دعاء حفظ اللسان من الغيبة والنميمة
تعريف الغيبة والنميمة
إن الغيبة
هي من اسم اغتاب اغتياباً وهو ذكر أخاه بما يكره من العيوب وهي فيه، وإن لم تكن هذه العيوب فيه فهو البهتان، كما في الحديث الشريف عن رسولنا الكريم: “قيل ما الغيبة يا رسول
الله
؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته” رواه مسلم، وإن الغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع وقد عُدت من الكبائر، وقد شبه الله تعالى الذي يغتاب كأنه يأكل لحم أخيه ميتاً، فقال جل وعلا في سورة الحجرات آية 12: “أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه”.[3]
أما النميمة
فهي الكلام اللغو الكثير ويكون بصوت غير مسموع، ويخوض فيه الإنسان في أعراض المسلمين وخصوصياتهم، ومعنى أن ينم المرء على أخيه المسلم هو أن يقوم بالتحدث عن خصوصياته وتقصي أحواله، وقد حذر الله سبحانه وتعالى ورسولنا الكريم من النميمة لأن لها أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع.
دعاء يساعد على ترك الغيبة والنميمة
عندما يقع الإنسان المسلم في معصية الغيبة والنميمة غالباً ما يشعر بالندم، ويبحث عن طرق يحاول بها أن يبتعد عن هذه الصفة المذمومة والتي لا تكسب إلا الإثم، وقد تم تداول
دعاء
يساعد على ترك الغيبة والنميمة وهو: “
اللهم اجعل كتابي في علين واحفظ لساني عن العالمين
“، ولكن في الحقيقة لا يوجد دعاء خاص بالغيبة والنميمة وإن هذا الدعاء لم يتم وجود أي إثبات من قِبل العلماء على وجود أصل له عن نبينا عليه
الصلاة
والسلام، وقد
ورد
في بعض الأحاديث التي لا تصح “أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته”، وإن سلسلة هذا الحديث ضغيفة.
ولكن لم يتم إطلاع أهل العلم على أن هذا الدعاء هو مخالف للعقيدة أو الشرع، ولكن الأفضل أن يأخذ المسلم الدعاء بالمأثور من القرآن والسنة الثابتة، فنبينا عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم، وقد ثبت عنه عدة
أدعية
في التضرع، فهذه الأدعية واتباعها هي أولى وأفضل مما يؤثر عن غيرهم، وإن الاقتداء برسولنا الكريم في الأذكار له أهمية كبيرة، وقد ثبت عن الصحابة حرصهم على أن يتعلموا الأذكار من رسولنا الكريم هو أن سيدنا أبو بكر
الصديق
رضي الله عنه فقد سأل رسولنا الكريم أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته أو في بيته، ففي الصحيحين عن
أبي بكر
-رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال:
قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني. إنك أنت الغفور الرحيم.[2]
ولكن يجدر التنويه أن الفقهاء والعلماء قد أجازوا الدعاء بغير ذلك بشرط أن لا يشتمل على اعتداء أو الدعاء بالإثم أو قطع الأرحم، والدليل على ذلك جواز وإقرار النبي عليه الصلاة والسلام لبعض الصحابة في دعائهم وذكرهم بغير المأثور، وإن عموم حديث مسلم: “يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم”، ومن هذه الأدعية التي تحفظ اللسان من الغيبة والنميمة وتساعد على الابتعاد عنهما هي:
- اللَّهمّ إني أسألك أن تعينني على صون لساني عن الغيبة والنميمة والبهتان وشهادة الزور.
- اللهم احفظ لساني عن كلّ ما لا يرضيك قوله، واجعل لي عليه سلطاناً فلا أقول إلا حقاً، ولا أشهد إلا صدقاً يا رب العالمين.
- اللهم باعد بيني و بين الغيبة و النميمة اللهم لا تشغلني بالناس و اشغلني بنفسي و اصلحها رغما عنها اللهم قربني إليك بالقول و العمل الصالح.
- ربي إجعل كتابي في عليين و احفظ لساني عن العالمين اللهم إجعل ألسنتنا عامرة بذكرك اللهم احفظ ألسنتنا من الغيبه و النميمة اللهم طهر ألسنتنا و كلامنا من العيوب .
التوبة من الغيبة والنميمة
لقد ذكر بعض العلماء أن على المغتاب أن يتوب من الغيبة والنميمة عن طريق ذكر من اغتابه في مواضع غيبته من خلال الثناء عليه والمدح، بالإضافة إلى ذكر محاسنة وأن يستغفر له بقدر الغيبة التي اغتابه بها، ولكن لم يتم ذكر أي دعاء خاص بذلك، وهذا كان اختيار شيخ
الإسلام
رحمه الله
وهو ابن تيمية، وقد ذكر أن هذا هو قول الأكثرين، وقد ذكر ابن مفلح ذلك من الآداب الشرعية والسفاريني في غذاء الألباب، وتم نسب هذا القول أيضاً للجمهور السفاريني في لوامع الأنوار البهية.
وأما دعاء كفارة المجلس فلا يكفي لأن يتوب الإنسان المسلم من الغيبة والنميمة، بل عليه أن يذب عن عرض أخيه عندما يحضر مجلس فيه غيبة أو نميمة، فإذا لم يستطع أن يقوم بذلك فعليه أن يترك المجلس، فإن شعر بالخوف ولم يقم بترك المجلس ولم يذب فيجب عليه أن يتوب من ذلك، ولا يلزمه أن يتحلل من الشخص المغتاب، لأنه لم يغتاب هو ولم يقع في الغيبة.[1]
وإن دعاء كفارة المجلس نجده في الحديث الشريف، روى أبو هريرة رضي الله عنه دعاء كفارة الغيبة والنميمة، قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلس فَكثُرَ فيهِ لَغطُهُ فقال قَبْلَ أنْ يَقُومَ منْ مجلْسه ذلك: سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك: إلا غُفِرَ لَهُ ماَ كان َ في مجلسه ذلكَ» رواه الترمذي، وهناك أدعية أخرى ولكن ليست من المأثور فهي اجتهاد من بعض العلماء وهي كالتالي:
- اللهم تب علينا واقبض ألسنتنا عن الغيبة قبل الموت يوم لا ينفعنا الندم ولا المعذر.
- اللهم تب علينا، واغفر لنا زلاتنا وما تتلفظ به ألسنتنا فيها ما يغضبك منا يا رب واحفظ ألسنتنا من الغيبة والنميمة واجعلها رطبة بذكرك.
-
اللهم إني أسألك أنى تبت من الغيبة ولن أعود أبدا فأعني على
التوبة
وتوكلت عليك وبحق اسمك التواب تب علي.
طرق حفظ اللسان
إن اللسان والكلام نعمتان عظيمتان قد حباها الله لنا فبهما نؤدي العبادات القولية المتنوعة لهذا يجب المحافظة عليهما وعدم تعريضهما لأفعال المعصية، ففي حديث معاذ رضي الله عنه الطويل، وفيه:
«فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟! قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟
»، ولهذا فنستطيع أن نحافظ على لساننا بطرق حفظ اللسان التالية:
- المحافظة على اللسان بالكلم الطيب فهو له درجات عند الله سبحانه وتعالى، ويجب أن يرافقه عمل الخير، فالكلام من غير عمل لا يفيد شيئاً.
- تذكر الثواب الذي سيجزى به الإنسان عندما يحفظ لسانه.
- الدعاء والاستعانة بالله سبحانه وتعالى.
- الحفاظ على اللسان بذكر الله الدائم فقد علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان وهي سبحان الله، وبحمده سبحان الله العظيم.
- تجنب المجالس التي يدور فيها الكلام السيء والغيبة والنميمة، والإكثار من حضور مجالس العلماء والصالحين.[4]