حكم إجهاض الجنين قبل الأربعين
حكم إجهاض الجنين
يقول الشيخ العلامة ابن باز في هذا الأمر: (إذا كان في الأربعين الأولى فالأمر فيه أوسع إذا دعت الحاجة إلى إجهاض؛ لأن عندها أطفال صغار تربيهم ويشق عليها
الحمل
؛ أو لأنها مريضة يشق عليها الحمل فلا بأس بإسقاطه في الأربعين الأولى، أما في الأربعين الثانية بعد العلقة أو المضغة هذا أشد، ليس لها إسقاطه إلا عند عذرٍ شديد مرضٍ شديد يقرر الطبيب المختص أنه يضرها بقاؤه فلا مانع من إسقاطه بهذه الحالة عند خوف الضرر الكبير، وأما بعد نفخ الروح فيه بعد
الشهر الرابع
فلا يجوز إسقاطه أبدًا، بل يجب عليها أن تصبر وتتحمل حتى تلد إن شاء
الله
، إلا إذا قرر طبيبان أو أكثر مختصان ثقتان أن بقاءه يقتلها سبب لموتها فلا بأس بتعاطي أسباب إخراجه حذرًا من موتها؛ لأن حياتها ألزم، عند الضرورة القصوى بتقرير طبيبين فأكثر ثقات أن بقاءه يضر ها وأن عليها خطراً بالموت إذا بقي فلا بأس، إذا وجد ذلك بالشروط المذكورة فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وهكذا لو كان مشوهاً تشويهًا يضرها لو بقي يكون فيه خطر عليها قرر طبيبان فأكثر أن هذا الولد لو بقى عليه خطر الموت لأسباب في الطفل، فهذا كله يجوز عن الضرورة إذا كان عليها خطر، خطر الموت بتقرير طبيبين أو أكثر مختصين ثقة.) [1]
حكم الإجهاض قبل نفخ الروح
ذهب جمهور العلماء أن حكم إجهاض الجنين قبل الأربعين هو فعل محرم في حالة عدم وجود عذر أو مبرر معتبر في الشرع، وعلى من قام بفعل خلاف ذلك أن يستغفر الله ويتوب إليه، ولا يلزم في هذا الفعل الكفارة أو دفع الدية لأن الجنين في هذه الحالة لم تنفخ فيه الروح، لأنه قبل بلوغ الأربعين، وإذا حدث هذا الأمر أي الإجهاض بعد الأربعين وبعد بنفخ الروح وجب عليهم دفع الدية والتزام الكفارة إن كان قد مضى أربعون يومًا منذ بداية الحمل.
لكن ذهب مذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة وبعض المالكية إلى أنه يجوز إجهاض الجنين بدون عذر قبل بلوغ الأربعين، ولقد قال الإمام ابن همام في فتح القدير: (يباح الإسقاط بعد الحبل ما لم يتخلق شيء منه، ثم في غير موضع قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخلق نفخ الروح.)
ولقد قال الإمام الرملي في كتابه نهاية المحتاج: (الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقًا وجوازه قبله.)
وقال المرداوي في الإنصاف: (يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة) وقال الحطاب في كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: (وأما التسبب في إسقاط
الماء
قبل أربعين يوماً من الوطء فقال اللخمي جائز، وقال ابن العربي في القبس لا يجوز باتفاق، وحكى عياض في الإكمال قولين في ذلك للعلماء وظاهره أنهما خارج المذهب.)
ولقد ذهب المذهب المالكي إلى عدم الجواز على الإطلاق، ولقد ذهب لهذا الرأي بعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة، ولقد قال الإمام الدردير في هذا الأمر: (لا يجوز إخراج
المني
المتكون في
الرحم
ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعًا.)
ولقد قال شيخ
الإسلام
ابن تيمية في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح: (إسقاط الحمل حرام بإجماع المسلمين، وهو من الوأد الذي قال الله فيه: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت، وقد قال: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) لذلك نجد أن رأي ابن تيمية بالتحريم مطلقًا سواء كان قبل الأربعين أو بعده لأن قتل الجنين حكمه حكم قتل النفس وتجب فيه الكفارة والدية
.
ولقد قال الإمام الغزالي في هذه المسألة: (بعد أن قرر أن العزل خلاف الأولى ما حاصله:
وليس هذا كالاستجهاض والوأد، لأنه جناية على موجود حاصل فأول مراتب الوجود وقع النطفة في الرحم فيختلط بماء المرأة، فإفسادها جناية، فإن صارت علقة، أو مضغة فالجناية أفحش، فإن نفخت الروح واستقرت الخلقة زادت الجناية تفاحشاً، ثم قال ويبعد الحكم بعدم تحريمه وقد يقال أما حالة نفخ الروح فما بعده إلى الوضع فلا شك في التحريم، وأما قبله فلا يقال إنه خلاف الأولى، بل محتمل للتنزيه والتحريم ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ، لأنه جريمة، ثم إن تشكل في صورة آدمي وأدركته القوابل وجبت الغرة.)[2]
حكم الإجهاض في الشهر الأول دار الإفتاء
وحول حكم إجهاض الجنين المشوه في الإسلام، قال الشيخ أحمد ممدوح: «إن آراء العلماء بأنه لا يجوز إسقاط الجنين إلا إذا خشينا موت الأم، وهناك علماء قالوا إنه لا يجوز إجهاض الجنين بتاتًا، بينما حدد آخرون بأنه يجوز إسقاط الجنين ولكن يكون هذا قبل نفخ الروح، أما بعد نفخ الروح لا يجوز بتاتًا».
ذكرت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر الشريف في مسألة متعلقة بإجهاض الجنين وهي
هل يجوز إسقاط الجنين قبل ٤٠ يوم:
أجمع الفقهاء على حرمانية إسقاط الجنين بعد بلوغه أربعة
أشهر
في بطن أمه، كما أوضحت لجنة الفتوى أنه إذا جاء في التقرير الحكومي أن هذا الجنين لديه مرض وراثي مزمن، وأن هذا المرض الوراثي فيه خطورة على حياة الجنين أو الأم، وأن إجهاض هذا الجنين ضرورة لا تندفع إلا باجهاضه، بالتالي يكون جائز وذلك لقوله تعالي في كتابه الكريم: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)» البقرة.
أما ما يخص حكم الإجهاض في الشهر الأول كما جاءت الفتوى، فقد أكملت لجنة الفتوى: «إسقاط الجنين بعد تخلقه في بطن أمه وقبل نفخ الروح فيه بغير عذر شرعي فهو حرام أيضا، موضحة أنه اعتداء بغير حق، وأن هذا المرض إن أمكن علاجه أو كان من الأمراض التي يمكن التغلب عليها أثناء الحياة؛ فلا يجوز إنزاله».
ولا يباح الإجهاض إلا بثبوت ما قد يسبب ضرر للأم أو الجنين بالتالي يباح الإجهاض لرفع الضرر، ولقد قال الشيخ عمرو الورداني أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية:( أنّ المرأة الحامل لا يجوز لها أن تجهض إلا إذا كان هناك خطر على صحتها، وإذا فعلت هذا تكون آثمة شرعًا وعليها أن تتوب إلى الله وتستغفر وتتصدق، كما قال: «لو كان الإجهاض بعذر شرعي فلا إثم على الأم ولا كفارة عليها، أما لو كان الإجهاض بدون عذر، فالكفارة تكون بالاستغفار، وليس بالمال».
حكم إجهاض الجنين من الزنا
الزنا فعل محرم وهو من
الكبائر
التي تستوجب
التوبة
وإقامة الحد، والجنين الناتج عن حدوث الزنا فإن حكمه مثل حكم الجنين الناتج عن الزواج، وهو لا يجوز إجهاضه بعد أن نفخت فيه الروح إلا لوجود خطورة على حياة الأم أو الجنين، كأن يكون مصابًا بمرض وراثي ما، أو لديه تشوهات، أما قبل الأربعين يجوز إجهاضه مع وجود عذر وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، ولكن ذهب مذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة وبعض المالكية إلى جواز إجهاض الجنين بدون عذر قبل بلوغ الأربعين يوم أي قبل نفخ الروح.[3]