ما هي دلائل الاتباع وعدم الابتداع

معنى الاتباع في الشرع

إن الاتباع هو السير خلف قوم فإذا مروا بشخص ما مضى معهم، وإن هناك العديد من فقهاء الدين قد بينوا

معنى

الاتباع شرعًا وتجلت تعريفاته كالتالي:

  • فقد قال الإمام أحمد أن معنى الاتباع هو: “أن يتبع الرجلُ ما جاء عن النبي صلى

    الله

    عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو من بَعْدُ في التابعين مخيَّرٌ”.
  • وقال ابن عبد البر: “الاتباع ما ثبت عليه الحجة، وهو اتباع كُلِّ من أوجب عليك الدليل اتباع قوله. فالرسول صلى الله عليه وسلم هو

    المثل

    الأعلى في اتباع ما أُمِرَ بِهِ”.
  • وقد عرَّف بعض علماء الدين أن الاتباع يكون بنهج سلوك من رضي الله عنهم، فقد حث الله سبحانه وتعالى على اتباع سبيل من أناب إليه، وقد قال في سورة التوبة: “وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ”.

ولهذا يجب علينا ألا نتبع غير سبل المؤمنين لأن في ذلك مفارقة للجماعة، وإن رسولنا الكريم عليه

الصلاة

والسلام قد علمنا كل شيء وهو لا ينطق عن الهوى، وأخبرنا الخير في اتباع كل ما

ورد

في

القرآن الكريم

من عبادات وغيرها لنبتغِ فيها مرضاة الله والتقرب إليه، ويجب الابتعاد عن الأشخاص الذين يعبدون الله بمستحسنات العقل، فابن الماجشون يقول: “سمعت مالكاً -رحمه الله- يقول: “من ابتدع في

الإسلام

بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}، فما لم يكن يؤمئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا”.[3]

ماهو الاتباع في اللغة العربية

إن معنى الاتباع في معجم المعاني الجامع هو التمسك بالآثار المروية بدون التأكد من هذا الرأي والأخذ باستحسانه، ويتجلى الاتباع بالتقليد، ونقول فلان سعى إلى اتباع خطواته أي أنه سار على نهجه، ويقال فلان اتبع هواه أي خضع وانقاد له، وإن اتباع هو مصدر الفعل إتَّبع.

أما معنى الاتباع بلاغة فيقصد به هو توالي لفظين يتم اتفاقهما في

الوزن

والروي ويستخدمان لتقوية المعنى، ولا يتم استخدامه منفردًا، وتأتي واو العطف بينهما، وقد قال ابن فارس في فقه اللغة: ” للعرب الإتباعُ؛ وهو أن تُتْبَع الكلمةُ الكلمةَ على وزْنِها أو رَويِّها إشباعاً وتأكيداً”.[2]

معنى الابتداع في الدين

إن معنى الابتداع اصطلاحًا يتجلى في القيام في إحداث أمر ما في الدين والشريعة ويقصد بهذا الأمر المُحدَث المبالغة في التعبد لله تعالى، وإن معناه هو أن هناك طريقًا بؤدي إلى مرضاة الله والتقرب إليه غير الطريق الذي سلكه رسولنا الكريم وعلمنا إياه، ومن الممكن أن يكون الابتداع بالدين إما بزيادة أمر ما والهدف منه التقرب إلى الله أو إنقاص أمر ما حيث أنه الابتداع لا يمكن أن ينطلق من نص شرعي أو قاعدة شرعية.

الأدلة التي وردت في الاتباع وعدم الابتداع

إن الأمر الذي فرق الأمة الإسلامية هو الابتداع في دين الله حيث أنه لو كل إنسان قال رأيه في الدين وفرق ما يعجبه من الدين ونبذ ما لم يستحسنه لأدى إلى تفرق سبل الضلالات بالجماعة المسلمة، لهذا إن الله سبحانه وتعالى قد نهانا عن اتباع السبل وأمرنا بأن نتبع الصراط المستقيم، وإن الإمام الآجري قد ذكر في كتابه الشريعة بلزوم الجماعة وقد نهى عن الفرقة وأوجب الاتباع والابتعاد عن الابتداع، ويرى الإمام الآجري أن بالجماعة يكون الاتباع أما الفرقة فتكون بالابتداع في الدين، وإن هذا النهي قد ورد أيضًا في السنة النبوية الشريفة وقد حذرنا رسولنا الكريم من الإحداث في الدين، ويكون أساس الإحداث بترك سنة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وإن من دلائل الاتباع وعدم الاتباع في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هو كالتالي:

  • قال الله سبحانه وتعالى في وجوب الاتباع في سورة الأنعام آية 153: “وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
  • قال الله تعالى في وجوب إطاعة واتباع رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في سورة

    النساء

    آية 59: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ”.
  • وقد قال الله تعالى في سورة الأحزاب آية 36: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا”.
  • وقد حذرنا رسولنا الكريم من الابتداع في الدين والإحداث فيه فقال صلى الله عليه وسلم : “إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة”.
  • وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: “إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه السيف كائنا من كان”، والمقصود بكلمة الهنات هنا هو الفتن والأمور المبتدعة والمحدثة، حيث أن المحدثات تعمل على تفرقة الأمة المسلمة.
  • وقد ورد في السنة النبوية الشريفة في ترك سنة رسولنا الكريم واتباع البدع، بحديث صحيح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: “كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم. وفيه دخن قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال نعم، دعاة على أبواب

    جهنم

    من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.
  • وقد ورد أيضًا في السنة النبوية الشريفة حديث شريف قد أشار رسولنا الكريم فيه أن الابتداع في الدين يفرق الأمة الإسلامية، لهذا يجب علينا الطاعة لكل من تولى أمر المسلمين واتباع سنة نبينا وسنة الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: “وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها

    القلوب

    فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فبماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ”.
  • وقد قال رسولنا الكريم: “إياكم والبدع”.
  • وقد بين رسولنا الكريم حكم من يبتدع في الدين فقد قال: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”.[1]