مفهوم السعادة في الفلسفة الأبيقورية


ما هي الفلسفة الأبيقورية




فلسفة الأبيقورية هي فلسفة المتعة، وتتضمن فكرة أن المتعة هي أسمى خير، وهي التي ستجلب لنا

السعادة

، و الأبيقوري هو الشخص الذي ينغمس في الملذات الدنيوية، وهذا يشمل المتعة الحسية، وكذلك عادات

الأكل

والشرب الفاخرة.


وفكرته عن المتعة تختلف كثيرًا عما قد يتخيله البعض، الأبيقوريون (الحرف الكبير “E”) هم أفراد يتبعون فلسفة أبيقور، بينما الأبيقوريون (الحرف الصغير “e”) يتابعون حياة مليئة بالرفاهية والمتعة فقط، فهي مختلفة، وكان أبيقور من

أشهر

فلاسفة عصره، وكتب العديد من الكتب وله كثير من المتابعين، وأن فلسفته كانت تركز على شيء واحد: كيف تكون سعيدًا، وهو بدأ مدرسة من أجل السعادة مثل أرسطو، وكان أبيقور يعتقد أن المتعة هي أعظم نفع، إلا أنه كان يعتقد أنه يجب تحقيقها من خلال العيش بشكل متواضع والتعرف على

العالم

من حولنا، وليس فلسفة “تناول

الطعام

والشراب”، اعتقد أبيقور أن السعادة هي أعلى خير ونهاية لكل الأعمال الأخرى، أي أننا نسعى للسعادة لذاتها وليس من أجل أي شيء آخر ( هذا هو هدفنا النهائي في

الحياة

).


حيث يكمن الانقسام في الكيفية التي يؤمنون بها أننا نحقق السعادة، اعتقد أبيقور أن السعادة هي تحقيق اللذة (وتجنب

الألم

)، ومن ناحية أخرى، اعتقد أرسطو أننا نحقق السعادة من خلال تنمية الفضيلة، وقد أوصى أبيقور بحياة فاضلة إلى حد ما (منضبط ذاتيًا) كأفضل وسيلة لإيجاد السعادة والمتعة.[1]


تعريف السعادة في الفلسفة الأبيقورية


يعطي أبيقور تعريفًا للسعادة متأثرًا بأريستيبوس، تلميذ سقراط ومؤسس المدرسة القيرواني للفلسفة: ويقول أن السعادة هي أول خير لنا، وإنها نقطة البداية لكل خيار ولكل نفور، ونعود إليه دائمًا، بقدر ما نجعل الشعور هو القاعدة التي نحكم من خلالها على كل شيء جيد.


وبالنسبة إلى أبيقور الحياة الأكثر متعة هي تلك التي نمتنع فيها عن الرغبات غير الضرورية ونحقق هدوءًا داخليًا من خلال الاكتفاء بأشياء بسيطة، واختيار متعة المحادثة الفلسفية مع

الأصدقاء

على السعي وراء الملذات الجسدية مثل الطعام والشراب والجنس، ويدعي أبيقور أن هناك اثنين من المعتقدات المفروضة على الذات والتي تعمل أكثر من غيرها لجعل حياتنا غير سعيدة أو مليئة بالألم، وهم:




  • أولاً


    : الإيمان بأن الآلهة سوف تعاقبنا على أفعالنا السيئة

  • ثانيًا


    : أن الموت أمر يجب

    الخوف

    منه


كل هذه المعتقدات تنتج الخوف والقلق، وهي غير ضرورية على الإطلاق لأنها تستند إلى الخيال، في حين أن الآلهة موجودة بالفعل، إلا أنها لا تهتم بشكل مباشر بشؤون الإنسان كونها كاملة وأبدية، وعلى هذا النحو، لا داعي للخوف من أي عقاب منهم، أما بالنسبة للموت، فيشير إلى أنه بمجرد انتهاء التجربة العاطفية لن يكون هناك إحساس بالألم.


ولذلك فإن الخوف من الموت لا أساس له، وأبيقور يميز تمييزًا مهمًا بين الرغبات الضرورية وغير الضرورية، الرغبات الضرورية هي تلك التي تكون ضرورية لإنتاج السعادة، مثل الرغبة في التخلص من الألم الجسدي، أو الرغبة في حالة من الهدوء الداخلي، وقد كتب أبيقور أن “نهاية كل أفعالنا هي أن نتحرر من الألم والخوف، وبمجرد الحصول على هذا يتم قمع عاصفة الروح.”، فقط عندما نشعر بالألم، نشعر بالحاجة إلى البحث عن المتعة، وهي حاجة تنتج حتمًا قدرًا أكبر من الألم، ومن أجل التخلص من دورة الألم، نحتاج إلى تنمية عقلية لا يوجد فيها ألم، وبالتالي فإن الهدف ليس السعي الإيجابي وراء المتعة، كما كان بالنسبة لأريستيبس، ولكن الهدف هو الوصول إلى حالة محايدة أفضل وصف لها بأنها “راحة البال” أو “الفراغ”، وهي تسمى أتاراكسيا وتعني “التحرر من القلق”.


يلاحظ أبيقور أيضًا أننا بحاجة إلى الحكمة لنرى أي الملذات هي

ممتعة

بالفعل، وأي الآلام ضرورية لإنتاج المتعة، تؤدي بعض الملذات إلى مزيد من الألم، مثل شرب كميات وفيرة من الكحول، فيبتعد عنها العاقل، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي بعض الآلام، مثل الحزن، إلى تقدير الحياة أو التعاطف، وهي حالات ممتعة، ولذلك لا ينبغي أن نتخلص من كل المشاعر السلبية ولكن نتخلص فقط من تلك التي تؤدي إلى آلام غير ضرورية، ويقدم أبيقور المعتقدات التالية حول سعادة الإنسان:


  • السعادة متعة


    : كل الأشياء يجب القيام بها من أجل المشاعر السارة المرتبطة بها

  • تنتج المعتقدات الخاطئة ألمًا لا داعي له


    : من بينها أن الآلهة ستعاقبنا وأن الموت أمر مخيف

  • هناك رغبات ضرورية وغير ضرورية


    : تساعد الرغبات الضرورية، مثل الرغبة في التحرر من الألم الجسدي، تساعد في إنتاج السعادة، في حين أن الرغبات غير الضرورية، مثل الرغبة في سيارة أكبر أو وجبة أكثر فخامة، عادة ما تنتج التعاسة

  • الهدف ليس السعي الإيجابي وراء المتعة بل هو غياب الألم ، وهي حالة محايدة يسميها “أتاراكسيا”، وهي التحرر من كل القلق، وغالبًا ما تُترجم ببساطة على أنها “هدوء داخلي”.

  • السعادة ليست شأنًا خاصًا


    : يمكن تحقيقها بسهولة أكبر في مجتمع يتجمع فيه الأفراد المتشابهون في التفكير معًا للمساعدة في إلهام سعي بعضهم البعض لتحقيق السعادة.


مكونات السعادة في الفلسفة الأبيقورية


كان يعتقد أبيقور أن هناك ثلاثة مكونات رئيسية لحياة سعيدة:


  • الصداقة


كان أحد مفاتيح السعادة لأبيقور هو وجود أصدقاء، ولكن رؤية أصدقائنا فقط في المناسبات لن يجعلنا سعداء، وكان يعتقد أننا يجب أن نرى أصدقائنا كل يوم ونقضي

الوقت

معهم كل يوم، حيث يجلب لنا الأصدقاء والأفراد ذوي التفكير المماثل الكثير من السعادة ونحن بحاجة إلى قضاء المزيد من الوقت معهم،

الصداقة

مختلفة جدا عن العلاقات الرومانسية، الصداقات داعمة وإيجابية وممتعة، بينما الرومانسية يمكن أن تؤدي إلى مشاعر سلبية.


  • الحرية والاكتفاء الذاتي


الحرية والاكتفاء الذاتي مكونات أخرى للسعادة، نريد أن نكون أحرارًا في القيام بالأشياء التي نحبها وأن نكون أيضًا قادرين على العيش بشكل كافٍ بين الأصدقاء، بالنظر إلى المجتمع الذي طوره أبيقور، عمل الجميع للحفاظ على المجتمع، وهناك مزارعون وخياطون وعمال أخشاب، وكان العمل الذي يقومون به مفيدًا ويحتاجه الآخرون، لذلك، شعروا بالرضا عن العمل الذي قاموا به، ربما لم يكن لديهم الكثير من المال، ولكن تم تلبية جميع احتياجاتهم وكان لديهم الوقت والحرية للقيام بالأشياء التي استمتعوا بها مع أصدقائهم، أي كان لديهم الحرية والاكتفاء الذاتي.


  • الفكر الفلسفي


المكون الأخير للحياة السعيدة هو الانخراط في التفكير الفلسفي أو العقلاني، أي أن نعيش حياة تم تحليلها، يعتقد أبيقور أنه من المهم التفكير في حياتنا وفحص أفكارنا ومشاعرنا، على الرغم من أننا نحاول الحد من رغباتنا والقيام بالأشياء التي تجعلنا سعداء، إلا أننا قد نشعر أحيانًا بالقلق والخوف، إذا أردنا أن نكون سعداء، فنحن بحاجة إلى استكشاف هذه الأشياء وفهمها، وهذا شيء يمكن للجميع الاستفادة منه، فحص الحياة والتأمل فيها واستكشاف أفكارنا ومشاعرنا، لا شيء سوى الخير يمكن أن يأتي من هذا، عرف أبيقور أن الكثير من الناس يخشون الموت، ويخافون ظمن المجهول، لكنه قال إنه إذا انخرطوا في التفكير الفلسفي ونظرنا إلى الموت، فلا شيء نخاف منه، ويقول أن الموت لا يعنينا لأننا طالما نحن موجودون، فالموت ليس هنا، وعندما يأتي، فنحن لم نعد موجودين.[1]