رسائل سارتر إلى سيمون دي بوفوار


من هي سيمون دي بوفوار


هي سيمون-إرنستين، لوسي ماري برتراند دي بوفوار وكانت تعرف باسم سيمون دي بوفوار


(simone de beauvoir)


هي كاتبة وروائية وفيلسوفة وجودية ونسوية فرنسية، ولدت في التاسع من يناير عام 1908، ومن

أشهر

كتب سيمون دي بوفوار كتاب الجنس الآخر (


The Second Sex


) الصادر عام 1948، وهو أحد الكتب التي وضعت أسس النسوية المعاصرة، وهو عبارة عن كتاب يتناول قضايا المرأة المضطهدة في المجتمع.


سيمون هي الفتاة التي لم تستطع أن تتخلى عن صديقها سارتر الذي تعرفت عليه في سنٍ صغيرة في المدرسة التقليدية العليا، وكانا أعز صديقين، لكن حينما ذهبت لأمريكا تعرفت على الكاتب الأمريكي نيلسون ألغرين ودخلا في علاقة دامت لسنوات، لكنها كانت علاقة على الورق فقط، كان كل ما بينهما هو حبهم لبعض وتبادلهم للرسائل.[1]


علاقة سارتر بسيمون دي بوفوار


سيمون دي بوفوار الفيلسوفة الوجودية الجميلة، صاحبة الفكر النسوي المدافعة عن حقوق المرأة، كانت تربطها علاقة مع الكاتب والفيلسوف جان بول سارتر، وقد كانت علاقة صداقة قوية ومختلفة عن باقي العلاقات، سيمون التي لم تكن مستعدة أن تتخلى عن صداقتها بسارتر من أجل أن تدخل في علاقة مع رجلٍ آخر، وهذا

الرجل

الآخر كان الكاتب الأمريكي نيلسون آلغرين، ولقد كانا في علاقة غريبة وطويلة امتدت لسنوات طويلة، لكن طوال هذه السنوات لم تترك سيمون جانب سارتر أبدًا، ولقد تحدثت سيمون في إحدى رسائلها إلى نيلسون عن سارتر تقول فيها: «إنني صديقته الحقيقية الوحيدة التي تفهمه وتمنحه

السلام

والتوازن، لا أستطيع التخلي عنه بتاتًا، وقد أتخلى عنه لفترات طويلة أو

قصيرة

ولكن لا أستطيع أن أكرس  حياتي كاملة لرجل آخر».


كانت سيمون تكرس حياتها لصداقتها بسارتر غير آبهة بنفسها، كل ما كان يهمها أن تلزم جانب سارتر صديقها، لذلك فإن صداقتهما من العلاقات الغريبة والجميلة التي مرت على تاريخ الأدب الفرنسي بشكلٍ عام، لكن لم يكن لدينا الكثير عن هذه العلاقة إلا من خلال رسائلها مع الكاتب الأمريكي نيلسون ألغرين. [1] [2]


رسائل جان سارتر إلى سيمون دي بوفوار


تبدو العلاقة بين جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار غريبة كثيرًا عن كونها مجرد علاقة صداقة، لكن كانت هذه العلاقة وضحة بشكلٍ كافي لهذين الإثنين، وإليك

رسالة

أرسلها سارتر وهو ابن الرابعة والعشرين من عمره إلى سيمون ابنة الواحدة والعشرين من عمرها، وكانت الرسالة عام 1929، والتي كتب فيها سارتر:


“فتاتي الصغيرة العزيزة: أردت أن أكتب لك منذ وقت طويل، مساءً، بعد إحدى تلك النزهات مع

الأصدقاء

والتي سأصفها قريبًا في”الهزيمة”، إنها من الليالي التي أصبح فيها

العالم

ملكًا لنا، أردت أن آتيك بسعادتي كمنتصر وأضعها أسفل قدميك كما كان الرجال يفعلون في عصر ملك الشمس، ثم -متعبًا من كل صراخي- أخلد إلى الفراش، أنا اليوم أفعل هذا من أجل متعة لا تعرفينها بعد، متعة الانتقال المفاجئ من

الصداقة

إلى

الحب

، من القوة إلى الحنان، الليلة أحبك بطريقة لم يسبق لك اكتشاف وجودها فيّ، لست مرهقًا من الترحال ولست محاصراً برغبتي في وجودك قربي، إنني أتقن فن حبي لك وأحوّله إلى عنصر أساسي من عناصر نفسي، هذا يحدث أكثر بكثير مما أعترف لك به، لكنه نادراً ما يحدث عندما أكتب لك، حاولي أن تفهميني: أحبك وأنا منتبه لأشياء خارجية، في تولوز أحببتك ببساطة، الليلة أحبك والمساء ربيعيّ، أحبك والنافذة مفتوحة، أنت لي، والأشياء لي، وحبي يغيّر الأشياء من حولي وهي أيضا تغيّر حبي، حبك يدفئني”


بعد أن تلقت سيمون هذه الرسالة من سارتر ردت عليه قائلة: “حبيبي، أشعر أنـــي محاطة بحبك ليل نهار، حبك يحميني من كل الغضب، عندما يصبح الطقس حاراً يبردني، وعندما تهب ريح باردة، يدفيني، طالما أنت تحبني لن أكبر أبداً، لن أموت أبداً، عندما أطلب منك أن تضمني ذراعيك، أشعر بانقباض في معدتي مهما كان ما تتحدث عنه، وأشعر أن جسمي كله يؤلمني”.


هذه العلاقة الغريبة التي كانت تجمع بين سيمون دي بوفوار وسارتر ازدادت غرابة بعد أن التقت سيمون بالكاتب الأمريكي نيلسون الجرين عام 1947 وذلك خلال قيامها بزيارة لمدينة شيكاجو الأمريكية، وعلى الرغم من أن علاقتهم قد دامت لسنين إلا أن نيلسون ألغرين لم يستطع تحمل هذا البعد فيما بينهم بسبب علاقتها بصديقها سارتر مما جعله يعود إلى زوجته السابقة أماندا كونتويز عام 1953، وعندما علمت سيمون بذلك أرسلت له رسالة تقول فيها:”لا أستطيع التفكير أنني لن أراك ثانية، خسرت حبك وكانت خسارة

مؤلمة

حقًا، على كل حال ما منحتني إياه يعني لي الكثير للحد الذي لن يجعلك تستطيع أخذه مني، كما كانت صداقتك ثمينة جدًا على قلبي، ولهذا ما زلت أشعر بالدفء والسعادة حين أنظر بداخلي وأراك، أتمنى ألاَ تنتهي هذه الصداقة وهذا الحنان أبدًا.”


وختمت سيمون خطابها بقولها:”تبدو كل هذه الكلمات سخيفة، وأشعر أنك قريب جدًا فدعني أكون بجوارك أيضًا كما كنا قبل ذلك، دعني أكون بالقلب الذي منحتني إياه للأبد”.[3]


رسائل سيمون دي بوفوار إلى نيلسون الجرين


كانت سيمون دي بوفوار امرأة متطلبة في حبها ممن حولها، وكان ذلك واضحًا في رسائلها مع نيلسون، إليك أحد رسائلها التي توضح كم كانت سيمون متطلبة لكنها على الرغم من ذلك كانت امرأة مضطربة تعاني من قلة

الأمان

والقلق بشكل ٍ مستمر، كانت تقول:


«نيلسون، يا نيلسوني، إنني أحبك … وأقبلك يا عزيزي مرارًا، إنني أفتقدك بحرارة كل يوم بل افتقدك في جميع الأيام حتى عندما أكون معك».


يقول لها نيلسون  في إحدى رسائله: «في أحضانك عرفت

الحب الحقيقي

الشامل، الحب الذي لا ينفصل فيه

القلب

ولا الروح ولا الجسد بل يشكلون وحدة» فتجيبه سيمون قائلة: “أريد أن أحلم بك، لكن أحلامي لا تطيعني”


كانت سيمون تدعي كونها لا تشعر بالغيرة من علاقة نيلسون بزوجته لكن ظهرت هذه

الغيرة

حين عبرت قائلة في رسالةٍ لها “أرجوك، أرجوك لا تأخذ الشقراء المزيفة إلى عشنا، عندها ستشرب من الويسكي خاصتي، ستأكل من كعكة الرمان خاصتي، ستنام في فراشي، وربما مع زوجي، ووبانسيا أفضل مكان في العالم ولن ترغب في مغادرته، وعندها يتوجب عليّ البقاء بعيداً وربما تناول المورفين، سوف يكون هذا محزناً، أليس كذلك؟ قاتل واحرص على أن يبقى منزلي أنا، ولهذا أنا أنانية وغبية بشكلٍ رهيب”.


لكنها قامت بنفي هذه الغيرة قائلة: “أنا أمزح بالطبع، عزيزي أفعل ما لا يمكن لك أن تتخلى عنه، لن أُقيّد حريتك، أنا لا أمزح، أفكر طويلاً وبجدية في حبنا، بما قدمته لي وبما لم أمنحه لك، لكن حسناً، عزيزي، في حال تمسكت بفكرة أني امرأتين، اقتنع تماماً أن كلاهما يحبانك والألطف من بينهما ربما تكون هي الأغبى”.


كما كانت تقول تعبر عن تطلبها لحب نيلسون قائلة في رسالةٍ لها: “حبيبي، لم تصلني رسالة منك عدا رسالتين من الأسبوع الماضي، لهذا أعدت قراءتها، لا أمانع في أن تقامر، إذا أنجزت عملك في النهار، فلِمَ لا؟ المهم أن تعمل بشكل جيد، لكن عندما تنتهي من عملك وتريد الاسترخاء، عليك أن تفعل ما يحلو لك”. [2]