ما هي قواعد التعامل مع الفتن
ما معنى الفتن
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز: ” أفحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لايفتنون” والفتنة هي الاختبار والتمحيص والابتلاء وهي تصيب المؤمنون فهي سنة لا تتخلف عن خلق
الله
بداية من
الأنبياء
فالفتنة هي
اختبار
عام للمؤمنون وما يقع بهم من البلاء.
فالفتنة بمعنى عام هي كل ما يخشى معه الخطر والضرر والفساد والشر.
والفتنة نوعان:
- فتنة خاصة تصيب الإنسان إما في بيته أو بدنه أو أهله أو ماله، وعليه أن يسعى في علاجها.
- وفتن عامة قد تصيب المجتمعات وحتى الأمة بأكملها وهي الفتنة الأشد خطورة لأن أضرارها كثيرة.
ويعد اجتناب الفتن من أهم
أسباب السعادة
في الدنيا، ومنع الفتن من أساسها أمر وكفاية المسلمين شرها من الأمور التي يجب أن يحرص عليها كل مسلم.
الفتن قد تكون بالخير والشر
يعتقد البعض أن الفتن قد تكون شرورًا تقع للإنسان فقط، ولكن هذا الأمر غير صحيح فالخير أيضًا قد يكون بالخير أيضًا كما أخبرنا المولى عز وجل في كتابه العزيز في سورة الأنبياء: ” كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون”.
فالفتنة قدتكون بكثرة الأموال أو العيال أو غير ذلك من النعم التي قد يغدقها الله عز وجل على العباد، وقد قال بعض السلف الصالح : ” لقد وجدنا أن صبرنا على الرخاء يحتاج منا إلى جهد أشد من صبرنا على الشدة”.
منهج المسلم في التعامل مع الفتن
-
اتباع إمام المسلمين
إن أول قواعد التعامل مع الفتن هو اتباع إمام المسلمين، وذلك لقول المولى عز وجل : ” وإذا جاءهم أمر من الأمن أو
الخوف
أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم”.
من أمثلة الفتن ما وقع من المسلمين يوم صلح الحديبية، حينما خرج النبي عليه
الصلاة
والسلام مع ألف وأربعمائة من المسلمين متجهين لأداء العمرة بمكة، فقرر الكفار منعهم من دخول مكة، فلما وردت الأخبار للنبي عليه الصلاة والسلام استشار أصحابه.
فكان رأي أبو بكر أن يتوجهوا للبيت ومن يمنعهم عنه يقتلوه، وسار المسلمون على بركة الله عز وجل، حتى وصلوا إلى الحديبية، فأرسلت قريش لتفاوضهم وانتهى الأمر بعقد صلح من الكفار، قد اتفقوا فيه على رجوع المسلمين غلى
المدينة المنورة
دون أداء العمرة في هذا العام، وعلى أن يرد النبي لمكة كل من يأتيه مسلمًا وفي المقابل لا يرد الكفار كل من يأتيهم كافرًا من عند النبي عليه الصلاة والسلام.
وكان في مكة رجلًا قد أسلم يسمى أبو جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنه، وقد كبله أهله وعذبوه، ففر وأتى للنبي عليه الصلاة والسلام وهو في أغلاله فرده النبي عليه الصلاة والسلام.
وفي ذلك اليوم دخل الغيظ في قلوب كثير من الصحابة حتى هموا بعصيان النبي عليه الصلاة والسلام، حتى أن عمر رضي الله عنه قد جاهد النبي عليه الصلاة والسلام وقال له ” مالنا نعطي الدنية في ديننا”، ويقول علي رضي الله عنه ” والله لقد رأيتني يوم أبي جندل وأنا أستطيع أن أرد أمر رسول الله لرددته”.
لكن النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى فهو ناصح الأمة وقائدها وهو أدرى بما هو خيرًا لها، واتباع أوامره نجاة .
-
ترك المتشابهات
إن الفتن عادة ما تلقي الشبهات في قلب المسلم، لذلك يجب على المسلمين في أوقات الفتن التركيز على الأمور المحكمة وترك الأمور المتشابهة فهذا قد يوقعنا في مزيد من الفتن.[1]
-
التثبت في النقل
من أهم قواعد التعامل مع الفتن التثبت في النقل فلا يجب أن نستعجل بنقل كل خبر أو معلومة تصل إلينا دون التأكد والتثبت منها، وهذا الأمر أصبح شائع اليوم، مع انتشار وسائل الاتصال ووسائل نشر المعلومات والتي تكون فيها كثير من الأمور المضللة وغير الصحيحة، فهذا أمر يدفعنا للتثبت وعدم النقل
الأعمى
لكل ما نسمعه، فتلك الصفة من صفات المنافقين.
وكما قال النبي عليه لصلاة والسلام: ” كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع”.
-
الحرص على الدعاء
من قواعد التعامل مع أوقات الفتن أيضًا
دعاء
المولى عز وجل أن يثبت قلوبنا، وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
-
التوبة والاستغفار
إن الذنوب والمعاصي من أسباب نزول البلاء على المسلم، فكما يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز: ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير”، والتوبة والاستغفار ترفع البلاء عن المسلمين، لذلك من أهم الأمور التي يجب أن يفعلها المؤمن في أوقات الفتن
التوبة
إلى الله عز وجل.
-
اليقين بأن الدين لا يتغير
من آداب التعامل مع الفتن أيضًا أن يوقن أن دين المولى عز وجل لا ولن يتغير مهما نزل بالأمة من فتن أو أصابها ضعف أو هزيمة في أوقات معينة، ومهما كانت
الحياة
قاسية فيجب إلا يدخل
الشك
أبدًا لقلب المسلم.
فهذا من الأخطاء التي يقع فيها بعض المسلمين اليوم، وهو خطأ كبير، فالفتن والمحن تقعق بأمة المسلمين منذ نزول الوحي وقد بلغت الشدة بالمسلمين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام درجة شديدة حتى أنزل المولى عز وجل قوله تعالى في
سورة البقرة
: ” أم حسبتم أن تدخلوا
الجنة
ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء، وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب”.
فالله عز وجل سينصر عباده المتقين، حتى لو نرى ذلك بأعيننا، لكننا يجب أن نكون على يقين من ذلك، مهما اشتدت الفتن من حولنا.
-
الحكمة والتعقل
إن الفتن عادة ما تعمي صاحبها عن الصراط المستقيم، لذلك من آداب التعامل مع الفتن التعقل والحكمة، فلا يجب أن ننساق وراء الانفعالات والمشاعر التي قد تدفعنا لارتكاب أفعال مسيئة لغيرنا أو نقول أقوال تسبب وقوع مزيد من الفتن أو حتى تؤدي لهدم الأوطان وإيقاع الفرقة بين المسلمين، وخاصة إذا كنت تتعامل مع أخيك المسلم، وكما يقول بعض العلماء فالفتنة ليست أن يقاتل المسلمين الكفار، لكن الفتنة أن يقاتل المسلم أخيه المسلم.
والمسلم يجب أن يكون كيسًا فطن في جميع الأحوال، ويجب أن يتحكم في غضبه وانفعالاته ولا يدفعه الغضب لمخالفة أوامر المولى عز وجل أو الوقوع في نواهيه.