الله
ولا تفعل الحرام.
فتعجب الحاضرون وطلبوا منه تفسير ذلك، فكيف يختلف التفسير بينهما مع أن المنام واحد، فقال لهم الأول عندما دخل رأيت في وجهه نور الطاعة، فتذكرت قوله تعالى: ” وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا”، وعندما أتى الآخر رأيت على وجهه ظلمة المعصية فتذكرت قوله تعالى: “وأذن مؤذن أيتها العير أنكم لسارقون” وتفصيل ذلك كالآتي:
-
الرؤيا
هي عبارة عن
رسالة
من الله تكون بشكل تبشير أو تحذير لأشخاص مؤمنين به، ومقربين منه سبحانه، ومحبين لذاته العلية، ومن أمثلة ذلك رؤية الرسول عليه
الصلاة
والسلام في المنام، ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام “من رآني في المنام فقط رآني، فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي” وهذا الحديث رواه مسلم.
أما أقسام الرؤيا فهم ثلاثة، وتفصيلهم كالآتي:
-
قسم واضح بشكل لا يحتاج معه تفسير.
-
رؤيا تحمل
معنى
في ذاتها، لهذا تحتاج تفسير من أهل
المعرفة
والدين، ومثلها رؤيا
سيدنا يوسف
عندما رأي 11 كوكب بالإضافة للشمس والقمر وهم جميعًا يسجدون له.
-
تحذيرية وفيها يرسل الله لعبده بعض التحذيرات يراها في منامه ليأخذ جانب الحيطة، ويحتاط من الأمر الذي رآه، ومن أمثلة تلك الرؤيا التحذيرية ما
ورد
في سورة يوسف، فقال تعالى: “وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف” وتلك الرؤيا فسرها له سيدنا يوسف، فكانت تلك البقرات ترمز لسنوات الرخاء، والسبع العجاف هم سنوات القحط والفقر التي تلت فترة الرخاء.
-
حديث النفس
هذا النوع من الأحلام يعني أن يرى المرء في منامه ما يتمنى حدوثه في الواقع، مثل: أن تحلم
الزوجة
التي تأخرت في
الإنجاب
أنها حامل، أو وضعت طفلة أو طفل جميل، وكذلك من يبحث عن عمل وأموره متعسرة يرى في حلمه أنه سافر، أو أنه يعمل في مكان مرموق، وكذا الأمر مع الفتاة التي تأخر زواجها تحلم بنفسها ترتدي فستان الزفاف ويجلس بجانبها من تتمنى الاقتران به.
وعلى الصعيد الآخر قد يتمثل حديث النفس في أمر يخشى الإنسان حدوثه في الحقيقة، مثل من يخاف الموت ويفكر فيه كثيرًا يحلم بأنه مات بالفعل بشكل بشع، وكذا الحال مع من يخشى مواجهة شخص وتتكرر رؤيته له في أحلامه ويستيقظ وهو فزع.
وبالنسبة لهذا النوع من الأحلام فلا تفسير له إلا ما ذُكر في كتب الفلسفة، حيث فسره العلماء بأن ما يراه المرء في منامه يرجع إلى عقله الباطن المشغول بالتفكير في أمر معين، وتتكرر رؤيته له في أحلامه باستمرار.
-
أضغاث الأحلام
كثرة الاحلام على ماذا تدل
فسر الإسلام الكوابيس المخيفة التي يراها الشخص في منامه بأنها أضغاث أحلام لا تفسير لها في الحقيقة، إلا أن الشيطان أوزع بها للمؤمن ليحزنه، ويخيف قلبه، ويجب على المرء عندما يرى ما يفزعه في حلمه ألا يقص حلمه على أحد.
ودليل ذلك أن أحد الصحابة حكي للرسول عليه
السلام
أنه رأى وكأن رأسه تُقطع وهو يتبعها، عندها زجره الرسول وقال له: “لا تخبر بتلعب الشيطان بك في المنام”
بالإضافة لقوله تعالى في كتابه العزيز “إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا” (سورة المجادلة الآية 10). [1]
تحديد نوع الحلم على حسب الرائي
تلك النظرية تعتمد على تصنيف الأحلام ما بين رؤيا وحديث نفس أو أضغاث أحلام بناءً على رائي المنام، وتفسير هذا كالآتي:
-
الأنبياء
والرسل: وهؤلاء ما يرون إلا صدقًا، كرؤية نبي الله إبراهيم عندما رأى أنه يذبح ابنه سيدنا إسماعيل.
-
الصالحين: وهؤلاء معظم ما يرون من أحلام في مناماتهم رؤى صادقة.
-
المستورون: وهذه الفئة من المسلمين يرون الرؤيا وأضغاث الأحلام بشكل متساو.
-
الفساق: وهؤلاء يندر الصدق في أحلامهم.
-
الكفار: أما بالنسبة لهذه الفئة فهم لا يرون أي أحلام صادقة في مناماتهم.
علامات الفرق بين الرؤيا وأضغاث الأحلام
في الحقيقة هناك عوامل هامة تبرز الفروق بين هذين النوعين من الأحلام بطريقة أعم وأشمل، وتلك العوامل تتلخص في الآتي:
-
المضمون
على الرغم من أن اللفظين متشابهين، ويختلط الأمر على الشخص العادي في التفرقة بينهما، إلا أن الكثيرون فرقوا بينهما من حيث المضمون، فقيل أن المنام الذي يغمره الخير، وأحداثه سعيدة ما هي إلا رؤيا، وعلى عكس ذلك فإن الحلم ما هو إلا المنام سيء الأحداث.
-
المصدر
يختلف كل منهما من حيث المصدر، فالرؤيا مرسلة من الله لعباده، بينما الحلم يتسبب في رؤيته الشيطان، ويتلاعب من خلاله في الشخص الرائي للحلم، ومن أدلة ذلك قول الرسول عليه أفضل الصلاة “الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان.
-
الهدف
أما هذا العامل فهو يبرز الفرق بين الرؤيا والحلم أكثر، فالأولى أرسلها الله لعبده ليبشره بحدوث أمر سار له مكافأة له على صبره وحسن عبادته، أو تحذير له ليحتاط لما سوف يحدث، بينما الحلم يهدف به الشيطان تخويف الرائي ويزيد من همه وأحزانه، ويعرضه للخوف الشديد.
-
المعقولية
الرؤيا من وضوحها أحداثها واقعية ومعقولة، بينما الحلم تكون أحداثه غير واقعية، مثل
الرجل
في عهد الرسول الذي رأى رأسه قطعت ثم هربت منه، لهذا الأمر ما هو إلا تلاعب من الشيطان لإثارة الفزع في نفس الرائي.
-
الوضوح
بينما تكون أحداث الرؤيا واضحة للغاية، فتظل عالقة ذاكرة رائيها فترة طويلة من الزمن، فإن الحلم تكون أحداثه مشوشة، ولا يتذكره الرائي كاملًا، فيستيقظ ومعظم الحلم باهتًا وغير واضح.
الأوقات المخصصة للرؤيا
تمكن علماء الدين بتحديد الأوقات الأساسية للرؤيا استنادًا لأسس دينية وبيانها أن الرؤيا الصالحة يراها المرء في أوقات السحر، وفي وقتي الغدو والآصال، وكذلك طرفي النهار.
أما أضغاث الأحلام فإن الشخص يراها في منتصف النهار، وكذلك في منتصف الليل، وهما
الوقت
الذي تنشط فيه
الشياطين
والله أعلم.
الفرق بين الحلم والرؤيا ابن عثيمين
قام الشيخ ابن عثيمين بتوضيح الفرق بين الحلم والرؤيا قائلًا، أن الرؤيا في الغالب تكون سارة، يفرح المؤمن لرؤيتها ويطمئن قلبه لها، والرؤيا واضحة ولا تحتاج لتفسير، بينما الحلم من الشيطان يكون بغرض تخويف الرائي، ولا هدف منه وغير واضح الأحداث، وليس له معنى أو تفسير.
ونصح الشيخ من يرى الحلم المخيف أو الذي لا معنى له أن ينقلب على جانبه الأيمن ثم يستغفر الله ويستعيذ به مما رأى، ولا يقص رؤياه على الآخرين. [2]