وظائف الصحافة في المجتمعات الليبرالية

كيف تكون الصحافة في المجتمعات الليبرالية

الصحافة هي التعبير عن الرأي، ومن خلالها يستطيع الناس أن يقوموا بإعطاء آرائهم، حيث تعتبر صوت لمن لا صوت له، وأيضا تساهم الصحافة في توفير تقارير ومعلومات لكل ما يدور في

العالم

، مثل الشؤون العالمية الحالية، والتي تشمل الموضة، والصحة، القضايا السياسية، والاجتماعية، والطبية، والرياضية، والعلمية، والفنية والثقافية.

لذلك تأخذ الصحافة دور مهم جداً في التعبير عن الرأي، ونقل أخبار العالم لكل أنحاء العالم وخلال مرور الزمن ظهر الكثير من التفسيرات تخص الصحافة وعلاقتها مع السلطة، هذه التفسيرات أو النظريات تشرح كيفية تطور الصحافة مع مرور كل فترة زمنية، وما دورها في المجتمع، وما هي العلاقة التي تربطها مع السلطة الحاكمة، وفي ما يلي

أشهر

وأهم هذه النظريات.

النظرية الليبرالية

النظرية

الليبرالية

مصدرها المفكرين الأوربيين في عصر النهضة وبالتحديد خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وخلال هذه الفترة قام الباحثين الأوربيين بإصدار الكثير من المبادئ التي تخص

وظائف الصحافة

في المجتمع، ومن خلالها تم

تحديد

الأفكار السلطوية وانتشرت هذه الأفكار لفترة طويلة حتى بداية عصر النهضة الأوربية، ومن أشهر مفكرين هذا العصر المفكر الإنجليزي جون ميلتون حيث كتب في عام 1664 الكثير من الكتابات المهمة.

ومن أبرزها هي (إن حرية النشر بأي واسطة كانت ومن قبل أي إنسان كان، ومهما اختلف اتجاهه الفكري، هي حق من حقوق الطبيعية، ويجب كل إنسان أني يحصل عليها، ولا أحد يستطيع أن يقوم بتقليل من حرية النشر، والصحافة، مهما كان شكلها، وتحت أي عذر كان).

ومن المفكرين الأجانب المهمين في عصر النهضة جون لوك، قام جون لوك بتعريف حرية الصحافة والنشر بالشكل التالي (لدى كل شخص حق في فعل أي شيء مسموح من قبل القانون) والجدير بالذكر بأن جون لوك في عام 1965 قام بإصدار بيان يهاجم من خلاله تقيد حرية الصحافة، وفي ذلك الحين اضطر البرلمان الأوروبي أن يقوم بإلغاء القانون الذي يفرض الرقابة الوقائية على الصحافة.

تطور الصحافة في النظام الليبرالي

في القرن الثامن عشر استطاعت النظرية الليبرالية المتعلقة بحرية الصحافة أن تنتصر على النظرية السلطوية، أو ما تسمى بنظرية السلطة الحاكمة، في ذلك

الوقت

قام البرلمان البريطاني بإصدار قرار يؤكد على منع الرقابة الوقائية على الصحف، والصحافة بشكل عام، وأصبح عملية إصدار الصحف  مسموح لكل أفراد المجتمع، ودون العودة إلى أخذ  اذن أو ترخيص من قبل السلطة الحاكمة.

والسبب وراء هذا التطور في حرية الصحافة يعود إلى أفكار المفكر الإنجليزي  المشهور   في وقتها بلاكستون، حيث كان يؤكد أن حرية الصحافة والتعبير عن الرأي أمر ضروري جدا ولا بد منه،   لكي تصبح الدول حرة، حيث يتطلب هذا الأمر التخلص من الرقابة الوقائية على الصحف، ولكن على الرغم من ذلك كان الصحفي إذا قام بكتابة موضوع يخص جريمة.

يتعرض بعدها إلى عقاب من قبل السلطة الحاكمة، بعد ذلك جاء

الدستور

الأمريكي، وقام بحضر شامل لكل تدخل السلطة الحاكمة في المواضيع التي تخص حرية التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة، والتعبير، وذلك جاء بأمر رسمي من الكونغرس الأمريكي.

ما هي وظائف الصحافة في المجتمعات الليبرالية

بعد أن أصبح التعبير عن الرأي والصحافة والنشر أمر مباح ولا يعاقب عليه من قبل السلطات الحاكمة، قام النظام الليبرالي بوضع الكثير من الأسس والوظائف للصحافة وأيضا يضم تقديم كل أنواع المعلومات، وفي كل مجالات الحياة سواء كانت صحية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية، أو تاريخية أو أي مواضيع أخرى تتعلق بالحياة على الأرض.

وأكد على أهمية النقد الحر وذلك لكي تتحقق الرفاهية وتطور المجتمعات، وان الشعب أو الجماهير لهم الحق في اتخاذ القرارات، ويفضل أن تكون هذه القرارات واقعية، وقريبة عن الحقيقة، حيث إن إعطاء حرية الاختيار للجماهير  سوف تزيد من قدرتهم على انتخاب الشخص، أو المجموعة التي تمثلهم. قام المفكر دينيس ماكويل  السويدي المشهور، بوضع أسس، ووظائف الصحافة في المجتمعات الليبرالية وفي ما يلي أهم  هذه الوظائف.


  • أولا

    : كل الصحفيين والكتاب يجب أن يحصلوا على الاستقلال المهني، داخل المؤسسات الصحفية التي يعملوا فيها.

  • ثانيا

    : جميع المواضيع يجب أن يتم نشرها، وتحريرها من دون أي رقابة وقائية مسبقة.

  • ثالثًا

    : التخلص من كل أنواع القيود التي تفرض على جميع أنواع المعلومات، وبعدها يتم نشرها، بكل الوسائل القانونية الممكنة، والمتاحة.

  • رابعا

    : كل الأشخاص الذين يرغبون بالعمل داخل مجال الصحافة، والنشر يجب أن يكون الطريق مفتوح أمامهم، ولا يوجد داعي للحصول على رخصة مسبقة من السلطة الحاكمة.

  • خامسا

    : إذا قام الصحفي بكتابة، ونشر مقالة تخص أي جهة سياسية، أو حزب سياسي، أو مسؤول يعمل في السلطة الحاكمة، لا يحصل على أي نوع من العقاب، حتى بعد انتشار الصحف بين الناس.

  • سادسا

    : يجب أن يتم إلغاء أي قيد يتم فرضه على على تلقي، وإرسال المعلومات، ثم نشرها، بالوسائل القانونية المتوفرة، وعبر الحدود القانونية، الموضوعة من قبل الحكومة.

  • سابعا

    : يجب أن يتم منع، ورفض أي نوع من الإكراه، أو الإجبار، للصحفي  في نشر بعض المواضيع، وعدم نشر المواضيع الأخرى.

  • ثامنا

    : التعريف الليبرالي للصحافة ينص على أن الصحافة هي أداة يستطيع الفرد من خلال التعبير عن حريته، وممارسة حقه وسياسته المدنية، بالإضافة إلى كونها معيار من المعيرات الفردية الأخرى مثل حرية الإقناع، والتفكير، والتعبير، وترتبط الصحافة ارتباط وثيق مع الديموقراطية.

كيف ساهم النظام الليبرالي في تطور الصحافة

لدى النظام الليبرالي دور كبير في تطوير الصحافة، وانتشارها وتحرير الصحافة من حكم الدول،   حيث قامت بإنهاء الكثير من القيود، والحواجز التي تعيق الصحفيين من ممارسة مهنتهم، ومن الجدير بالذكر بأن استطاعت الدول الأوروبية الشمالية، أي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

في القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، أن تتمتع  بقدر واسع من التنوع، والتعددية، في كل جوانب الصحافة، والتعبير عن الرأي،   وأيضا أصبح  لدى الصحافة قدرة إنشاء مجموعات تقوم بمناقشة حرة بين كل الجوانب السياسية . وبعد المناقشة تنتقل إلى الجماهير، هذا الأمر ساهم في تقدم ثقافة المجتمعات، وزادت من نشاطها، وحيويتها.

ولكن الأمر لم يستمر طويلا، ففي الفترة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ابتعدت أوروبا، وأمريكا عن  النظام الليبرالي، وأسسه، ونتيجة لذلك حصل انخفاض ملحوظ في عدد الصحف، وأصبح تنوع المواضيع  قليل جدا، لذلك انخفض حماس الجمهور، ونشاطه، وحيويته، وانخفضت قدرة الصحافة على القيام بعملها مثل ما كانت عليه في السابق، والوفاء إلى جماهيرها، ومناقشة المواضيع، وطرحها على الجمهور.

تعرضت النظرية الليبرالية إلى النقد من كل الجوانب السياسية بسبب تزايد الاتجاه إلى الاحتكار، والتركيز إلى ملكية الصحافة، وفي ذلك الوقت ظهرت رؤية أخرى لمستقبل الصحافة حيث وسع مجال الصحافة بشكل كبير جدا، وهذه الرؤية هي حرية التعبير، وحرية الصحافة لا يتم ضمانها، ألا في حالة واحدة وهي إنتاج الأفكار، وتوزيعها بالابتعاد عن السيطرة الرأسمالية من جانب، ومن جانب آخر السيطرة على البيروقراطية السياسية، من جانب آخر.[1]