أمثلة من الانقياد والاستسلام لله ولرسوله
آيات عن التسليم لله
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز: “وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى
الله
ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله، فقد ضل ضلاًلا مبينًا”.
ويقول عز وجل: “ومن يطع الرسول فقد أطاع الله”، ويقول عز وجل: ” وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”، ويقول بن كثير أنه مهما أمرنا به النبي يجب أن نفعله، ومهما يكن الأمر الذي نهانا عنه يجب أن ننتهي عنه، وهذا هو
معنى
الاستسلام لأوامر الله ورسوله. [1]
لقد
ورد
الأمر بالتسليم والانصياع للمولى عز وجل في عشرين آية من القرآن الكريم، لأن الاستسلام لله والانقياد إلى أوامره هي روح الإسلام، فقد بين لنا الله عز وجل على لسان نبيه ما ينفعنا ويجب أن نتبعه وما يضرنا وما يجب أن نتجنبه، ولا يكمل
إيمان
المسلم إلا بالتسليم الكامل لأوامر الله نواهيه.
فنحن نؤمن أن الله عز وجل هو الخالق الواحد السميع البصير العليم وهو خالقنا وخالق الكون ومدبره وهو وحده أعلم بما كان وما سيكون وهو أعلم بالنوايا والسرائر، ولذلك فإن ما يأمرنا به هو الخير المطلق وما ينهانا عنه هو الشر المطلق، يقول عز وجل: ” ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير”.
قصص عن التسليم لله
والنبي عليه
الصلاة
والسلام هو رسول الله إلينا يوحى إليه من المولى عز وجل، ولذلك فإن المولى عز وجل أقسم أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم نبيه الكريم في جميع الأمور دون جدال أو ممانعة، وقد قال تعالى في سورة
النساء
:” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا”.
ويقال أن سبب نزول تلك الآية هو أن
الزبير بن العوام
قد خاصم رجلًا من الأنصار في شأن ماء يجري في أرض كلًا منهما، فقال عليه الصلاة والسلام للزبير بن العوام، اسق يا زبير وأرسل
الماء
لجارك، فقال
الرجل
للنبي عليه الصلاة والسلام أن كان بن عمتك يارسول الله، فهو يتهم النبي عليه الصلاة والسلام بأنه يحكم لابن عمته، فتلون وجه النبي عليه الصلاة والسلام، وأمر الزبير رضي الله عنه أن يسقي حتى يبلغ الماء الجدار.
فالنبي عليه الصلاة والسلام طلب من الزبير أن يمرر الماء لجاره على سبيل المسامحة، لكن الرجل أساء الأدب مع النبي عليه الصلاة والسلام، فنزل قول الله عز وجل، ليخبرهم أن الانصياع لحكم النبي عليه الصلاة والسلام دون ممانعة أو منازعة هو من شروط الإيمان.
ومن
قصص
الاستسلام للمولى عز وجل، ما حدث من المسلمين عندما أنزل الله عز وجل أية تحريم الخمر، فنادى منادي في المدينة ألا إن الخمر قد حرمت، فسارع المسمون بسكب ما في منازلهم من خمور فسالت الخمر في شوارع المدينة وطرقاتها.
أيضًا من قصص التسليم والانصياع لأوامر المولى عز وجل
قصة
الصحابي معقل بن يسار، عندما زوج أخته من رجل فطلقها دون سبب، ثم ندم وأراد أن يخطبها مرة أخرى، فرفض معقل، وقال لا والله لا ترجع إليك أبدًا، فتنزل قول المولى عز وجل:” وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف”، فلم سمع معقل بالآية الكريمة قال سمعًا لربي وطاعة وزوج أخته من الرجل مرة أخرى وأكرمه، بالرغم من صعوبة ذلك على نفسه.
ومن أمثلة الانقياد لله ورسوله عليه الصلاة والسلام قصة قبلة المسلمين، فقد أمر المولى عز وجل بالتوجه لبيت المقدس وقت الصلاة ليكون هو قبلة للمسلمين فانصاعوا وظل بيت المقدس قبلة للمسلمين في الصلاة لمدة عام وبضعة شهور.
ثم لما نزل الوحي وأمر المولى عز وجل النبي عليه الصلاة والسلام بالتوجه للكعبة، وكان المسلمون يصلون الفجر، وكانوا قد صلوا ركعة، فمر بهم رجل وقال لهم أن النبي قد أمر أن يستقبل الكعبة، فمالوا جميعًا نحو
القبلة
ما هم.
ومن صور الاستسلام والانقياد لله ورسوله، قصة الثلاثة الذين خلفوا، فهم ثلاثة من الصحابة قد تخلفوا عن الخروج مع المسلمين في غزوة تبوك، وقد أدعى المنافقون ان بيوتهم عورة واعتذروا من النبي عليه الصلاة والسلام فقبل عذرهم، أما هؤلاء الثلاثة فلم يكذبوا على النبي كما فعل المنافقون، فأمرهم النبي أن ينتظروا أمر الله وأمر المسلمون ألا يكلموهم، فانصاعوا جميعًا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام.
وعاش الثلاثة في هم وغم واعتكف اثنين منهم في منازلهم فلم يخرجوا منها، وبعد أربعين ليلة أمرهم النبي أن يعتزلوا زوجاتهم، فقال أحدهم لامرأته على الفور ألحقي بأهلك، أما الثاني وهو هلال بن أمية، فقد ذهبت زوجته تستأذن النبي أن تخدم زوجها لأنه شيخًا كبيرًا، فأذن لها النبي.
وقد مرت عشرة أيام أخرى والصحابة الكرام في هم وغم يبكون من الندم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم، فتاب الله عليهم، بعد ندموا وانصاعوا لأوامر الله ورسوله.
وقد كانت القبلة الأولى
اختبار
للمؤمنين وتربية لهم على الاستسلام والانصياع لأوامر الله ورسوله، يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز: ” وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه”.
ومن صور الاستسلام التام لأوامر الله ورسوله عندما رأى عليه الصلاة والسلام خاتمًا من ذهب في يد رجل من الصحابة، فقال عليه الصلاة والسلام: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده” فقام الصحابي بخلع الخاتم وألقاه على الفور فهو مؤمن فطن فهم
رسالة
الله ورسوله ونفذها على الفور، فقال له الصحابة انتفع بالخاتم أي خذه فبعه، فقال لهم لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الانقياد والاستسلام لله من قصص الأنبياء
وقد كان الانصياع لأوامر الله عز وجل والتسليم الكامل لها أيضًا من صفات
الأنبياء
السابقين، فسيدنا إبراهيم الخليل عليه
السلام
قد استسلم لأوامر المولى عز وجل، يقول المولى عز وجل عن الخليل عليه السلام:” إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين، ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب”.
وقد طبق إبراهيم عليه السلام الاستسلام والانقياد لأوامر المولى عز وجل بشكل عملي عدة مرات، فقد أمره المولى عز وجل بإرسال زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل إلى وادي غير ذي زرع، وتركهم هناك، وقد استجاب إبراهيم على الفور واستجاب هاجر بمجرد معرفتها أن هذا أمر الله عز وجل، بل إنها كانت على يقين أن الله لن يضيعهم.
وقد امتحن إبراهيم مرة أخرى هو وابنه الذبيح إسماعيل عندما أمره المولى عز وجل أن يذبح ابنه، فصدقا الرؤيا وهما بتنفيذ أمر المولى عز وجل، وقد جزاه المولى عز وجل بأن رزقه إسحاق وبارك في ذريته.[2]