خطبة عن فضل يوم عرفة مكتوبة .. ” مؤثرة “

مقدمة عن يوم عرفة

الحمد لله العفو الغفار العزيز الجبار، مصرف أنواع الأقدار ليمتاز الأخيار عن الأشرار،  تفضل على العباد بالنعم الغزار والخير الدرار، ليتخلل ذلك بعض المصائب لحم ومصالح قدرها الحكيم الغفار.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الأسرار ومدبر الأمر في الليل والنهار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المختار، رب العالم ين بقوله ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رءوف رحيم” ، فصلي اللهم على عبدك ورسولك محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إن يوم عرفة هو أفضل يوم طلعت عليه الشمس، وهو اليوم الذي يخرج فيه حجاج بيت الله الحرام شعسا غبرا لأداء ركن الحج الأعظم وهو الوقوف بصعيد عرفة ، رافعين أكفة التضرع للمولى عز وجل راجين مغفرته وعتقه من النار.

خطبة عن يوم عرفة مؤثرة


أما بعد

:


فضل يوم عرفة

أكبر من نذكره في خطبة واحدة، إن ليوم عرفة هو شرفًا عظيم وفضلا كبير من الله عز وجل، فهذا هو اليوم الذي نالت فيه أمة محمد وسام الرفعة والشرف على سائر الأمم أجمعين، فذلك هو اليم الذي انزل فيه على محمد عليه الصلاة والسلام” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا”، أنزلها الله على نبيه يوم عرفة في يوم الجمعة.

حتى أن أصحاب الملل الأخرى قد عرفوا فضل تلك الكلمات الكريمة من المولى عز وجل، فقال يهودي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، : أية في كتابكم لو نزلت علينا معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، يقصد تلك الآية، فقال عمر إن الآية نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام وهو واقف بعرفة يوم جمعة، وكلا اليومين لنا عيد.

أخي المسلم إن يوم عرفة هو خير يوم طلعت عليه الشمس، وخطبة يوم عرفة هي خطبة تهم من يلقيها ومن يتحدث بها، وخير من ألقاها هو سسيد الخلق عليه أفضل الصلوات والسلام، الذي أعطاه الله جوامع الكلم، فحدثنا بأبلغ الكلام وأجمع المعاني.

وقد ألقى عليه الصلاة والسلام خطبته العظيمة والتي بين لنا فيها حرمة دماء المسلمين، وحرمة أموالهم والتي لا تقل عن حرمة عن هذا اليوم العظيم في بيت الله الحرام وفي الشهر الحرام.

كما وصى النبي عليه الصلاة والسلام بالمرأة ومالها من حقوق وماعليها من واجبات، وبين لنا أن الله ألغى بمحمد عليه افضل الصلاة والسلام أعمال الجاهلية سواء في الأموال أو الدماء أو الأعراض، وحقا أن الإسلام قضى على ظلم وظلام الجاهلية وأخرنا إلى النور.

أيها المسلمون اغتنموا هذا اليوم لتفوزوا، ومن لمن يستطيع الوقوف بعرفة لأداء الحج فعليه بالصوم، فصوم هذا اليوم يكفر سنة ماضية وسنة آتية، أما من كتب الله له تعالى الوقوف بعرفة لأداء ركن الحج فعليه أن يجتهم ليفوز بالتطهر من كل ذنوبه، ليعود كما ولدته أمه: :فمن حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه”.

وحقا أن محمد أقام مجتمع قائم على العدل والخير والهدى، ونقل العالم من صورة قاتمة مظلمة غلى صورة بيضاء مشرقة، فصلى اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

خطبة عن فضل عرفة

إن يوم عرفة يوم من أفضل أيام الله، وكتابة خطبة عن فضل عرفة أو

خطبة عن فضل عشر ذي الحجة

قد تتسع لها مجلدات، وهذا نموذج مصغر لخطبة عن يوم يوم عرفة:

الحمد لله رب العالمين ، مالك يوم الدين، والحمد لله مستحق الحمد وموليه، والحمد لله الذي أعلى معالم العلم وأعلاه، وأظهر شعائر الشرع وأحكامه، وبعث رسله صلوات الله عليهم إلى سبيل الحق والهدى داعين ، وأخلفهم علماء على سننهم ماضين، وجعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون على الأذى، ويحيون بكتاب الله عز وجل الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى.

فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم ، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

وأشهد أن لا إلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، رفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات، وجعلهم أهل خشية لله، واستشهدهم على توحيده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أعلم الخلق بالله، وأخشاهم لله، وأتقاهم له، بعث بالدين الحنيف الخاتم، ورفع شأن العلم وقدم على العابد العالم، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وخلفائه، وسائر أصحابه والتابعين لهم إلى يوم الدين.


أما بعد:

فيا أيها المسلمون، نوصيكم بتقوى الله تعالى التي أوصى بها الأولين والآخرين، قال تعالى: “ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السموات ، وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا” .

وبتقوى الله عز وجل تتنزل على الأمة الخيرات وتبتعد عنها المصائب والمكروهات.

قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا” وتقوى الله تتمثل في الإقدام على الطاعة والإحجام عن المعاصي والسيئات، وأعظم خصال التقوى، توحيد الله وإفراده بالعبادة، بحيث لا يصلى إلا لله، ولا يدعى إلا الله، ولا يعبد أحدا سواه لا بذبح ولا بنذر ولا بغير ذلك من أنواع العبادة.

قال تعالى : يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، وقال تعالى:” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وقال تعالى : ” ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل”.

وقال تعالى:” قل أفغير الله تأمروني اعبد أيها الجاهلون، ولقد أوحى إليك وللذين من قبلك، لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكنن من الخاسرين، بل الله فاعبد وكن من الشاكرين”.

وهذا هو مقتضى شهادة التوحيد لا إله إلا الله وقرينتها شهادة أن محمدا رسول الله، ولا يعبد الله إلا بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أيها المسلمون في مثل هذا اليوم العظيم أكمل الله الدين فلا يحتاج أن يزاد فيه، وذلك عبر الإحداث والبدع فهذا مما ينبغي أن ينكره المسلمون، وقد أتم الله تعالى الدين في مثل هذا اليوم، فنزلت أية على محمد عليه الصلاة والسلام، قال اليهود لما سمعوها أنها لو كانت قد نزلت عليهم، لاتخذوا يوم نزولها عيدا، وهي أية : ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا”، فوالله إنها لنزلت في يوم عيد، فيوم عرفة عيد، ويوم الجمعة الذي نزلت فيه الآية عيد.

وهما يومان تتوحد فيهما قلوب الأمة، وتتوجه خالصة للمولى عز وجل، فيوم عرفة هو يوم عيد لمن يقفون بعرفة ولمن لم يبلغوا هذا المقام الرفيع، هو يوم تجليات ونفحات إلهية، هو يوم عطاء وبذل وسخاء.

هذا اليوم الذي يقف فيه المسلمين من مختلف ألوانهم وأشكالهم مجردين من كل رابطة إلا رابطة الإسلام والإيمان والعقيدة، يناجون ربًا واحدًا، في يوم يشبه يوم الحشر يتجرد فيه الحجاج من كل شيء إلا تقوى الله وخشيته والطمع في رحماته وغفرانه.

إن هذا اليوم المبارك أحبتي في الله هو يوم من الأيام التي أثنى عليها الله عز وجل ، قال تعالى :” ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات”، وهو من

الليالي العشر

التي أقسم بها عز وجل قال تعالى: ” والفجر وليالٍ عشر”،

أيها المسلمون هذا يوما عظيم من أشرف وأجل وأفضل أيام الله، وهو يوم المباهاة، فالمولى عز وجل يباهي شية عرفة بأهل عرفة ملائكة السماء يقول انظروا إلى عبادي أتوني شعسا غبرا ضاجين يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم”.

فارفعوا إلى ربكم أكفة الضراعة، وادعوه مخلصين له الدين والجئوا إليه ليمحو ذنوبكم وخطاياكم ويقضي حوائجكم، ويثبتكم على الإسلام، واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله تعالى أكبر والله يعلم ما تصنعون.[1]