كيف يستطيع الأنف تمييز ما يقارب التريليون رائحة مختلفة
أنف الإنسان يعتبر معجزة من معجزات الله
قم الآن و أنت تقرأ ذلك المقال، بغلق عينيك تماما مع وضع عدد مختلف من الروائح المختلفة مثل رائحة المسك، ورائحة الشيكولاته، ورائحة
الورد
فستجد أن المثير في الأمر أن عقلك سوف يدرك جميع تلك الروائح ويفسرها لكَ أيضاً.
قد يبدو الأمر طبيعيا لكَ، ولكن هل تساءلت يومًا عن الذي يحدث بداخل أنفك وعقلك لدرجة أن يجعلك تدرك الروائح و أنت مغمض العينين، وعلى ذكر ذلك القول فقد أفاد عدد من الباحثين في العلوم أن أنف الإنسان يمكن أن يميز ما لا يقل عن 1 تريليون رائحة مختلفة، فهل تصدق ذلك؟
فهي بالفعل قد تترجم عدد من المعلومات الدقيقة التي تفوق التقدير السابق، والبالغ حوالي 10000 رائحة فقط ويأتي قول
الله
تعالى في كتابه العزيز في خلق الإنسان حين قال {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} وعلى ذلك الأمر سوف يشتبه العلماء الذين يدرسون حاسة الشم في وجود رقم أعلى لبعض الوقت، لكن القليل من الدراسات قد حاولت استكشاف حدود القدرة الحسية للأنف البشرية حيث قام أندرياس كيلر، وهو
المؤلف
المشارك في الدراسة السابقة، وايضا باحث حاسة الشم في جامعة روكفلر في نيويورك.
لمعرفة حدود حاسة الشم لدى البشر من خلال إعداد خلطات عطرية مكونة من 10 أو 20 أو 30 مكونًا منتقاة من مجموعة مكونة من 128 جزيءً ذا رائحة، ثم طلبوا من 26 مشاركًا في الدراسة
تحديد
الخليط الذي كانت رائحته مختلفة في مجموعة عينة حيث كان اثنان من ثلاثة روائح متشابهة.
و لقد كافح معظم المشاركين للتمييز بينهما، ثم قام بحساب المؤلفون من عدد المخاليط المحتملة التي قد تتداخل معه بنسبة أقل من 51٪ للوصول إلى تقديرهم لعدد الروائح التي يمكن أن يكتشفها أنف الإنسان ألا و هي 1 تريليون على الأقل.[1]
معلومات دقيقة عن قدرة الأنف في تمييز الروائح
سيكون لديك ذلك
الفضول
الكامل لمعرفة السبب بالطبع، حيث أن أنف الإنسان لديه حوالي 400 نوع من مستقبلات الرائحة المختلفة، فعندما تتدفق رائحة القهوة عبر الغرفة، على سبيل المثال سوف تكتشف مستقبلات معينة في الأنف تلك المكونات الجزيئية للرائحة المميزة مما يؤدي إلى ظهور سلسلة من الاستجابات العصبية التي تلفت انتباه الفرد إلى وجود وعاء القهوة، لكن العديد من تفاصيل هذا التسلسل لا تزال غير معروفة حتى الآن.
وعلى ذكر ذلك القول يقول نعوم سوبيل، وهو عالم
الأعصاب
في معهد وايزمان للعلوم في رحوفوت بإسرائيل: “العلاقة بين عدد الروائح التي يمكننا تمييزها وعدد المستقبلات التي لدينا غير واضحة”.حيث يفترض بعض العلماء أن وجود المزيد من أنواع مستقبلات الرائحة يشير إلى وجود حاسة شم أكثر حساسية.
لكن الجدير بالذكر أن هذه ليست الصعوبة الوحيدة التي تواجه العلماء في استكشاف حدود قدرتنا على الشم فحتى الآن كان الاعتقاد السائد أنه يمكننا شم حوالي 10000 رائحة، و على ذلك قد تشير التقديرات الجديدة المثبتة في جميع التقارير إلى أن قدرة أنف الإنسان تفوق قدرة العين والأذن من حيث عدد المحفزات التي يمكنها
التمييز
بينها. حيث تستخدم العين البشرية ثلاثة مستقبلات للضوء تعمل معًا لترى ما يصل إلى 10 ملايين لون ، بينما يمكن للأذن أن تسمع ما يقرب من نصف مليون نغمة.
أما بالنسبة للأنف، فكان يُعتقد أن الأنف بما يحتويه من 400 مستقبل شمي، يمكنه اكتشاف حوالي 10000 رائحة مختلفة فقط. ويقول باحثون آخرون في جامعة روكفلر إننا نستخدم فقط جزءًا صغيرًا من قوتنا الشمية، وليست كلها فما بالك إذا استخدمناها كلها.
فحتى الآن كان يُعتقد أن الأنف بما يحتويه من 400 مستقبل شمي يمكنه اكتشاف حوالي 10000 رائحة مختلفة فقط، ولكن قد شرع العلماء في جامعة روكفلر بنيويورك في
اختبار
الفكرة التي يعود تاريخها إلى عام 1927 ولم يتم التحقيق فيها علميًا.
وعلى ذلك قد ابتكروا تجارب لمعرفة مدى جودة الناس في التمييز بين الكوكتيلات المكونة من 128 جزيء مختلفًا للرائحة، والتي تمثل مجموعة كبيرة من الروائح والتي قد تبدأ من العشب إلى الحمضيات.
وتم خلط الجزيئات بشكل عشوائي في مجموعات من 10 أو 20 أو 30 لتكوين روائح غير مألوفة، ثم طُلب من 26 شخص تحديد رائحة من ثلاث عينات – اثنتان متماثلتان وأخرى مختلفة، وكان بناءً على هذه النتائج، استخدم الباحثون النظرية لاستقراء عدد الروائح المختلفة التي يمكن للشخص العادي التمييز بينها إذا تم تقديمها مع جميع الخلطات الممكنة والتي يمكن صنعها من 128 جزئ واستنتجوا أن الشخص العادي يمكنه التمييز بين تريليون على الأقل من الروائح المختلفة للأنف أكثر بكثير مما يمكن اكتشافه بواسطة العين أو الأذن.[2]
كيف تحدث حاسة الشم
حاسة الشم تشبه إلى حد كبير حاسة التذوق، فهي حاسة كيميائية وقد يطلق على حاسة الشم والتذوق معًا اسم الحواس الكيميائية لأنها تكتشف المواد الكيميائية الموجودة في
البيئة
مع اختلاف أن الرائحة تعمل على مسافات أكبر بكثير من تلك الموجودة في الذوق، وتسير عملية الشم إلى حد ما على النحو التالي: [3]
الخطوة الأولى
تكمن الخطوة الأولى في أن تصل جزيئات الرائحة المتبخرة و هي (المواد الكيميائية) العائمة في الهواء إلى فتحات الأنف ومن ثم تذوب في المخاط الموجود على سطح كل منخر وتتجه بعد ذلك إلى تحت المخاط، وبعد ذلك سوف تكتشف خلايا المستقبلات المتخصصة والتي تسمى الخلايا العصبية لمستقبلات حاسة الشم الرائحة وهذه الخلايا العصبية قادرة على اكتشاف الآلاف من الروائح المختلفة.
الخطوة الثانية
تعمل الخلايا العصبية على نقل المعلومات للمستقبلات الشمية ومنها إلى البصيلات الشمية الموجودة في نهاية الأنف أيضا، وتحتوي البصيلات الشمية على مستقبلات حسية والتي هي في الواقع جزء من الدماغ، حيث ترسل رسائل مباشرة إلى:
- مراكز الدماغ الأكثر بدائية حيث تؤثر على العواطف والذكريات (هياكل الجهاز الحوفي)، وذلك هو السبب الذي يجعلك ترجع الذكريات عندما تشم رائحة لها علاقة بتلك الذكريات .
- المراكز “العليا” في الدماغ حيث يقومون بتعديل الفكر الواعي (القشرة المخية الجديدة).
الخطوة الثالثة
بعد أن تصل هذه الروائح إلى المخ، سوف تدرك مراكز الدماغ هذه الروائح وتصل إلى الذكريات لتذكيرنا بالأشخاص أو الأماكن أو الأحداث المرتبطة بهذه الأحاسيس الشمية خلال مقطع عرضي للرأس عبر الأنف. [3]
هل تزداد حاسة الشم لمن يعاني من الصم والعمي
يتميز جسم الإنسان دائما بالتكيف بالبيئة الخارجية المحيطة به فمثلا تجد من يعتمد على يديه في العمل، أن حجم يديه أكبر من الحجم الطبيعي، ومن يمارس
الرياضة
بإستمرار تجد أن حجم أجسامهم أكبر من الطبيعي و هكذا.
أما إذا سلطنا الضوء على من يعاني من الصمم والعمى ، فسنجد أن العديد من أطفال الصم المكفوفين لديهم حاسة شم حساسة للغاية، للتعويض عن استخدامهم المحدود للبصر والسمع ولكثرة أعتمادهم على حاسة الشم، فيستطيعون تميز الروائح أكثر من الشخص العادي بمراحل.
وبالتالي، فإن حاسة الشم سوف تلعب دورًا رئيسيًا في هذه الفئة من الناس في تحديد الأشخاص والأماكن والأشياء والأنشطة من حولهم أكثر من الشخص الطبيعي . [4]