من هو ابو مسلم الخرساني
من هو الخرساني
أبو مسلم الخرساني هو أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخرساني، ويقال أنه عبد الرحمن بن عثمان بن يسار الخراساني، وهو صاحب الدعوة العباسية في منطقة تسمى خراسان وهازم الجيوش التابعة للدولة الأموية، وثم أصبح والي منطقة خراسان، فهو رجل سياسي بالإضافة إلى أنه قائد عسكري، فكان أبو مسلم يتقن اللغتين العربية والفارسية بالدرجة نفسها، ولكن الروايات قد اختلفت عن أصله فهل كان عبداً عند أكاسرة الفرس أو سليلاً لهم، ولكن لم تختلف الروايات في أن أبو مسلم هو فارسي الأصل، وكان هو المهدد الأول للخليفة العباسي أبو جفعر المنصور وهو الخليفة الثاني في العهد العباسي.
وإنه من أكبر
الملوك
في الإسلام، فقد ملك خراسان بعد تسعة أعوام، وقد أسس كتائب كالجبال، وقد عمل على قلب دولة وإقامة دولة أخرى، وقيل أنه ولد في سنة مائة، وقد ظهر في مرو في شهر رمضان، وإن الأمير نصر بن سيار الليثي وهو متولي خراسان في ذلك
الوقت
، وكان نائب مروان بن محمد خاتمة خلفاء بني مروان قد قال عن أبي مسلم الخرساني: “كان ظهوره يومئذ في خمسين رجلاً”، وهرب نصر بن سيار إلى العراق هروباً من أبي مسلم الخرساني وقد مات بناحية ساوة، وأصبح إقليم خراسان لأبي مسلم في ثمانية وعشرين شهراً، وقيل أن أبوه كان من أهل رستاق وهذه القبيلة من قرية اسمها سنجرد، وكانت هذه القرية ملكاً لوالده.
قال أبو الحسن بن رزقويه : أنبأنا مظفر بن يحيى، حدثنا أحمد بن محمد المرثدي، حدثنا أبو إسحاق الطلحي، حدثني أبو مسلم محمد بن المطلب بن فهم، من ولد أبي مسلم صاحب الدعوة، قال : كان اسم أبي مسلم إبراهيم بن عثمان بن يسار، من ولد بزرجمهر، وكان يكنى أبا إسحاق، ولد بأصبهان، ونشأ بالكوفة، وكان أبوه أوصى إلى عيسى السراج، فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين، فقال له إبراهيم بن محمد بن علي لما عزم على توجيهه إلى خراسان : غير اسمك فإنه لا يتم لنا الأمر إلا بتغيير اسمك على ما وجدته في الكتب، فقال : قد سميت نفسي : عبد الرحمن بن مسلم، ثم تكنى أبا مسلم ومضى لشأنه وله ذؤابة فمضى على حمار فقال له : خذ نفقة، قال : ثم مات عيسى السراج، ومضى أبو مسلم لشأنه، وله تسع عشرة سنة وزوجه إبراهيم الإمام بابنة أبي النجم عمران الطائي، وكانت بخراسان، فبنى بها.
صفات الخرساني الخُلقية والخَلقية
إن القاضي شمس الدين قد وصف أبو مسلم الخرساني من حيث الصفات الخَلقية فقد قال: “كان قصيرا ، أسمر ، جميلا ، حلوا ، نقي البشرة، أحور العين، عريض الجبهة، حسن اللحية، طويل الشعر، طويل الظهر، خافض الصوت، فصيحا بالعربية وبالفارسية، حلو المنطق، وكان راوية للشعر، عارفا بالأمور، لم ير ضاحكا، ولا مازحا إلا في وقته، وكان لا يكاد يقطب في شيء من أحواله”، أما صفاته الخُلقية فقد كان شديداً وجاداً فعندما يحصل على الفتوحات
العظام
فلا تظهر عليه علامات السرور، بالإضافة إلى أن الفادحة الشديدة تنزل به، وكان الغضب لا يستفزه إذا غضب، وهو لا يأتي
النساء
إلا مرة في كل عام، لأنه يشير إلى شرف نفسه وأنها مشغولة بأعباء الملك، قال الخطيب : “وكان فاتكا، شجاعا، ذا رأي وعقل وتدبير وحزم، وقتله أبو جعفر المنصور بالمدائن”. [1]
أقوال المؤرخين العرب القدماء فيه
إن الكثير من المؤرخين العرب قد ذكروا أبو مسلم الخرساني فمنهم من ذكر صفاته ومنهم من ذكر موقفاً من مواقفه وغيرها من الأقوال، وفي هذا المقال سنتطرق إلى بعض الأقوال وهي :
-
قال الذهبي: “كان أبو مسلم سفاكا للدماء يزيد على الحجاح في ذلك وهو أول من سن للدولة لبس السواد وكان ذا شأن عجيب ونبأ غريب من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام ويعود بكتائب
أمثال
الجبال ويقلب دولة ويقيم دولة أخرى”. -
وقال أبو حامد الداودي: “دخل رجل فرأى على رأس أبي مسلم عمامة سوداء، فقال ما هذا ؟ قال : اسكت حدثني أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى
الله
عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه عمامة سوداء يا غلام اضرب عنقه ! قال إبراهيم الصائغ : لما رأيت العرب وصنيعها خفت ألا يكون لله فيهم حاجة فلما سلط الله عليهم أبا مسلم رجوت أن تكون لله فيهم حاجة” . - وقال الذهبي: “وقد كان بعض الزنادقة والطغام من التناسخية اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حل في أبي مسلم الخراساني المقتول عندما رأوا من تجبره واستيلائه على الممالك وسفكه للدماء” .
- وقال أبو نعيم الأصبهاني في ” تاريخ أصبهان ” : كان اسمه عبد الرحمن بن عثمان بن يسار، وقيل : إنه ولد بأصبهان.[2]
أقوال أبو مسلم الخرساني
إن هناك قولين شهيرين لأبي مسلم الخرساني وهما:
محا السيف أسطار البلاغة وانتحى … عليك ليوث الغاب من كل جانب .
لا تطعنوا في الحرب إلا وخزا ولا تنظروا إلا حزرا.
أسباب مقتل أبو مسلم الخراساني
إن الخليفة أبو جعفر المنصور هو الذي قتل أبو مسلم الخراساني وإن أهم أسباب مقتل أبو مسلم الخرساني تتجلى في:
-
وكانت من الأسباب التي أدت إلى مقتل أبو مسلم الخرساني هي أنه وصل إلى مرحلة
التمكين
في الدولة العباسية وقد بدأت بترشيحه من قبل القوم لأهم مهمة تتجلى في أن يصبح خادم الإمام إبراهيم بن محمد بن علي، وقد أصبح بعد فترة وجيزة موضع ثقة للإمام إبراهيم وقد غير اسمه وأصبح أبو مسلم، وقد لقبه بلقب الخراساني. - توكل أبو مسلم قيادة الدعوة في خراسان من قبل الإمام إبراهيم، وقد عارض أخو الإمام والمعروف باسم عبد الله بن محمد والملقب بأبي جعفر المنصور بأن يتصدر أبو مسلم وقد كان غلام فارسي ويصبح قائداً على كبار الدعاة ومنهم القرشيون وأواسط العرب.
- وقد سيطر أبو مسلم على منطقة تلو المنطقة من مناطق الأمويين وذلك بأمر من الإمام إبراهيم بإظهار الدعوة، بالإضافة إلى تحرير خراسان من حكم الأمويين، وقد استغل انشغال الوالي “نصر بن سبار” في الحروب والنزاعات الداخلية التي أوديت بدولة وجيوش الأمويين، وسيطر على مناطق كثيرة.
- نصب أبو مسلم الخرساني مشانق للكثير من مؤيدي الدولة الأموية أو للأشخاص المشكوك بهم، فقد كانت هذه الحملة اسمها حملة “الرعب الأسود”، وقد تم إنشاء جهازاً لأمن الدعوة مراقباً كل شيء في البلاد، وتأتيه المعلومات بتفاصيلها في كل أرجاء خراسان وجوارها.
- إن الأخبار باتت تتوالى على “الحميمة” يالانتصارات التي حققها أبو مسلم، ويفتخر الإمام إبراهيم بقوة خادمه العبقري ألا وهو أبو مسلم، بينما حقد الخصوم تزداد ومن بينهم أبي جعفر المنصور، والذي حاول جاهداً الإيقاع بين الإمام وأبي مسلم ولكن دون جدوى.
- وقد رأى أبو جعفر أن تضخم إنجازات أبو مسلم سيعمل على تغذية أطماعه الشخصية، وسيبالغ في سفك الدماء وستكون باسم الدعوة.
- وإن سفك الدماء لدى أبو مسلم الخرساني طال بعض دعاة الدولة العباسية الكبار مثل كلاهز بن قريظ، وقد قتله أبو مسلم بتهمة خيانته للدعوة.
- وإن إعدام سليمان بن كثير وهو الداعية الكبير من قِبل أبو مسلم الخرساني قد وتَّر وأجج العلاقة ما بين أبي جعفر وأبي مسلم، وقد غضب أبو جعفر لأنه في ذلك الوقت كان مبعوثاً من قبل الإمام لتفقد الأمور في خراسان، ولكن أبو مسلم لم يستشيره في تنفيذ هذا الحكم.
- كان أبو مسلم نداً لأبي جعفر المنصور في الخلافة، وقد رأى أبو جعفر أن أبو مسلم إن سيطر على خراسان سيبدأ بالثورة ضده، وسيأتيه بجيوشه كاملة حتى ينتزع منه مكانه في شرعية بيعته للخلافة بعد وفاة السفاح لهذا قرر أبو جعفر أن يقتل أبو مسلم الخرساني.[3]