فضل دعاء اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
فضل دعاء اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
هذا الدعاء متصل بالأحاديث المتصلة عما يقوله المتوضئ بعد وضوئه، فهو بعد أن يذكر الشهادتين يقول
الله
م اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وذلك لأن العبد بحاجة إلى الطهارتين دائمًا ولهذا السبب أُمر المؤمن بعد أن يقضي نسكه أن يذكر الله تبارك وتعالى وأن يستغفره، كما ذكر في
القرآن الكريم
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ) [البقرة:199]
كما كان يقول الحافظ ابن
القيم
“توبةٌ بعد الوضوء اجعلني من التوابين وتوبة بعد عبادة كما هو الشأن في الحج والصلاة وقيام الليل ونحو هذا، فصاحب هذا المقام مضطر إلى
التوبة
والاستغفار، فهو لا يزال مستغفرًا تائبًا وكلما كثرت طاعاته كثرت توبته واستغفاره وبهذا لا يستغرب من قول الـمسلم بعد أن يفرغ من وضوئه اللهم اجعلني من التَّوابين”
لا شكّ أن الجميع خطاؤون كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن خير الخطائين التوابون، فيكثر العبد من
الاستغفار
والتوبة فدل هذا الحديث على استحباب هذا الذكر بعد الوضوء وتحديداً
من قال بعد الوضوء أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريكَ له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التَّوابين واجعلني من المتطهرين”
الذكر بعد الغسل
ذكر الإمام النَّووي
رحمه الله
أنه يستحب للمغتسل أن يقول (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التَّوابين واجعلني من المتطهرين) بعد اغتساله، ويقصد هنا الاغتسال الشَّرعي وليس الاغتسال العادي ويعني اغتسال التبرد والتَّنظف لا يقال فيه هذا لأنَّها ليست بطهارة شرعية لكن الاغتسال الشرعي مثل الاغتسال من الحيض أو النفاس أو الجنابة أو غسل الجمعة
فهذه هي الأغسال شرعية فإذا فرغ منها فإنه يقول ذلك الدعاء سواء توضأ وهذا يعني الغسل أو أن تكتفى بالمضمضة والاستنشاق وتعميم
الماء
على البدن فإن ذلك يجزيه على الراجح فيكون قد تطهر طهارة شرعية ويقول بعدها هذا الذكر.
إذن هذا يقال بعد الطَّهارة الشرعية وتتكون من الطهارة الكبرى والطهارة الصغرى، وهذا أيضًا يعني حينما يذكر الشهادتين بعد الوضوء، أو بعد الغسل فإن هذا فيه إشارة إلى
الإخلاص
كما يذكر بعض أهل العلم، إن هذا العمل خالص لله تبارك وتعالى، لأن هذه كلمة الإخلاص هي كلمة التوحيد وهى (لا إله إلا الله) ولا يلتفت إلى معبودٍ سواه وفي ذلك طهارة
القلب
من الشرك والرياء بعد طهارة الأعضاء من الحدث والنجاسة، ومن قال ذلك قال إلا فتحت له أبواب
الجنة
الثمانية يدخل من أيِّها شاء
الذكر بعد الوضوء
أن الوضوء من خصائص الإيمان وأعمال الإيمان الخفية التي لا يحافظ عليها إلا كل مؤمن فإذا ذكر مع الشهادتين فتحت له أبواب الجنة الثمانية وذلك لأن هذه الشريعة، فالشعائر هي الأمور الظاهرة مثل الأذان وصلاة الجماعة والتكبير في الأعياد وفي العشر، وكل هذه الأمور الظاهرة هي من قبيل الشَّعائر، والأشياء الأخرى مثل الصيام والتي تكون بين العبد وبين ربه فهي أمانات
وعن حديث أبي سعيدٍ الخدري وقال فيه “من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رقٍ ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة” وفي لفظ آخر ثم طبع بطابع وهذا قريب من الأول، وفي لفظ آخر ختمت بخاتم ثم رفعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة
كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة، وفي اللفظ الآخر ثم رفعت تحت العرش هذا لا يمكن أن يقال من جهة الرأي فدل ذلك على أنَّه تلقاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا رجح جمع من أهل العلم وقالوا “هو ثابت عن أبي سعيد لكنه من قبيل الموقوف وإن كان له حكم الرفع لكنهم رجحوا الرواية الموقوفة” وقد قال بهذا النسائي والدار قطني والبيهقي والدمياطي وقبله الطَّبراني الذي يقول “لم يرو هذا الحديث مرفوعًا عن شعبة إلا يحيى بن كثير”، وكذلك الشيخ ناصر الدين الألباني من المعاصرين ورحم الله الجميع.
وعن قول النبي صلى الله عليه وسلم من قال إذا توضأ وفي بعض الروايات بسم الله يعني ذكر التَسمية وعرفنا أنها ثابتة سبحانك اللهم وبحمدك يعني إذا فرغ من الوضوء، يسمي في أوله ويقول بعد ذلك سبحانك اللهم وبحمدك وفي بعض الألفاظ لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وفي بعضها سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك
“سبحان” بمعنى التسبيح لله تبارك وتعالى، فالسبحان يقولون هو اسم أُقيم مقام المصدر، والمصدر هو سبح يسبح تسبيحًا فإذا قلت “سبحان” فهذا اسم أُقيم مقام المصدر، يقولون منصوب بفعلٍ مضمرٍ تقديره أُسبحك تسبيحًا، وإذا قلت “سبحان الله أُسبحك تسبيحًا أو أُسبح الله تسبيحًا أُنزهك تنزيهًا ونحو ذلك من المعنى ننزه الله تبارك وتعالى من كل نقص وعيب وسوء
وإذا قلت “سبحانك اللهم وبحمدك” يعني أُسبحك تسبيحًا مقترنًا بحمدك أو متلبسًا بحمدك، والتسبيح والتحميد والتوحيد لله تبارك وتعالى كل ذلك مستحق له لأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، والاستغفار كما يقول الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله ” وهذا من
فضل الدعاء بعد الوضوء
من ذنوب النَّفس التي منها تأتي السَّيئات” والله تبارك وتعالى يقرن في كتابه في مواضع بين التوحيد والاستغفار، كقوله تبارك وتعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [سورة محمد:19] وفي قوله تبارك وتعالى (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [سورة هود:3]
وفي قوله تعالى (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [سورة فصلت:6] فذكر الوحدانيَّة وذكر الاستغفار (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) وكلمة التوحيد “لا إله إلا الله” تقتضي الإخلاص وما يدخل تحته كالتوكل على الله تبارك وتعالى وما إلى ذلك، والإخلاص يقتضي الشكر فهي أفضل الكلام كما قال شيخُ
الإسلام
رحمه الله وهي أعلى شعب الإيمان كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم (الإيمان بضع وسبعون شعبةً أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطَّريق)
فالعبد دائمًا بين نعمة من الله تبارك وتعالى ويحتاج إلى شكر وكل وذنب يحتاج معه إلى الاستغفار وهذا حال العبد يتقلب بين هذا وهذا ويتقلب بين نعم الله، وفي
الوقت
نفسه لا يزال محتاجًا إلى التوبة والاستغفار؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله دائمًا في جميع الأحوال كما في الصحيح (أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) وفي صحيح مسلم (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر اللهَ في اليوم مئة مرة)[1]