معنى العيون التي في طرفها حور

تفسير بيت العيون التي في طرفها حور

هذه سطور من قصيدة “بان الخليط ولو طوعت ما بانا” ألفها جرير بن عطية لأمرأة وقع في حبها وقد صنفها الكثيرون على أنها أفضل خطوط المغازلة التي ألفها على الإطلاق:

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ

قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا

يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ

وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا

حيث جاء معناها كالتالي: حقاً تلك العيون ذات الأبيض النقي يحيط بالأسود النقي وقد استدارت حدقتها لقد قتلنا ولم يعد موتانا إلى الحياة ويُخضعون العقل حتى لا يُبدي أي حركة ومع ذلك فهو أضعف أجزاء

الجسم

التي خلقها الله.[2]

قصة إن العيون التي في طرفها حور


قصة

يقال أنها دارت في مجلس عبد الملك بن مروان بين أعرابي والشعراء الثلاثة جرير والأخطل والفرازدق، حيث يقال: دخل رجل من بني عذرة على عبد الملك بن مروان مؤسس الدولة الأموية يمتدحه بقصيدة،

فقال عبد الملك بن مروان للأعرابي:

هل تعرف أهجى بيت قالته العرب في الإسلام؟

قال: نعم حيث جاء قول جرير:

فغض الطرف إنك من نمير … فلا كعباً بلغت ولا كلاباً

فقال: أحسنت ! فهل تعرف أمدح بيت قيل في الإسلام؟

قال: نعم حيث جاء قول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح

فقال: أصبت وأحسنت ! فهل تعرف أرق بيت قيل في الإسلام؟

قال: نعم حيث جاء قول جرير:

إن العيون التي في طرفها حور … قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

فقال أحسنت ! فهل تعرف جريراً؟

قال: لا والله وإني إلى رؤيته لمشتاق.

قال: فهذا جرير وهذا الفرزدق وهذا الأخطل، فأنشأ الأعرابي يقول:

فحيا الإله أبا حــــــــرزة … وأرغم أنفك يا أخــطل

وجد الفرز دق أتعـس به … ورقَّ خياشيمه الجندل

فقام الفرزدق يقول:

يا أرغم الله أنفاً أنت حــــــــامله … يا ذا الخـنا ومقـال الزور والخطل

ما أنت بالحكم الترضى حكومته … ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

ثم قام الأخطل يقول:

يا شر من حملت ساق على قدم … ما مثل قولك في الأقوام يحتمل

إن الحكومة ليست في أبيك ولا … في معشر أنت منهم إنهم ســفل

فقام جرير مغضباً وقال:

أتشتمان سفاهاً خيركم حسباً … ففيكم -وإلهي – الزور والخطل

شتمتماه على رفعي ووضعكما … لا زلتما في سفال أيها السفل

ثم قام جرير بتقبيل رأس الأعرابي، وقال: يا أمير المؤمنين جائزتي له، وكانت خمسة آلاف، فقال عبد الملك: وله مثلها من مالي، فقام الأعرابي بقبض ذلك المال كله وخرج كما يعتبر بيت “العيون التي في طرفها حور” من قصيدة “بان الخليط ولو طوعت ما بانا” قد ألفها ذلك الشاعر لأمرأة قد وقع في حبها حينها.

من القائل إن العيون التي في طرفها حور

يعتبر جرير بن عطية الخطفي التميمي من

أشهر

الشعراء العرب في العصر الإسلامي المبكر حيث قام بتأليف بعض من أفصح سطور الشعر العربي مما جعله نوعاً من المشاهير في ذلك

الوقت

ومن أجل الترفيه كان العرب يجلسون ويتذكرون الشعر وعندما يتعلق الأمر بأفضل السطور في مدح شخص ما أو إهانة آخر أو التباهي بالمهارة أو النسب كان جرير دائماً من بين أفضل الشعراء.

كان جرير بن عطية شاعراً وهجائياً عربياً حيث ولد في عهد الخليفة عثمان وكان من قبيلة بني تميم وكان من مواليد اليمامة لكنه قضى بعض الوقت في دمشق في بلاط الخلفاء الأمويين ولا يُعرف سوى القليل عن بدايات حياته لكنه نجح في كسب تأييد الحجاج بن يوسف أمير العراق.

اشتهر بالفعل بشعره وأصبح معروفاً على نطاق واسع بسبب عداءه مع الشعراء المنافسين فرازدق وأختال وبعد ذلك ذهب إلى دمشق وزار بلاط الخليفة عبد الملك وخليفته الوليد الأول ومع ذلك كان أكثر نجاحاً مع عمر الثاني وكان الشاعر الوحيد الذي استقبله الخليفة التقي، إن شعره مثل شعر معاصريه هو إلى حد كبير هجاء وتأبين.[1][3]

تحليل قصيدة بان الخليط

ارتبط شعر جرير بحياة البادية فجارى شعراء الجاهلية في غزله ونسيبه وقد امتزج شعره بأسلوب الغزل العذري الذي ينقل السامع إلى دواخل النفس فيصور لنا لوعته وآلمه وحرمانه من أحبابه موضحاً أثر الفراق فيه ويستجلب ذكريات السعادة قبل الفراق ويتمنى عودة تلك الأيام رغم علمه باستحالة ذلك.


  • البيت الأول:

    في مطلع تلك القصيدة يقول الشاعر محلا الحبيب وفارقني وإذا كان الأمر بيدي لمنعت فراقه وقطعت حبل الود بيني وبينه.

  • البيت الثاني:

    يقول: “حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلاً بِالدارِ داراً وَلا الجيرانِ جيرانا” أي يا راحل صوب رحال الأحبة اقرأها السلام فما نرتضي غيرها دياراً ولا غير أهلها جيران نساكنهم.

  • البيت الثالث:

    انظر إلى حالي وأنا آسير على خطى الهوادج التي حملت أحبتي وقد استبد بي

    الحزن

    والخوف والحيرة حتى تزلزل كياني ثم يلتفت إلى حبيبته في البيت الرابع.

  • البيت الرابع:

    ليتك تشعرين بالمعاناة وعذابي في غيابك وتعرفين كم أضرع إلى الله شاكياً بينه الفراق ويكمل استعطاف حبيبته وإثارة شفقتها في البيت الخامس.

  • البيت الخامس:

    وكأني ربان سفينة أوشكت سفينته على الغرق فاجتهد في الدعاء والبكاء سراً وعلناً لعل الله يستجيب لدعائه ويرحم ضعفه.

  • البيت السادس:

    فيدعو قائلاً فلا حلت بركة الله ولا نزلت على هذه الدنيا إذا استمر فراقنا وتباعدنا.

  • البيت السابع:

    لم يستطع الزمن أن يقطع حبل ودي معكم ولا أن ينسيني هذا العهد والوفاء والإخلاص لهم.

  • البيت الثامن:

    وكم أعجب لهذا الليل الذي لا ينتهي وكأن نجومه ثابتة لا تتزحزح بسبب آرقه وحزنه المستمر.

  • البيت التاسع:

    لقد أصابك العيون الحور الفاتنة منا مقتلاً بنظرة منها ولكنها لم ترجع لنا الروح بالبقاء والوصال.

  • البيت العاشر:

    ما أعجب هذه العيون الواسعة الجميلة تسيطر على العقول وتترك من يراها صريعاً لا حول له ولا قوة حتى إذا كان عاقل العقلاء رغم كونها أضعف ما خلق الله على هذا الأرض.

  • البيت الحادي عشر:

    أن بيت الريان الذي تسكنه المحبوبة من أحب المساكن إلى قلبي لأجل تلك المحبوبة.

  • البيت الثاني عشر:

    وما أحب نسمات عليلة تأتي من جهة اليمن من جهة جبل الريان تحديداً الذي تسكنه المحبوبة.

معاني المفردات في قصيدة بان الخليط


الأفعال:


  • بان:

    فصل أو قطع أو رحل.

  • حي:

    الق التحية وهي فعل أمر.

  • تعزّ:

    تصبرّ.

  • حبذا:


    حب

    فعل جامد بمعنى نعم للاستحسان فاعله”ذا”.

  • مالت سفينته:

    اضطربت وكادت تغرق.

  • لان:

    رق أو حن أو سهل أو انقاد.


الأسماء:


  • الخليط:

    الشريك والصاحب.

  • قران:

    جمع “قرن” هو حبل يربط به البعير.

  • صرماً:

    هجراناً وقطيعة.

  • الأظعان:

    جمع “ظعينة” وهي المرأة في الهودج أو الناقة التي تحمل النساء.

  • طرب:

    خفة أو هزة تصيب النفس لفرح أو حزن.

  • الحور:

    شدة بياض العين وسوادها المذكر “أحور” والمؤنث “حوراء”.

  • اللبّ:

    العقل ومنه قوله تعالى” يأولى الألباب”.


الصفات:


  • حيران:

    مضطرب ومتررد وهي صفة مشبهة.

  • محزان:

    شديد الحزن “صيغة مبالغة”.

  • طعّان:

    كثر الطعن “صيغة مبالغة”.

  • مروعّ:

    خائف أو مُلهم “اسم مفعول وزنه مفعل”.[2]