سجود السهو في المذاهب الاربعة بالتفصيل


سجود السهو في المذاهب الأربعة



معنى


السجود

في اللغة العربية هو مطلق الخضوع، يستوي في ذلك إن كان بوضع الجبهة على الأرض أو أن يكون بأي علامة أخرى تعتبر من علامات الخضوع، مثل الطاعة، أما السهو فإن معناه في اللغة هو ترك دون علم، أما إذا قيل سها عن أمر محدد، فهذا يعني تركه وهو بالفعل عالم بالأمر، ولا يوجد هناك فرق في اللغة بين كل من

النسيان

وبين السهو، لكن الفقهاء لا يفرقون بين النسيان وبين السهو أيضاً، وهم عندهم السهو والنسيان والشك لهم نفس المعنى.


سجود السهو في المذهب الحنفي


في أمر سجود السهو، فإن الحنفية يقولون، سجود السهو هو قيام المصلي بالإتيان بسجدتين، وذلك بعد أن يقوم بالتسليم عن يمينه فقط، ثم يقول التشهد بعد السجدتين، ثم يسلم بعد انتهاء التشهد، فإذا لم يؤدي التشهد يصبح في تلك الحالة تاركاً للواجب، ولكن صلاته تعتبر صحيحة، وبعد الانتهاء من التشهد لسجدة السهو يجب أن يسلم، فإذا لم يسلم يكون هنا قد ترك واجب، ولا يصح أن يكتفي بالسلام الأول الذي أخرجه من

الصلاة

، وذلك لأن السجود للسهو يرفعه، وكذلك أيضاً التشهد يرفع التشهد الأخير الذي قبل

السلام

.


أما بالنسبة للصلاة على النبي صلى

الله

عليه وسلم، وكذلك بالنسبة للدعاء فإنه يقوم بهما في التشهد الأخير على أن يكون ذلك قبل السلام، ولا يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبالدعاء في سجود السهو على المختار، وقد قيل يأتي بهما على سبيل الاحتياط.


والقول في هذا الأمر وهو أن يأتي بسجود السهو بعد أن يسلم عن يمينه فقط، خرج به ما إذا سلم تسليمة الصلاة الثانية، فإنه إذا أدى التسليمتين هنا يكون قد سقط سجود السهو عنه، ولكن لو كان متعمد فعل ذلك، فهو آثم وذلك لأنه قد ترك واجب.


وإن قام المصلي بتأدية التسليمتين سهو، فقد سقط عنه سجود السهو، ولا إثم على المصلي في ذلك، كما أنه لا يعود لسجود السهو عودة ثانية، وذلك فنسيان السجود السهو يسقط هذا السجود، وكذلك أيضاً لو تحدث بحديث يخرج عن الصلاة متعمد أو ساهي، فإن قام بذلك فقد سقط عن المصلي سجود السهو.


ولا يجب السجود في حالة أن ترك الواجب متعمد، أو ترك ركن من أركان الصلاة متعمدا، لأن المتعمد إن ترك الواجب عامد ذلك،  تصح الصلاة مع وجود الإثم، ويسقط عن المصلي السجود، وإذا ترك الركن متعمد وتبطل الصلاة، ولا يجبر ذلك أن يقوم بسجود السهو، فالسجود عند أصحاب المذهب الحنفي لا يكون إلا عند السهو.


سجود السهو في المذهب المالكي


يرى المالكية في أمر سجود السهو انها عبارة عن سجدتين يقوم المصلي فيها بالتشهد بعد السجود، وبدون

دعاء

وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أما إن كان السجود للسهو بعد السلام، فإن المصلي يسجد ويقول التشهد.


وهنا عليه أن يعيد السلام وجوباً، ولكن لو لم يعد السلام مرة أخرى فلا تبطل هنا صلاته، وهنا الاختلاف، فقد أشار أصحاب المذهب الشافعي، والحنفي في هذا الأمر بأقوال، بالنسبة للمذهب الشافعي، القول عندهم في ذلك إن السلام يأتي دائماً بعد سجود السهو، أي أن السلام بعد السجدتين لا بد منه،.


وأما بالمقارنة مع مذهب الحنفية فهم يقولون فيها إن السلام في سجود السهو أمر واجب، بحيث لو ترك المصلي السلام يصح سجوده مع الإثم، وأما المقارنة في  سجود السهو عند المالكية، فإنه إذا كان قبل السلام فهنا لا حاجة للنية.


ذلك لأن النية في الصلاة كافية لكون هذا بمثابة جزء من الصلاة عند المالكية، أما إذا كان بعد السلام فالأمر يحتاج بالنسبة لهم لنية لكون هذا خارجاً عن الصلاة، وهم في هذا الأمر يتفقوا مع أصحاب المذهب الحنفي في أن النية لابد لها من السجود السهو بعد السلام، ويختلفوا مع الشافعية.


والساهي في الصلاة عند المالكية لا يخرج من ثلاثة أحوال:




الحالة الأولى

هي السهو عن فرض من فرائضها مثال ذلك السهو عن

سجدة

فهذا الحال لا يجبر بأداء سجود السهو، بل هنا لا بد من تأدية ما سها عنه إذا كان تداركه ممكن، وإلا فإن صلاته تبطل، فالواجب هنا القيام بالفرض المسهو عنه ثم السجود للسهو.


– وأما

الحالة الثانية

، فهي أن يسهو المصلي عن فضيلة من الفضائل في صلاته منها على سبيل المثال، القنوت في الفجر أو تحميد أو تكبير أحد التكبيرات في الانتقال بين الأركان الصلاة، هنا لا سجود عليه.




الحالة الثالثة

هي أن يسهو المصلي عن الإتيان بسنة مؤكدة مثل السورة التي تقرأ بعد الفاتحة أو القيام بالجهر في

محل

سر، أو السر في محل الجهر، وغيره فهنا يجبر بسجود السهو.


“”أما محل السجود فإن كان السهو نقصاناً سجد قبل السلام، وإن كان زيادة سجد بعد السلام، وإن اجتمعا – كمن ترك التشهد الأول ثم قام إلى خامسة – سجد قبل السلام ترجيحاً لجانب النقص.”” [1]


سجود السهو في المذهب الشافعي


المشهور في المذهب الشافعي هو أن سجود السهو كله يكون قبل السلام، والدليل على ذلك عندهم الأحاديث التي

ورد

فيها السجود قبل السلام، وحديث أبي سعيد، وفي هذا يقول العلماء “” قال الشيرازي في المهذب: وَمَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، وَلِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ، كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الصَّلَاةِ.””


وكذلك أيضاً القول “”السُّجُودُ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَهُ كَانَ سَهْوًا لَا مَقْصُودًا. قَالُوا: وَلَا يَبْعُدُ هَذَا فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَقَعَ فِيهَا السَّهْوُ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مُحْتَمَلٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِبَيَانِ حُكْمِ السَّهْوِ فَوَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَارِدَيْنِ لِبَيَانِ حُكْمِ السَّهْوِ الصَّرِيحَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُمَا وَلَا يَجُوزُ رَدُّهُمَا وَإِهمالها””.


وأيضاً قول النووي “”وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَجَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا وَرَدَّ الْمُجْمَلَ إلَى الْمُبَيَّنِ وَقَالَ: الْبَيَانُ إنَّمَا هُوَ فِي حَدِيثَيْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُمَا مَسُوقَانِ لِبَيَانِ حُكْمِ السَّهْوِ، وَفِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَالِاخْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ وَوُجُوبُ الْبَاقِي، وَفِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ السَّهْوُ بِالزِّيَادَةِ، وَأَمَّا التَّحَرِّي الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَالْمُرَادُ بِهِ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ””.


سجود السهو في المذهب الحنبلي


أنا عن سجدة السهو في مذهب الحنابلة، وهل تبطل الصلاة إذا ترك سجود السهو، حيث قيل فيها روايتين:


– الرواية الأولى إذا تركه متعمد، وكان موضعه قبل السلام هنا تبطل الصلاة، وإن كان موضعه بعد السلام لم تبطل الصلاة، وإن كان ترك سجود السهو ناسياً نسياناً لم تبطل بكل حال.


وقال مثل هذا القول عن أبي ثور، لأن ما موضعه قبل السلام، أمر واجب، ويعتبر مثله كالجزء من الصلاة، على خلاف ما موضعه بعد السلام، فإنه يخرج عن الصلاة، مثله مثل الأذان، عند من يرى وجوبه، لا يبطل الصلاة تركه.


– أما والرواية الثانية: ففيها  القول “”إذا نسيه حتى طال الفصل أعاد الصلاة””، وهذا دليل على أن ترك سجود السهو يبطل الصلاة بكل حال، لأنه سجود واجب لما سهى عنه في الصَّلاة أو لأجل ذلك، فهوَ كسجود صلب الصَّلاة. [2]