صفات الخيل في سورة العاديات.. وأهميتها
الخيل في سورة العاديات
يدور محور
سورة العاديات
حول مبدأ تشجيع المسلمين على الاقتداء بسيدنا محمد صلى
الله
عليه وسلم وحثهم على الجِهاد، وترسيخ حقيقة أن جميع الخلائق سيكون مرجعهم لله عز وجل، ويرجع سبب تسمية هذه السورة الكريمة باسم العاديات إلى أنه سبحانه وتعالى بدء أولها بكونه أقسم بالعاديات أي الخيول التي تجري بسرعة وثبات في المعارك والغزوات التي أقامها المسلمين ضد الكفار أعداء الإسلام، حيث بدأها الله سبحانه وتعالى بقوله: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}.
وأقسم الله تعالى بالخيل التي تتصف بالصلابة والقوة، وهي الخيول التي يتم استخدامها للهجوم في
مقدمة
الغزوات والمعارك، وهذا دليل على أهميتها والحث على اقتنائها وتربيتها، فقال تعالى: { وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}.
كما
ورد
ذكر الخيل في السنة النبوية في أحاديث كثيرة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله -عليه
الصلاة
والسلام- في بيان فضل الخيل: “الخيلُ في نواصِيها الخيرُ معقودٌ أبدًا إلى يومِ القيامةِ، فمن ارتبطَها عُدَّةً في سبيلِ اللهِ وأنفق عليها احتسابًا في سبيلِ اللهِ فإنَّ شِبَعَها وجوعَها ورِيَّها وظمأَها وأرواثَها وأبوالَها فلاحٌ في موازينِه يومَ القيامةِ”.[1]
صفات الخيل في سورة العاديات
تناولت سورة العاديات ذكر مجموعة من صفات الخيول عند نزولها في الغزوات والمعارك، وهذا دليل على عظم مكانتها وشأنها عند ذكر القسم الذي جاء به الله سبحانه وتعالى في بداية سورة العاديات، فقال جل وعلا: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا* فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا* فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا)، ومن أهم تلك الصفات ما يلي:
- السرعة والطلاقة الشديدة التي تجري بها الخيول أثناء المعارك والغزوات.
- أنها من كثرة سرعتها تُصدر أصوات من أنفاسها.
- اشعال الشرار عن طريق القدح، وهذا بضرب حوافر الخيول بالحجارة من شدة قوتها وسرعتها.
- إغارة الخيول وانطلاقا نحو العدو بكل قوة وسرعة في الصباح.
- إثارتها للغبار الكثير أثناء الجري بقوة.
- وصول الخيول إلى حيث يجتمع العدو.
فوائد سورة العاديات
سورة العاديات إحدى السور المكية، نزلت تصف الحروب التي كانت بين المسلمون والكفار بمكة، وبدأها الله سبحانه وتعالى بوصفه للخيول بالمعركة، ثم تناول جل وعلا بيان جحود البشر، ثم في نهاية السورة كان المشهد الختامي هو خروج جميع الموتى من قبورهم وكشف الأسرار، واحتوت تلك السورة على الكثير من العظات والحِكم والفوائد، ومن تلك الفوائد:
- أن الله سبحانه وتعالى استخدم أسلوب القَسَم في هذه السورة، ومن المعلوم أن الله لا يُقسم إلا بالأشياء العظيمة من مخلوقات الله جل وعلا.
- إشارة إلى اقتناء الخيول وتجهيزها والاهتمام بها من أجل استخدامها للجهاد في سبيل الله.
- بيان وشرح المعاناة التي يعيشها المجاهدين أثناء المعركة.
- أن كل إنسان عُرضة للابتلاء من الله سبحانه وتعالى، ويجب عليه أن يصبر على البلاء ويحتسب الأجر والثواب من الله عز وجل.
-
أن
القلب
هو أساس صلاح أو فساد أي إنسان، حيث قال صلى الله عليه وسلم في أحد الأحاديث النبوية الشريفة: “ألا إن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”. - التأكيد على حقيقة بعث البشر بعد موتهم، وأن الله سوف يعيد الإنسان بعد أن صار تراب.[2]
أين نزلت سورة العاديات
حدث خلاف بين العلماء على المكان الذي نزلت به سورة العاديات على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال البعض بأنها نزلت بمكة، وهذا كان رأي بعض الصحابة من ضمنهم جابر بن عبد الله وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، وقال البعض أنها نزلت بالمدينة المنورة، وهذا كان رأي أنس بن مالك رضي الله عنه، ويكمن التعرف على
اسباب نزول سورة العاديات
.
تأملات في سورة العاديات
أقسم الله تعالى في
القرآن الكريم
بأشياء كثيرة من مخلوقاته سبحانه وتعالى، وهذا بهدف الإشارة إلى أهميتها وعظم شان الشيء أو الأمر الذي تم القسم لأجله، وعندما ننظر ونتأمل في الحِكَم والمعاني التي وردت في سورة العاديات فسوف نجد أن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة الكريمة لم يقسم بشيء واحد فقط، ولكن كان القسم بمشهد كامل متكامل وكان هذا القسم بمثابه تصوير لأحداث واقعة.
فعندما قال تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} فجاء القسم فيها بالخيول التي تجري بسرعة شديدة لدرجة أنك تكاد أن تسمع صوت الأنفاس التي تتنفسها، وجاء بعد ذلك فأقسم بحركة تلك الخيول وقوتها وصلابتها في المعارك، وهذا بأن استخدم سبحانه وتعالى فاء العطف التي جعلت ما يليها معطوف على القسم السابق، ثم بعدها أقْسَم بما تفعله هذه الخيل أثناء الحروب، حيث أشار ذلك القسم العظيم إلى عظم وأهمية ما يأتي بعده.
وعندما تبحث وتتأمل في
معنى
القسم السابق سوف يرد إلى ذهنك تساؤل بشأن ذلك الشيء الذي أقسم الله سبحانه وتعالى هذا القسم العظيم من أجله، وسوف تجد إجابة تلك التساؤلات في قول الله تعالى: : {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}.
ومعنى تلك الآيات أن الله سبحانه وتعالى أقسم بأن الإنسان أيا ما كانت درجة معرفته وعلمه وعلوه في المجتمع إذا لم يوفقه الله للهداية فهو يعد كافر بأنعم الله سبحانه وتعالى وجاحد لها، بل وهو أيضاً شهيد على هذا ومتأكد منه، وأن من صفات ذلك الشخص أنه كثير اللوم والسخط والشكوى، وأنه يتناسى نعم الله عليه ولا يذكر إلا المصائب، وهو أيضاً عبد للمال ويحرص بكل ما يمتلك من قوة أن يجمع الأموال ويكنزها.
فجاء الله سبحانه وتعالى بهذا القسم العظيم حتى يتنبه كل مسلم لهذا الأمر الهام جدا، وكل إنسان تراوده نفسه لحب المال والشُح في الإنفاق والجحود بنعم الله إلا المؤمنون حقا، فهم الذين يعرفون قدر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ويشكرون الله سبحانه وتعالى عليها ولا يكفرونها.