قصيدة امرؤ القيس في وصف المرأة

من هو امرؤ القيس

امرؤ القيس يقال له الملك الضليل، لأنه ترك ملكه وتوجه إلى قيصر يطلب منه جيشَا يأخذ به ثأر ابيه من بني أسد، ويكنى بأبا الحارث وأبو وهب وأبو زيد، ويسمى بالمقصور لانه اقتصر على ملك ابيه، وكان ابوه حجر ملكًا على أسد وغطفان.

ليس هناك من شعراء الجاهلية من يوازي امرؤ القيس او يتقدم عليه في الشعر، وفي شعره هناك ابيات لم يستطع الشعراء إلى اليوم ان يأتوا بمثلها في جمال الاسلوب وروعة المعنى، وله في باب الوصف والتشبيه والكناية و


شعر الغزل


والحكمة والفخر ابيات لا تعلو على جودتها

شباب امرؤ القيس وحياته

استرسل امرؤ القيس في اللهو والمجون، وعاش شبابه كما يحب، وعلق

النساء

وأكثر من ذكرهن، ومال إليهن، وكره ابوه منه ذلك، لكنه لم يرتعد، وقضا

ايام

كثيرة في اللهو مع فئة من العرب يقضون

الوقت

يلعبون ويشربون ويصطادون، وكان له ايام كثيرة في الصبوة مع النساء، وكان مولعًا بابنة عم له تسمى فاطمة، فطلبها زمانًا، وكانت ذات يوم مع فتيات ذهبن يغتسلن، فنحين ثيابهن، فأتاهن امرؤ القيس فقعد فوق ثيابهن، وقال: والله لا أعطي واحدة منكن ثوبها حتى تخرج كما هي فتكون هي التي تأخذه، فخرجت النساء وقلن له فضحتنا وحبستنا وأجعتنا، فنحر ناقته كي يطعمهن، وحملن النسوة طنفسته ورحله، إلا ابنة عمه لم تحمل شيئًا، فحملته على غارب بعيرها، فكان يجنح إليها فيدخل رأسه في حجرها، ويقبلها، وبقي على هذه الحال حتى جنه الليل. [1]

وكتب قصيدة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل وهي


من الابيات الصعبة لامرؤ القيس

وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي         فَيا عَجَباً مِن كورِها المُتَحَمَّلِ

وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ        فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي

فَقُلتُ لَها سيري وَأَرخي زِمامَهُ      وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ

فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ     فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ

إِذا ما بَكى مِن خَلفِها اِنصَرَفَت لَهُ   بِشِقٍّ وَتَحتي شِقُّها لَم يُحَوَّلِ

أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي           وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ

فَجِئتُ وَقَد نَضَّت لِنَومٍ ثِيابَه         لَدى السِترِ إِلّا لِبسَةَ المُتَفَضِّلِ

فَقالَت يَمينَ اللَهِ ما لَكَ حيلَةٌ        وَما إِن أَرى عَنكَ الغِوايَةَ تَنجَلي

هَصَرتُ بِفَودي رَأسِها فَتَمايَلَت     عَلَيَّ هَضيمَ الكَشحِ رَيّا المُخَلخَلِ

إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُه       نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ

مُهَفهَفَةٌ بَيضاءُ غَيرُ مُفاضَةٍ          تَرائِبُها مَصقولَةٌ كَالسَجَنجَلِ [2]

وصف امرؤ القيس للمرأة

المرأة هي

المثل

الاعلى لدى العرب، وإذا كانت المرأة جميله شغلت

الرجل

عما سواها، وإذا فارقها اشتاق لها وعانى من لوعة

الحب

والفراق، فأخذ يبكي ويشكي ويصفها باحسن ما يكون الوصف.

لامرؤ القيس أبيات رائعة في الغزل، فقد سلك سبلًا لم يسلكها احد من قبلها، وغزله كان يذوب من اللطافة والرقة، وإما كان يتخذ من الغزل العفيف الشريف او الغزل الفاحش الخارج عن الادب، وبدا من شعره بأنه كان مولعًا بالنساء، محبًا للجمال، وكان يتبع المرأة اينما حلت، وكان سريع العشق، متى رأى امرأة جميله أحبها، والبعض يصنف ابيات قصائده من


اصعب بيت شعر في اللغة العربية


لانها تحتاج لخبرة في اللغة العربية كي يتم فهمها بالكامل.

في قوله

وَهِرٌّ تَصيدُ قُلوبَ الرِجالِ        وَأَفلَتَ مِنها اِبنُ عَمروٍ حُجُر

رَمَتني بِسَهمٍ أَصابَ الفُؤادَ    غَداةَ الرَحيلِ فَلَم أَنتَصِر

فَأَسبَلَ دَمعي كَفَضِّ الجُمانِ  أَوِ الدُرِّ رَقراقِهِ المُنحَدِر

قوله يصف امرأة طيبة الرائحة

ألم تر أني كلما جئت طارقًا     وجدت بها طيبًا وإن لم تطيبِ؟

وقوله يصف امرأة بطراوة

الجسم

ونعومته

من القاصراتِ الطرف لو دبَ محولٌ     من الذرِ فوق الإتب منها لأثرا

وهو اول من شبه النساء بالمها، كقوله:

تصد وتبدي عن اسيل وتتقي     بناظرة من وحش وجرة مطفل

وشبه بالنساء بالظباء

وجيد كجيد الريم ليس بفاحش    إذا هي نصته ولا بمعطل

وشبيه النساء بالدر بقوله

كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ      غذاها نميرُ

الماء

غير المحلل

وهو اول من استعمل الكناية اللطيفة، فكنى المرأة بالبيضة في قوله وبيضة خدر ووصف نعومة بشرة المرأة بقوله

من القاصراتِ الطرف لو دب محولٍ      وَلا مِثْلَ يَوْمٍ في قَذَارَانَ ظَلْتُهُ

وكنى عن ترفع المرأة ورفعة قدرها، بأن هناك من يخدمها وهي لا تخدم احدًا بقوله

وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها    نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ

كما انه احب ابنه عمه فاطمة وعانى من قسوتها ودلالها عليه وهي قد ملكت قلبه، وهو مطيعٌ لها.

أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل            وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ         فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

أغرك مني أن حبك قاتلي              وأنك مهما تأمري

القلب

يفعل

وأنك قسمت الفؤاد فنصفه              قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل

كما ان الشاعر اتصف بالفجور في الشعر، وكتابة الشعر الماجن ذو المعنى الفاحش، وهذا يعني ان الحبلى والمرضع لا تكادان ترغبان في الرجال، لكنهم يرغبون به لشدة جماله

فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ                  فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ

إِذا ما بَكى مِن خَلفِها اِنصَرَفَت لَهُ               بِشِقٍّ وَتَحتي شِقُّها لَم يُحَوَّلِ

وكذلك من الشعر الفاجر قوله

فَجِئتُ وَقَد نَضَّت لِنَومٍ ثِيابَه                     لَدى السِترِ إِلّا لِبسَةَ المُتَفَضِّلِ

وقوله:

سموت إليها بعدما نام أهلها                سمو حباب الماء حالًا على حال

أسلوب امرؤ القيس الشعري

كان اسلوبه جزل الالفاظ، متين التأليف، وكان يتصف في الغزل بالرقة والرشاقة، ومعانيه كانت بديعه، وكان خياله واسعًا، ويميل في الغزل إلى المبالغة

من القاصراتِ الطرف لو دب محولٍ            وَلا مِثْلَ يَوْمٍ في قَذَارَانَ ظَلْتُهُ

والغالب على شعره ايام

الشباب

وصف المرأة والتغزل بمحاسنها وجمالها، ووصف الخيل والصيد، وامور الصبوة والفجور، اما في كبره يغلب على شعره الشكوى من الزمن لما آل إليه حاله، وحياته

بَكى صاحِبي لَمّا رَأى الدَربَ دونَنا            وَأَيقَنَ أَنّا لاحِقانَ بِقَيصَرا

فَقُلتُ لَهُ لا تَبكِ عَينَكَ إِنَّما                     نُحاوِلُ مُلكاً أَو نَموتُ فَنُعذَرا

كما كان شاعرًا حكيمًا، اكتسب حكمته من شدة تجاربه الحياتية، في قوله

أَلا إِنَّما الدَهرُ لَيالٍ وَأَعصُرِ        وَلَيسَ عَلى شَيءٍ قَويمٍ بِمُستَمِر

شعر امرؤ القيس الماجن

هذه الابيات تدل على انه كان ماجنًا، ولديه صراحه الخليع، واشعاره لم تسلك هذا السلوك فقط، بل كانت تمثل نفسًا مضطربة لا تستقر على حال واحد.

تَقُولُ وَقَدْ جَرَّدْتُها مِنْ ثِيابِها               كَما رُعتَ مَكحولَ المَدامِعِ أتْلعا:

وجدكَ لو شيءٌ أتانا رسوله              سواكَ ولكن لم نجد لك مدفعا

فَبِتْنا تَصُدّ الوَحْشُ عَنّا كَأنّنا              قتيلان لم يعلم لنا الناسُ مصرعا

إذا أخذتها هزة ُ الروع أمسكت          بِمَنْكِبِ مِقْدَامٍ على الهَوْلِ أرْوَعا

وقوله ايضًا

فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت            هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ

وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُنا          وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ [1]