” يوشع بن نون ” النبي الذي حبست له الشمس

من هو النبي الذي حبست له الشمس

من المعروف أن الله -سبحانه وتعالى – وهب رسله وأنبيائه وأنعم عليهم بعدد من المعجزات لتكون دليل لهم أمام قومهم على صدق نبوتهم، وهناك نبي حبست له الشمس وهو نبي الله يوشع بن نون عليه السلام، ودليل ذلك ما رُوي في صحيح مسلم في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: “إنَّ الشَّمسَ لم تُحبَسُ إلَّا ليوشعَ بنِ نونٍ لَياليَ سارَ إلى بيتِ المقدسِ”.[1]

من هو يوشع بن نون

هو يوشع بن نون بن أفرانيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام، وقد ذُكر هذا النبي في سورة الكهف في

قصة

سيدنا موسى والخضر -عليهما السلام- ولم يُذكر بصورة صريحة باسمه فهو الفتى الذي كان يرافق نبي الله موسى، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}، وكان قائد بني إسرائيل بعد موت سيدنا موسى عليه السلام، وذكر ابن كثير، في كتابه «قصص

الأنبياء

» أنه «يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون: يوشع ابن عم هود».

وقد ذكر تعيينه في صحيح البخاري من رواية أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوشع بن نون حيث قال ابن كثير: وقد اتفق أهل الكتاب على نبوته عليه السلام، وقد ذكر المؤرخون أنه تم فتح بيت المقدس على يد يوشع بن نون عليه السلام بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وقد من الله سبحانه وتعالى عليه بكرامة لم ينلها غيره، وهي حبس الشمس له، حيث روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس”.[2]

موت موسى وبعثة يوشع بن نون

كان يوشع بن نون من الاثني عشر رجل الذين جعلهم موسى -عليه السلام- نقباء في أرض كنعان، وهو من المشجعين لبني إسرائيل على دخولهم أرض كنعان كما ذُكر في كتاب الله تعالى حيث قال الله تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وكان يوشع بن نون عليه السلام تلميذ لسيدنا موسى -عليه السلام- وقد أمر الله تعالى موسى بأن يسلم العهد ليوشع بن نون ليقوم بتدبر أمور بني إسرائيل من بعده وكان كتاب يوشع أول كتب الأنبياء بعد كتاب موسى عليه السلام، وأصبح يوشع بن نون نبياً على بني إسرائيل بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام.[2]

فتح بيت المقدس

ذهب يوشع بن نون إلى بيت المقدس برفقة بني إسرائيل فقطعوا

نهر

الأردن وانتهوا إلى أريحا، وفتحوا حينها بيت المقدس وكان مُحصّن بسور وكان به الكثير من القصور، كما كان يسكنها العديد من الناس، فقاموا بإحاطته وحصاره لمدة ستة

أشهر

وبعدها صاحوا في الأبواق وكبروا فسقط السور المحيط بالقدس فأخذوا منها الغنائم وقتلوا منهم 12 ألفاً، وانتهى حصارهم

يوم الجمعة

بعد العصر وكان وقت غروب الشمس فدخل عليهم يوم السبت الذي كان فيه شريعة لهم وحينها دعا سيدنا يوشع بن نون عليه السلام الله تعالى أن يحبس له الشمس حتى يتمكن من فتح البلاد.

وذكر ابن كثير أن «يوشع كان الذي خرج ببني إسرائيل من التيه، وقصد بهم بيت المقدس، فقال أهل التاريخ، أنه قطع ببني إسرائيل نهر الأردن وانتهى إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سوراً وأعلاها قصوراً، وأكثرها أهلاً، فحاصرها ستة أشهر، ثم إنهم أحاطوا بها يوماً وضربوا بالقرون (يعني الأبواق) وكبروا تكبيرة رجل واحد، فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة، فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا اثني عشر ألفاً من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكاً كثيرة ويقال إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكاً من ملوك الشام».

كما روى المؤرخون ابن كثير، وابن الأثير في «الكامل»: «المعركة الأخيرة التي بدأت في يوم الجمعة، وأوشك اليهود على تحقيق الانتصار، لكن الشمس قاربت على المغيب، وكان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت، فخشى يوشع بن نون أن يذهب النصر، فنظر يوشع إلى الشمس وقال: (إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علي)، فتوقفت الشمس مكانها، وظلت واقفة إلى أن فتح بيت المقدس ودخله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس)».[4]

حبس الشمس

كان هناك خلاف بين أهل العلم أن حبس الشمس ليوشع بن نون عليه السلام كان في فتح بيت المقدس أم في فتح مدينة الجبارين، وقد رجّح ابن كثير أن ظاهرة حبس الشمس كانت في فتح بيت المقدس لحديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقد روى عنه أبو هريرة إنه قال: “أن الشمسَ لم تُحبَس لبشرٍ إلا ليوشعَ بنِ نونٍ لياليَ سار إلى بيتِ المقدسِ”.

وذكر البخاري ومسلم، في صحيحيهما: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بُضْع امرأة، وهو يريد أن يبني بها ولما يبن، ولا آخر قد بنى بنياناً ولم يرفع سُقفها، ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات وهو ينتظر أولادها)، قال: فغزا فدنا من القرية حين صُلي العصر أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليَّ شيئاً فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا، فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه، فقال فيكم غُلول فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده، فقال فيكم الغلول فليبايعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة، فقال: فيكم الغلول أنتم غللتم. قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال: فوضعوه بالمال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا».[4]

حكم يوشع بن نون

حكم نبي الله يوشع بن نون بني إسرائيل بأحكام التوراة، وهو من قسم بلاد الشام بين بني إسرائيل، كما من الله تعالى عليه ببعض المعجزات كإخراج نهر الأردن له، وحبس الشمس له، وفتح بيت المقدس على يديه، وُلد يوشع بن نون عام 1463 قبل المسيح وتوفي عام 1353 وكان قد بلغ من

العمر

120 سنة.

وفاة يوشع بن نون

وقد تُوفي يوشع عليه السلام بعد وفاة -موسى عليه السلام- عن عمر يناهز سبع وعشرين عام، وهذا ما تم ذكره في كتاب البداية والنهاية لابن كثير حيث قال: “ولما استقرت يد بني إسرائيل على القدس استمروا فيه وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة، فكان مدة حياته بعد موسى سبعا وعشرين سنة”.[3]