متلازمة المؤمن الحقيقي

ما هي متلازمة المؤمن الحقيقي

إذا دعاك شخص ما بالمؤمن الحقيقي فبالتأكيد سوف تشعر بالسعادة، لكن في علم النفس قد يشير هذا المصطلح لنوع من الانتقاد حيث يقصد به الشخص الذي يؤمن

إيمان

راسخ أن معتقداته أو أفكاره هي الحقيقة المطلقة.

وقد يؤمن المؤمنون الحقيقيون بالأيدلوجيات المتطرفة سواء في السياسة مثل الشيوعية أو الفاشية أو بالأصولية الدينية أو بالطوائف الشخصية.[1]

ومتلازمة المؤمن الحقيقي هي

تعبير

غير رسمي في علم النفس تم صياغته لأول مرة بواسطة المعالج الروحاني إم. لامار كين لوصف اضطراب إدراكي واضح يتسم بالإيمان بواقعية بعض الأحداث الخارقة للطبيعة، حتى بعد أن يتم تقديم دليل قاطع على أن هذه الأحداث تم تدبيرها بطريقة احتيالية.

كين هو نفسه كان روحاني بروتستانتي خدع الناس على مدار سنوات وجمع ثروة من وراء جلست تحضير الأرواح.

وفي عام 1977م أجرى كاتب كندي شهير سمى ألن سبراجيت مقابلة مع كين  حاول فيها كشف عمليات الابتزاز الديني، ولكنه في الواقع لم يحدث  تأثير يذكر ، أمام المعالجون الإيمانيون المحتالون ومدعي المعجزات الإنجيليون.

وفي المقابلة اكتشف الكاتب أن كين ليس محتالًا بارعًا لكن زبائنه كان من السهل جدًا خداعهم، كما كشف الكاتب أن كين يعتقد أن متلازمة المؤمن الحقيقي هي نوع من

الكذب

الواعي حيث لا يمكن لأي قدر من المنطق ولو بسيط أن يغير فكر هذا المؤمن الحقيقي فهذا الإيمان قائم على الكذب بوعي على النفس.

وربما من وجهة نظر الشخص المحتال أو المخادع فإن ما يقوله ويؤمن به الحق وأن الرأي المنطقي الذي يخالف هذا الاعتقاد هو كذبة.

فهذا النوع من الإيمان في الواقع ينطوي على نوع من خداع الذات لكنه لا ينطوي على الكذب على الذات لأن الإنسان إن يكذب على نفسه يتطلب الاعتراف بأن المرء يعتقد أن ما يعرفه هو خطأ، وهذا لا يبدو ممكنا في حالة المؤمن الحقيقي الذي يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة.

وتم صياغة اعترافات كين المحتال في كتاب أسماه ” نفسية المافيا” وفي الكتاب لم يفضح كين نفسه فقط لكنه فضح زملائه من المعالجين الروحانيين.[2]

وقد تسبب هذا الكتاب في تهديد حياة كين، مما اضطر لمغادرته لمحل سكنه وتغيير اسمه، وقد تعرض كين لعدة محاولات لإطلاق النار، وقد أصبحت نظريته عن المؤمن الحقيقي

محل

دراسة من المعالجين النفسيين.

ومن أمثلة هؤلاء المؤمنون الحقيقيون اتباع كين وأيضًا أصحاب نظرية نهاية

العالم

عام 2012 والذي مازالوا متمسكين باعتقادهم بالرغم من أن الواقع أثبت غير ذلك.

كتاب المؤمن الحقيقي

وفي عام 1951م استخدم إريك هوفر نفس المصطلح في كتاب يحمل عنوان ” المؤمن الحقيقي” وصف فيه الجذور النفسية لمثل تلك الشخصية، وقد حاز هذا الكتاب على شعبية كبيرة وتم طباعة ثلاثة وعشرون طبعة منه ما بين عامي 1951 وعام 2002م.

وقد قام هوفر بتقسيم كتابه لثلاثة أجزاء وقد فسر فيه الحركات الجماهيرية اعتمادًا على نظرية المؤمن الحقيقي، ومن وجهة نظر هوفر فإن الحركات الجماهيرية تطالب دائمًا الاستسلام التام لذاتها المتميزة ويعرف الفرد فيها بأنه ” عضو في قبيلة أو عائلة معينة” سواء دينية أو سياسية أو قومية وهذا العضو هو ما أطلق عليه هوفر اسم المؤمن الحقيقي.

ويجب أن يكون كل جزء مهم في شخصية المؤمن الحقيقي نابع من ارتباطه بالمجتمع الكبير وحتى عندما يكون وحيدًا فإن المؤمن الحقيقي لا يجب أن يشعر أبدًا بالعزلة، وهو مراقب دائمًا، وتكون أهداف وآراء المؤمن الحقيقي في الجماعة غير مهمة.

وتستخدم الحركات الجماهيرية دائمًا أداء تمثيلي ومسرحي وتعمل على تصميم مشاهد لجعل المؤمن الحقيقي يشعر بالرهبة من عضويته في الحركة ، ومثال على ذلك المسيرات الضخمة التي كان ينظمها النازيين والخطب الرنانة.  [3]

ويقول هوفر إنه على الرغم من أن الحركات الجماهيرية قد تبدو مختلفة جدًا في البداية ، إلا أنها جميعًا مدفوعة بنفس جوانب علم النفس البشري، بكل بساطة ، تكتسب جميع الحركات الجماهيرية أتباعًا من خلال مناشدة مجموعة مشتركة من المشاعر الشخصية والإحباطات والدوافع، وهذا صحيح سواء نتج عن الحركة خير أو شر.

فمهما كانت الحركات متناقضة مثل الشيوعيين والاشتراكيين الوطنيين والذين يتم اعتبارهم دائمًا حركات سياسية متعارضة مع بعضها البعض كليًا، إلا أن كلا الحركتين كانتا تناشدان نفس الدوافع البشرية في الجماهير

وقد اعتقد هوفر أن الشيوعيون والقوميون الروس واليابانيين هم جميعًا مؤمنون حقيقيون في مجموعاتهم.

وفي

التاريخ

القديم كان البابا هو أقوى رجل في أوروبا لأن له مؤمنون حقيقون.

سمات المؤمن الحقيقي في علم النفس

وضع علماء النفس 4 سمات أساسية لصاحب متلازمة المؤمن الحقيقي، وهذه السمات تشمل:


  • ميول انفصامية تحت ديناميكية

وهذا لا يعني أن المصاب تلك المتلازمة مريض بمرض عقلي لكن لديه ميول انفصامية، حيث يميل للانفصال عن الواقع، وينجذب نحو أشياء غير حقيقة وحتى ربما تكون غير محتمل حدوثها بشكل ساذج جدًا، وعادة ما يميل تفكيره نحو التفكير في الخوارق.


  • التنافر المعرفر

المعرفي هو عبارة عن انزعاج يحدث داخل العقل نتيجة الاعتقاد في معتقدين متناقضين أو تضارب المواقف، وهذا

طبيعي

لدى المؤمن الحقيقي، حيث أنه يؤمن اعتقاد راسخ في شيء قد ينافي العقل بينما تظهر أما عينيه حقائق دامغة تعاكس الاعتقاد الأول، وهذا يجعله يشعر بالتناقض المعرفي.


  • معالجة الجشطالت

معالجة الجشطالت هو قانون للإدراك البشري يصف كيف يقوم الإنسان بتجميع العناصر المتشابهة والتعرف على الأنماط وتبسيط

الصور

المعقدة عندما ندرك الأشياء.

ويتصف الأشخاص الذين يستخدمون هذا النمط الإدراكي بأنهم لا يستخدمون التفكير المكثف أو التحليل التفصيلي ويقبلون أي فكرة بشكل كلي دون تمييز أو تحليل للتفاصيل.[4]


  • عقلية بحسب الظروف

عقلية بحسب الظروف أو مجريات الأمور وهي أنهم يقوموا باتخاذ قرارتهم بناءًا على عدد من الأحداث تحدث أمامهم أو فورا ، وهذا يجعل هذه المواقف تأتي في

مقدمة

أفكارهم فتجعلهم يعتقدون أن تلك الأحداث القريبة التي تظهر أمامهم هي الأكثر احتمالًا للتكرار أو الحدوث وأنها هي الأكثر مصداقية من غيرها .

مثال على تلك العقلية هو عندما تستمتع للأخبار فتسمع عدة أخبار عن سرقة

السيارات

في منطقتك، فتعتقد أن المنطقة التي تعيش فيها هي أكثر مناطق العالم تكرارًا لحوادث سرقات السيارات وهذا غير صحيح.

وفي عقلية المؤمن الحقيقي كانت النبوءات والخرافات والأحداث الخارقة المرتبطة بحضارة المايا متاحة بكثرة في وسائل الإعلام، مما جعل المؤمنون الحقيقون بتلك الفكرة يؤمنون أن تلك الحضارة بالفعل خارقة للطبيعية، وخاصة أن هؤلاء الأشخاص لديهم ميول انفصالية مما جعل عقلية بحسب الظروف تعمل لديهم.