نعمة الأمن والامان في الأوطان
أهمية الأمن في المجتمع
هناك أهمية كبيرة للأمن في حياة الفرد والمجتمع على حد السواء، حيث يعد الأمن في المجتمع أكبر نعمة قد من
الله
بها علينا، فلا يوجد استقرار للفرد في المجتمع إذا كان هذا المجتمع لا يتوفر به الأمن والأمان، وقال تعالى: (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [سورة
النحل
12]، وهناك
قصة عن الأمن والامان
توضح أهمية الأمن والأمان في المجتمعات.[1]
نعمة الأمن والأمان في الأوطان المسلمة
الأمن هو عبارة عن طمأنينة النفس وزوال الخوف، وهناك عدة متطلبات تلزم لحب المسلم لوطنه، وهي أن يحافظ على أمن واستقرار الوطن، من خلال تجنب أي أفعال تؤدي إلى انتشار
الفوضى
والفساد في الوطن، حيث أن الأمن والأمان في الأوطان من أعظم النِعَم التي من الله بها على الإنسان، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” [النور: 55].[5]
وقد جمع الله سبحانه وتعالى الأمن بالعبادة وسبب ذلك يرجع لأهميته حيث قال تعالى: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ” [إبراهيم: 35]، وقد دعا سيدنا ابراهيم عليه
السلام
وهذا دليل على أن الأمن نعمة من الله وأن الأمن والأمان والاستقرار من اللزوام التي يجب توافرها لإتمام أي مصالح دينية أو دنيوية، على سبيل المثال قَدْ سُئِلَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ: الْأَمْنُ أَفْضَلُ أَمِ الصِّحَّةُ؟ فَقَالَ: “الْأَمْنُ أَفْضَلُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ شَاةً لَوِ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ بَعْدَ زَمَانٍ، ثُمَّ إِنَّهَا تُقْبِلُ عَلَى الرَّعْيِ وَالْأَكْلِ، وَأَنَّهَا إِذَا رُبِطَتْ فِي مَوْضِعٍ وَرُبِطَ بِالْقُرْبِ مِنْهَا ذِئْبٌ، فَإِنَّهَا تُمْسِكُ عَنِ الْعَلَفِ، وَلَا تَتَنَاوَلُ شَيْئًا إِلَى أَنْ تَمُوتَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّرَرَ الْحَاصِلَ مِنَ الْخَوْفِ أَشَدُّ مِنَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ أَلَمِ الْجَسَدِ”.[4]
وقد أجاب الله سبحانه وتعالى دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام وجعل بيت الله الحرام آمناً وسلاماً وجعل مكة المكرمة بلد آمن، ومستقر، ملئ بالخيرات، حيث ربط الله تعالى الأمن بالرزق وقال في كتابه العظيم: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ” [البقرة: 126].
وقد من الله على أهل الحرم بالأمن والاستقرار وقال تعالى: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ” [العنكبوت: 67]، وفيها يقول الله سبحانه وتعالى أن هل أهل مكة لا يرون النعم التي رزقها إياهم، فهو من على مكة بالأمن والأمان والاستقرار على أنفسهم وأولادهم وأموالهم والناس من حولهم يقتلون بعضعم البعض، حيث كان العرب خارج مكة يقتلون وينهبون ويعتدون ولذلك قال سبحانه وتعالى: “أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ”.[2]
وسائل حفظ نعمة الأمن في الأوطان
هناك عدة وسائل تضمن الحفاظ على الأمن والأمان في الأوطان، ومن أبرز تلك الوسائل:
-
المحافظة على تطبيق الحدود الشرعية
من الضروري الحفاظ على كل ما شرعه لنا، مثل إقامة الحد على السارق والقاتل والزاني وغيرهم، فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا بأن نُقِيم حدوده المنصوص عليها في كتابه أو في سنة النبيين عليهم السلام مثل قطع يد السارق، ورجم الزاني، وجلد الساكر وغيرهم، وذلك حتى يخاف الناس من ارتكاب تلك المعصية و يتجنبوا افتعالها والوقوع فيها، حيث قال الله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُم الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]، وبالتالي يستقر المجتمع مما يضمن الأمن والأمان على أنفسهم وأولادهم وأموالهم.
-
البعد عن الذنوب والمعاصي
لا يجتمع الأمن والمعصية ابداً، فالذنوب مُزيلةٌ للنِّعم، وبها تحُلّ النِّقَم، حيث قال الله سبحانه وتعالى: “ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الأنفال: 53]، وما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفِع إلا بتوبة، والطاعةُ هي حِصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمِنين.
-
تعريف الناس بالله وتخويفهم من عقابه وبطشه
عندما تعلم الناس بحدود الله وعقابه، يضع الشخص هذا في الحسبان قبل ارتكاب أي معصية، فعلى سبيل المثال هابيل امتَنع من قتلِ قابيل لخوفِه من ربِّه وقال “مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ” [المائدة: 28].
-
الحرص على تعليم المسلمين أمور دينهم
حيث قال ابن القيِّم رحمه الله: “وإذا ظهر العلمُ في بلدٍ أو محلَّة قلَّ الشرُّ في أهلها، وإذا خفي العلمُ هناك ظهَر الشرُّ والفساد”، وفيها يتضح أن البلد
العالم
بأمور الدين ومتمسك بها تكون آمنة، وإذا كانت العكس فهذا ينشر الفساد والشر في البلاد.[3]
-
المحافظة على عقول المسلمين من كل ما يفسدها.
-
المحافظة على الأمن مسؤولية الجميع.
أنواع الأمن
هناك عدة أنواع للأمن، وهي:
-
الأمن الاقتصادي
هو حماية أفراد المجتمع وتأمين حصولهم على كافة احتياجاتهم الخاصة مثل المسكن والعلاج والملبس، مما يضمن تحقيق مستوى معيشة مريح مادياً ومعنوياً.
-
الأمن الاجتماعي
هو إحدى أنواع الأمن ومن خلاله يتم فرض اتفاق جماعي بين طوائف المجتمع ليتحقق شعورهم بالانتماء إلى بلادهم، وهو عبارة عن حماية كافة أفراد المجتمع باختلاف أديانهم وعروقهم.
-
الأمن البيئي
وفي هذا النوع يتم حماية
البيئة
من كافة جوانبها سواء كان ماء أو بر أو هواء ويتم ذلك من خلال منع أي اعتداء على البيئة، وكذلك وضع قوانين وعقوبات لأي فرد يقوم بتصرف خاطئ تجاه البيئة.
-
الأمن القومي
هو قدرة الدولة على إطلاق قوتها العسكرية في أي وقت عندما تشعر بأي تهديد سواء كان هذا التهديد داخلي أو خارجي.
-
الأمن الغذائي
وهو يتضمن في قدرة الدولة على توفير كافة
الاحتياجات
الغذائية لكافة طوائف المجتمع والعمل على توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية، وذلك عن طريق إنتاج الحاجات الغذائية محلياً أو استيراد هذه الاحتياجات من الخارج.
هو قدرة الدولة على تحقيق الأمن وحماية كافة موارد الدولة سواء كانت معنوية أو مادية من أي تهديد خارجي أو داخلي، بالإضافة إلى قدرتها على توفير الاستقرار والأمان والطمأنينة بين أفراد المجتمع.
-
الأمن العسكري
وهو قدرة الدولة على حماية مواطنيها وأبنائها وأموالهم وممتلكاتهم من أي نهب أو سرقة.
-
الأمن السياسي
وهو استقرار نظام الدولة وكافة الحكومات فيها وحمايتها من الانهيار أو أي تهديدات تمثل مصدر تهديد لها.