الصحابية ام ايمن بركة بنت ثعلبة
نسب ام ايمن رضي الله عنها
ام ايمن هي بركة بنث ثعلبة بن عمرو بن حصن، وهي تُعرف بكنيتها ام ايمن، وذلك باسم ابنها أيمن بن عبيد، وسميت بعد ذلك باسم أم أسامة بن زيد، لكن تُعرف أكثر باسم أم أيمن. [1]
أم أيمن قبل البعثة النبوية
عندما ولدت آمنة النبي محمد صلى
الله
عليه وسلم، كانت ام ايمن اول من استقبل النبي عليه
الصلاة
والسلام، حيث قامت برعاية النبي حتى ارسلته أمه إلى حليمة السعدية، وكانت أم ايمن حاضنة للنبي عليه الصلاة والسلام لا تفارقه، وعندما بلغ النبي سن السادسة توفيت أمه آمنة بعد ان فقد النبي أباه الذي لم يره، فكانت أم ايمن بمثابة الأم للرسول صلى الله عليه وسلم، ترعاه، وتكون في خدمته، حتى تزوج النبي خديجة بنت خويلد، فأعتق أم ايمن تكريمًا لها، وبقيت في بيت النبي حتى توفي عليه الصلاة والسلام.
عن ام ايمن، كانت تحدث عندما كانت في يثرب ورسول الله صلى الله عليه وسلم طفل صغير، قالت: أتاني رجلان من يهود يومًا نصف النهار بالمدينة فقالا: أخرجي لنا أحمد، فأخرجته فنطرا إليه وقبلاه مليًا، ثم قال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، وسيكون بهذه البلدة من القتل والسبي أمر عظيم، قال أم أيمن: وعيت ذلك كله من كلامهما.
عن أم أيمن قال: كنت أحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم فغفلت عنه يومًا قلم أدر إلا بعبد المطلب قائمًا على رأسي يقول: يا بركة، قلت “لبيك” قال تدرين اين وجدت ابني؟ قلت” لا أدري، قال: وجدته مع غلمان قريبًا من السدرة، لا تغفلي عنه فإن أهل الكتاب يزعمون أنه نبي هذه الأمة، وأنا لا آمنهم عليه.
وعن ام ايمن رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا جوعًا ولا عطشًا لا في كبره ولا في صغره، وكان يغدو إذا أصبح فيشرب من ماء زمزم شربه، فربما عرضنا عليه الغداء فيقول: انا شبعان
زواج ام ايمن وحياتها
تزوجت ام ايمن من الخزرجي عبيد بن زيد من بني الحارث، وولدت له أيمن، لذلك تُعرف بشهرتها أم أيمن، وكان ابنها ايمن من أوائل المستجيبين لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ممن ثبت مع النبي عليه الصلاة والسلام، حتى مات شهيدًا.
بعد وفاة زوجها عبيد، أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يزوجها تقديرًا لمكانتها وإسلامها ورعايتها له، فقال (من سره أن يتزوج امرأة من أهل
الجنة
فليتزوج أم أيمن)، فسارع زيد بن حارثة مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو كما كان يسمى في الجاهلية زيد بن محمد (قبل إبطال عادة التبني)، بالزواج من أم أيمن، وولدت له اسامة بن زيد، الذي كان عند النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الحسن والحسين ابناء فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب.
وفي غزوة مؤتة في السنة الثامنة من
الهجرة
في جمادى الأول، جهز النبي عليه الصلاة والسلام جيشًا إلى الشام لملاقاة
الروم
، بقيادة زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب، لكن القادة الثلاث قد استشهدوا.
وفي السنة العاشرة من الهجرة جهز النبي عليه الصلاة والسلام جيشَا آخر لمحاربة الروم في مؤتة، وكان قائد الجيش اسامة بن زيد، الذي كان في ذلك
الوقت
في العشرين من عمره، ومرض النبي عليه الصلاة والسلام مرضته الأخيرة، ولكنه اصر على إرسال جيش اسامة، وتوفي النبي عليه الصلاة والسلام، وتولى ابو بكر الخلافة، وصمم على تنفيذ رغبة رسول الله بتنفيذ الجيش، وحقق هذا الجيش نتائج مباركة.
منزلة أم ايمن عند رسول الله
كانت ام ايمن من اقرب الناس لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان يقول (أم ايمن أمي بعد أمي)، وكان يناديها بقوله (يا أمه)، وكان يقول ايضًا (هذه بقية أهل بيتي)، وكانت ام ايمن لا تفارق النبي عليه الصلاة والسلام، وعندما هاجر إلى المدينة المنورة، قامت باتباعه، وفي بعض كتب السير، يروى ان ام ايمن قد هاجرت الهجرتين إلى الحبشة، والمدينة المنورة.
حضرت ام ايمن كل المواقف في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، كما حضرت الغزوات، وكانت تداوي الجرحى وتسقي الماء، وفي غزوة خيبر كانت ام ايمن من
النساء
القلائل اللواتي صحبن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يمازح ام ايمن ويلاطفها ويضاحكها حتى يدخل السرور إلى قلبها، فعاشت ام ايمن بجوار النبي صلى الله عليه وسلم، لا تفارقه، وعندما توفي حزنت عليه كما تحزن الأم على ابنها الفقيد. [2]
ام ايمن في رثاء النبي عليه الصلاة والسلام:
عين جودي فإن بذلك للدمـع *** شفـاء فأكثـري م البكـاء
حين قالوا الرسول أمسى فقيـدا *** ميتـا كان ذاك كل البـلاء
وابكيا خير من رزئناه في الدنيـا *** ومن خصه بوحــي السماء
بدموع غزيـرة منـك حتـى *** يقضي الله فيك خيـر القضـاء
فلقد كان ما علمت وصـولا *** ولقد جاء رحمة بالضيـاء
ولقد كان بعد ذلك نــورا *** وسراجا يضيء في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن *** والخيـم خاتـم الأنبيـاء
الاحاديث التي روتها ام ايمن
روت ام ايمن عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية الشريفة: عن ام ايمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اوصى بعض أهل بيته فقال: “لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج، ولا تترك الصلاة متعمدًا؛ فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله، إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية فإنها تسخط الله، لا تنازعن الأمر أهله، وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف، وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت، أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم، وأخفهم في الله”
وعن أم ايمن قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع السارق إلا في جحفة، وقومت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا أو عشرة دراهم. [1]
وعن ام ايمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تتركنَ الصلاة متعمدًا، فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله”
وفاة أم ايمن رضي الله عنها
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتركها الصحابة، وكان أبو بكر
الصديق
يزورها، ولا يقطع وصلها، وعاشت ام ايمن في خلافة ابي بكر وخلافة عمر، وعندما قُتل عمر بن الخطاب، قالت أم ايمن قولها المأثور: الآن وهى الإسلام.
عاشت ام ايمن اكثر من تسعين عامًا، وتوفيت بعد وفاة عمر بن الخطاب ببضعة
ايام
في سنة 23 من الهجرة. [2]