مدة خلافة عمر بن عبد العزيز في الحكم
من هو عمر بن عبد العزيز
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ولد عام 61 ه/681 م، في المدينة المنورة، وهو خامس الخلفاء الراشدين، وكان حسن الأخلاق، ناطقًا بالحق، مهتم بالعلم والعلماء وبالسيرة النبوي الشريعة، وهو من الأشخاص الذين دخلوا
التاريخ
بعظمته وإدارته العادلة للدولة.
صفات عمر بن عبد العزيز
وعلمه
: كان عمر بن عبد العزيز محبًا للعلم، وقد تتلمذ على يد الكثير من الفقهاء، وقد بلغ عددهم حوالي ثلاثة وثلاثين، ثمانية منهم من الصحابة، وخمسة وعشرين من التابعين.
والد عمر بن عبد العزيز
: عبد العزيز بن مروان بن الحجم، وهو من أفضل أمراء بني أمية، وقد تزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.
أم عمر بن عبد العزيز
: هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، أما جدته لأمه فهي صاحبة الموقف الشهير مع عمر بن الخطاب، ؛ فيُروَى عن عبد
الله
بن الزبير بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم قال: بينما أنا وعمر بن الخطاب وهو يعس بالمدينة إذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء. فقالت لها: يا أمتاه، أوَما علمت ما كان من أمير المؤمنين اليوم؟ قالت: وما كان من عزمته يا بنية؟ قالت: إنه أمر مناديًا، فنادى أن لا يُشابَ اللبنُ بالماء. فقالت لها: يا بنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء؛ فإنك بموضع لا يراك عمر، ولا منادي عمر. فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه، واللهِ ما كنتُ لأطيعه في الملأ، وأعصيه في الخلاء. وعمر يسمع كل ذلك، فقال: يا أسلم، عَلِّمِ الباب واعرف الموضع، ثم مضى في عسِّه.
لقب عمر بن عبد العزيز
: كان عمر بن عبد العزيز يلقب بالأشج، وذلك لأنه عندما كان صغيرًا ضربه فرس في وجهه، فقيل أنه أشج بني مروان، وقد رأى عمر الفاروق رؤية تدل على أن عمر بن هبد العزيز له أثر سوف يملأ الأرض عدلًا.
زوجات عمر بن عبد العزيز:
عندما توفى والد عمر بن عبد العزيز أخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك، وهي من الصالحين الذين فضلوا متاع الآخرة على متاع الدنيا الزائل، كما تزوج أيضًا من لميس بنت الحارث، وأم عثمان بنت شعيب بن زبان. [1]
صفات عمر بن عبد العزيز
كان عمر بن عبد العزيز يمتاز بشخصية قوية، بالإضافة لحزمه في إدارة الأمور، كما كان يطيل
النظر
في القرآن، وقد كان من الزهاد في متاع الدنيا، وهو إمامًا عارفًا بالسنن، وكان حريصًا على المال والوقت والجهد، حياته كلها عمل لا يعرف الراحة، وقد تجاوزت سمعته الحسنة حدود الدولة الإسلامية.
وقد وصفه إمبراطور الروم: “ولقد بلغني من بِرِّه وفضله وصدقه ما لو كان أحد بعد عيسى يحيي الموتى، لظننت أنه يحيي الموتى، ولقد كانت تأتيني أخباره باطنًا وظاهرًا، فلا أجد أمره مع ربه إلا واحدًا، بل باطنه أشد حين خلوته بطاعة مولاه”.
كان يعتبر نفسه مسؤولًا عن أمور الأمة كلها، وكان حريصًا على تحقيق العدل في أرجاء الأمة الإسلامية، وقد بلغ عدله لدرجة القضاء الكامل على الفقر، وكان ينادون بأعلى صوتهم على من يحتاج لصدقة في عهده، فلا يجدون،
و
من اعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز
أنه لم يترك فقيرًا واحدًا قي أمته.
وكان حريصًا على تطبيق السنة وشريعة الله تعالى في الأرض، وقد قال ذات مرة “والله لولا أن أنعش سنة أو أسير بحق، ما أحببت أن أعيش فواقًا.”
سياسة عمر بن عبد العزيز
تعددت
اعمال عمر بن عبد العزيز
، فكان إداريًا ممتازًا، لا يصرف المال إلا في مواضعه، وقد اختار أفضل القضاة والولاة والموظفين، وكان غير راضيًا على سياسة بني أمية في الحكم، وقد أزال أثر كل عمل لا يتفق مع الإسلام، وكان يكره التخلف والتأخر، ويجهد نفسه في العمل، ولا يعرف الراحة.
اختلف عمر بن عبد العزيز مع بعض عمال بني أمية، مثل يزيد بن المهلب وآله، ووصفهم بالجبابرة، وعزلهم من الحكم وانتقى رجالًا أفضل منهم.
وقد قام بالتخلص أيضًا من عادات بني أمية السيئة مثل أخذ الجزية من الذين أسلموا حديثًا، لأن بني آمية كانوا يقومون بذلك من أجل الحصول على الأموال، كما كانوا أيضًا يقومون ببدعة
الختان
لمن أسلم جديدَا.
وقد حاول أيضًا حل الخلافات كما حدث مع الخوارج الذين عادوا الدولة الأموية، وبددوا أموالهم وطاقاتهم وطاقات الدولة الأموية في حروب ليس منها فائدة، وقد واجههم بأسلوب جديد فلم يثوروا عليه، وشهد شاهد منهم أن حجته هي الحجة الحق. [2]
خلافة عمر بن عبد العزيز وإنجازاته
قام سليمان بن عبد المالك بتولية عمر بن عبد العزيز الخلافة من بعده، فتولى الخلافة في يوم الجمعة، العاشر من صفر عام 99 هجري، وكان غير راغب في الخلافة، وقد قال عندما اجتمع الناس:
“أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طِلْبةَ له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم. فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك، فتولَّ أمرنا باليُمنِ والبركة. فلما رأى الأصوات قد هدأت، ورضي به الناس جميعًا، حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وقال:” أوصيكم بتقوى الله؛ فإن تقوى الله خلف كل شيء، وليس من تقوى الله خلف، واعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه… ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعتُه، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم”.
كان الإمام الزاهد عمر بن عبد العزيز أقرب الناس صلاةً لرسول الله، أحيا السنة واتبع شريعة الله،
ورد
حقوق المظالم، وأعطى كل ذي حق حقه، كما كان من أشد الناس خشيةً ليوم القيامة، وقد بكى مرة وعندما سألوه عن السبب قال: : “ذكرت منصرف الناس يوم القيامة، فريق في
الجنة
وفريق في السعير”. [3]
وفاة عمر بن عبد العزيز
توفى عمر بن عبد العزيز عن عمر يناهز الأربعين عامًا، بعد مرض استمر لعشرين يومًا، وقد اختلفت الروايات حول أسباب وفاته، البعض وجد أن إهمال عمر لطعامه وصحته أثر عليه بشكل كبير مما أدى لوفاته، الروايات الأخرى تشير إلى أن عمر بن عبد العزيز قد توفي مسمومًا على يد بني أمية،
العائلة
المالكة الذين لم يقدروا على شظف العيش الذي فرضه عليهم، لكن هذه الشائعات غير قائمة على دليل حقيقي، وقد تكون من الشائعات التي نشرها أعداء بني أمية.
استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة
أشهر
واربعة أيام، وقد توفي سنة 101 ه، تولى عندها ابن عمه يزيد بن عبد الملك الخلافة بعده.
وقد قال الحسن البصري عن وفاته: “مات خير الناس”.
وقال الذهبي: “قلبي منشرح للشهادة لعمر أنه من أهل الجنة. [4] [3]