الدوافع الشعورية واللاشعورية وطرق إشباعها
ما هي الدوافع
الدوافع هي القوى الدافعة للسلوكيات لتحقيق الأهداف والحفاظ عليها، وتشمل الدوافع المتطلبات الفسيولوجية،مثل
الطعام
والشراب والنوم، بالإضافة إلى الدوافع الشعورية وربما اللاشعورية، ومن الواضح أن بعض السلوكيات تتطلب دافعًا واعيًا، ويمكن أن تشمل الدوافع اللاشعورية عمليات الجهاز الحركي الجسدي أو الجهاز العصبي اللاإرادي والمهاد الجانبي للدماغ والتي قد تكون ضرورية للبقاء على قيد الحياة، تشمل الدوافع اللاواعية أيضًا
الاحتياجات
والغرائز والرغبات التي قد تؤثر على السلوكيات أو تقودها دون أن يكون الناس على دراية بها، ويصعب تحليل هذه الدوافع، ويعتقد العديد من علماء النفس أن السلوك موجة من خلال مجموعة من الدوافع الواعية واللاواعية التي تعمل معًا لتلبية الاحتياجات الفسيولوجية وتلبية الأهداف.
ما هي الدوافع الشعورية
هي الدوافع التي تعمل في مستوى الواعي، من خلال جميع عمليات التفكير لدينا، وأي دافع يتم التفكير فيه أو إدراكه أو فهمه يكمن في الدوافع الشعورية، وتحت مستوى الشعور، يأتي مستوى ما قبل الشعور، وهنا تكمن الذكريات والأفكار التي قد تهدد في أي لحظة باقتحام المستوى الواعي، والتي يمكن تذكرها بسهولة، وهي تؤثر بشدة على العمليات الواعية، وتحت مستوى الشعور وما قبل الشعور، يأتي مستوى اللاشعور، الذي يكمن فيه الرغبات والحاجات والذكريات والأفكار التي تمثل الجزء الأكبر من تجربة الفرد السابقة، وهنا تكمن الدوافع اللاشعورية والذكريات التي تهدد بإضعاف أو زعزعة استقرار عقل الفرد إذا اقتحموا اللاشعور، عن طريق القمع يحافظ العقل على توازنه الضعيف.[1]
ما هي الدوافع اللاشعورية
تشير الدوافع اللاشعورية إلى الرغبات الخفية وغير المعروفة والتي تكون الأسباب الحقيقية للأشياء التي يفعلها الناس، مثال على ذلك هو عندما يكون شخص ما غير قادر على البقاء في علاقة طويلة الأمد ويجد دائمًا سببًا لقطع علاقاته، قد يصر على وجود تفسير منطقي لترك العلاقة، لكن أفعاله قد تكون مدفوعة في الواقع برغبة غير واعية في
الحب
والانتماء، وخوف من الرفض، وفي أعماقه يريد ويحتاج أن يكون في علاقة حب، لكنه يجد طرقًا وأسبابًا لإنهاء العلاقة لتجنب التعرض للرفض.[2]
فكرة أن سلوكنا مدفوع بدوافع لاشعوريا طرحها سيغموند فرويد ، حيث يعتقد أن الدوافع اللاواعية تلعب دورًا محوريًا في السلوك البشري، وإن العقل اللاواعي معقد مثل العقل الواعي، مع دوافعه الخاصة التي تعتمد على أفكاره ورغباته وأهدافه، ولكنه قائم على الغريزة بدلاً من العقل الواعي المنفتح والمنطقي، كما أنه يعتقد أن الأفكار والرغبات والعواطف والمشاعر غير المقبولة يتم إجبارها أو قمعها باستمرار في العقل اللاواعي، وينتج معظم السلوك البشري عن الذكريات غير الواعية والرغبات والدوافع التي تم قمعها، الدوافع الشعورية لها تأثير أقل بكثير على السلوك، وبالتالي، فإن “الانزلاق الفرويدي” هو نتيجة دافع لاشعوري.
ويعتقد فرويد أيضًا أن الذكريات المكبوتة والرغبات الكامنة وراء الدوافع اللاواعية هي مصدر المرض العقلي وأن التحليل النفسي يمكن أن يجلب هذه الدوافع اللاواعية إلى الوعي للمساعدة في تعديل السلوكيات، ومع صعود السلوكية في القرن العشرين، تحول تحليل الدوافع من القوى الداخلية إلى الخارجية، لكن الدوافع ظلت في عالم اللاوعي، وقال أبراهام ماسلو، المعروف بعمله في التسلسل الهرمي للاحتياجات، إن الدوافع اللاشعورية تلعب دورًا مركزيًا في
تحديد
كيف يتصرف الناس، وقال إن أي فعل يجب أن يُفهم من خلال
النظر
إلى الاحتياجات الأساسية التي يلبيها، وفي أغلب الأحيان، فإن دوافعنا اللاواعية وليست دوافعنا الواعية هي التي توجه سلوكنا.[1]
طرق إشباع الدوافع الشعورية واللاشعورية
يقوم الباحثون اليوم بدراسة الدوافع والأهداف، لكي يتم التعرف على النظرية المعرفية أكثر من الديناميكيات النفسية، وبالتالي، لم يهتموا بشكل مفرط بالأهداف اللاشعورية والصراعات اللاواعية، على عكس أسلافهم التاريخيين، حيث يركز الباحثون التحفيزيون المعاصرون بشكل أقل على الدوافع اللاشعورية وأكثر على الطبيعة المتعمدة للعملية، وتتطلب العمليات المتعمدة موارد مقصودة، وهي إرادية وشعورية، ومدفوعة بالأهداف، لا تتطلب العمليات التلقائية الانتباه ولا النية، وتحدث خارج نطاق الوعي، وهي مدفوعة بالمحفزات، على الرغم من أنه غالبًا ما يتم نقلها على أنها أضداد بشكل واضح، إلا أن العديد من الباحثين يعتقدون أن هذه العمليات تقع في سلسلة متصلة من التنظيم الواعي والجهد والمسيطر عليه إلى التنظيم اللاواعي والجهد والتلقائي.
ومن المهم أن ندرك أن عددًا من العوامل قد تؤثر على إشباع هذه الدوافع وعلى قدرة الأشخاص على الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بالهدف، وليس جميعها عمليات دفاعية ذات دوافع، علاوة على ذلك، قد يتضح أن هذا المستوى من الوعي قد يكون بُعدًا للأهداف، مع توفر بعض الأهداف بشكل ديناميكي للوعي أكثر من غيرها، يستخدم باحثو الإدراك الاجتماعي مصطلح “تلقائي” لتمييز الأهداف اللاشعورية عن الأهداف الشعورية الهادفة، ويقترح نموذج، للتنشيط التلقائي للهدف أن الإشارات الظرفية تؤدي إلى تنشيط الأهداف المزمنة والكامنة خارج وعي الشخص، يضيفون هذه “الدوافع الذاتية” ثم توجه السلوك دون أن يكون الشخص مدركًا لتأثير أفكار الهدف التوجيه والإدراك والعمل والعاطفة، وهكذا غالبًا ما ينخرط الناس في أفعال موجهة نحو الهدف دون أن يختاروها أو يفكروا فيها بوعي.[3]
العوامل التي تؤثر على الدوافع الشعورية واللاشعورية
تتأثر الدوافع بالعديد من العوامل المختلفة، خاصة الأهداف، ولكن أيضًا
القيم
والعواطف والشخصية، والتي بدورها تؤثر على الأهداف، قد تكون الأهداف واعية أو غير واعية وغير معترف بها، نظرًا لأن السلوكيات لها عواقب مقصودة وغير مقصودة وغير ذات صلة، لا يمكن تحديد الدوافع فقط من خلال عواقب السلوكيات، ولا يمكن افتراض أن عواقب السلوك ناتجة عن الدافع الواعي، وبسبب هذه الصعوبات المتأصلة في دراسة الدوافع، طور علماء النفس إجراءات للتخمين في الدوافع، قد تشمل هذه:
-
تحليل عواقب السلوك لتحديد النوايا المحتملة
-
تحليل الأدلة لكل من الدوافع الواعية واللاواعية
-
استخدام
المعرفة
بالقيم والمعتقدات والأخلاق والدين والبنية الاجتماعية وعوامل أخرى لاستبعاد الأهداف غير المحتملة
-
مقارنة دوافع الآخرين في مجتمعات وظروف مماثلة
أهمية تأثير الدوافع اللاشعورية
الدوافع القائمة على الاحتياجات الفسيولوجية هي جوهرية للفرد، والدوافع القائمة على الرغبات الخارجية، تنشأ خارج الفرد، وقد تنتج سلوكيات مختلفة عن نفس الدوافع، أصبح العديد من علماء النفس في القرن الحادي والعشرين يقلل من أهمية تأثير الدوافع اللاواعية، جزئيًا، لأنه من الصعب دراسة العقل اللاواعي علميًا، على عكس فرويد وأتباعه، ويجادل العديد من علماء النفس بأن الدوافع بخلاف الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية تستند إلى أفكار وخيارات واعية يمكن التحكم فيها، ويعتقد علماء النفس الآخرون أن الدوافع اللاواعية تدفع فقط إلى السلوك خلال فترات القلق أو التوتر، يستبدل علماء النفس المعرفي أحيانًا مصطلح الدوافع الواعية واللاواعية بمصطلحات مثل “صريح” و “ضمني”، بينما لا يزالون يؤكدون أن الدوافع يمكن أن توجد بدون وعي واع، وتعتمد العلاجات السلوكية المعرفية على النظرية القائلة بأن السلوكيات يمكن تغييرها عن طريق تغيير الفكر الواعي.[1]