فضل تكرار آية: ولسوف يعطيك ربك فترضى

تفسير آية (ولسوف يعطيك ربك فترضى)

أخبر الله تعالى نبينا سيدنا محمد ﷺ أنه سيمنحه مقامًا يرضى عنه، وهو مقام الشفاعة لأمته يوم القيامة، فمنهم من يدخلهم الجنة مباشرة بشفاعته بإذن الله، ومنهم من يشفع لهم ويخرجهم من النار بأمر الله.

قال صلى الله عليه وسلم: ((فأذهب إلى ربي، فإذا رأيته خررت له ساجدا، فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي، لا أحسنها الآن فيقول لي: أي محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع وسل تعطه، واشفع تشفع، قال: فأقول: رب أمتي أمتي، فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة)).

وقد خص الله الرسول أيضًا بالشفاعة لعمه الذي رباه أبي طالب أن يخفف الله عنه العذاب، لكنه يبقى خالدًا في النار لأنه لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

فضل تكرار ولسوف يعطيك ربك فترضى من أجل الرزق

لهذه الآتية قدرة على تبديل الإنسان من حال إلى حال، فمن قعر الضيق إلى أوسع الطريق، فقد أنزلها الله حتى يشفي صدر نبيه من حزنه، ويبشره بالمكانة التي سيعطيها إياه، ومن أفضالها المجربة:

  • إزالة الهم والحزن والاكتئاب، فلا خير من كتاب الله كشفاء للصدور وهدى ورحمة للمؤمتين، والآية تحمل معاني إرضاء الله لعبده، فيكررها الشخص بنية أن يرضيه الله كما أرضه نبيه في حزنه، وبإذن الله تجاب دعوته، لكن لا دليل على ذلك من السنة.
  • توسيع الرزق، حيث يرى البعض أن تكرار تلك الآية بمثابة دعاء لله تعالى بأن يوزع رزقه لكن لا يوجد دليل على ذلك في السنة النبوية وسير الصحابة.
  • تيسير الزواج وهو أحد الفضائل التي ذكرها بعض الناس عن تجربة، لكن لا دليل عليه عند العلماء.
  • علاج العقم، وهو أيضًا أمر لا دليل عليه، وبوجه عام لا يجوز تكرار أي آية للشفاء بدون أن يكون لها سند من السنة النبوية وإلا كان ذلك ابتداع في الدين، لكن القرآن بوجه عام فيه شفاء لمن قرأه بخشوع ويقين، لقوله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).

جواز قول ولسوف يعطيك ربك فترضى

عادة ما يذكر الناس لبعضهم في الرسائل أو بالكلام قول الله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) لكنها ليست لكل الناس على العموم ، بل إن الله هز وجل احتص بها نبيه دون باقي أمته،  لكن يمكن قولها للغير كنوع من الاقتباس من كتاب الله عز وجل وهو أمر لا يوجد فيه حرج بإجماع العلماء، والله تعالى أعلى وأعلم.

أسباب نزول سورة الضحى

انقطع الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم مدة طويلة، وصلت إلى ستة أشهر، وهو ابتلاء  من الله، حتى أن المشركين قالوا أن رب محمد قد هجره، وقالوا أيضًا  ” ودعك ربك وقلاك ” أي نسيك، فنزلت سورة الضحى بردًا وسلامًا عليه صلوات الله وسلامه، في

الوقت

الذي كان فيه يشعر بالحزن والتقصير، فجاءه الوحى بكلام الله تعالى الذي منحه الهدوء والطمأنينة.

قال الله تعالى:

” وَالضُّحَى ● وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ● مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ● وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى ● وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ● أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ● وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ● وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى ● فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ● وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ● وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ “

تأملات في سورة الضحى وآية ولسوف يعطيك ربك فترضى

  • (والضحى والليل إذا سجى)

هي رسالة من الله ألا ييأس الإنسان من رحمة ربه، فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، أما المؤمن فيعرف أن بعد الليل نور، وستشرق الشمس كل يوم، وسيفرج الله عنه، كما فرج على نبيه محمد.

  • (ما ودعك ربك وما قلى)

لن ينساك الله أيها المؤمن، كما لم ينس نبيه، مهما وقع لك من ابتلاءات واختبارات، فلا يضل الله ولا ينسى، وسوف يفرج الله عنك، مهما بدا الفرج بعيدًا وصعبًا، ولكن عليك أم تتحلى بالصبر، حتى تنجح في الاختبار بإذن الله

  • (وللآخرة خير لك من الأولى)

فالآخرة هي خير وأبقى، سوف يجزل الله فيها العطاء لنبيه، والأمر كذلك للعبد المؤمن، فبهد شقاء الدنيا وتعبها، وسعى الإنسان من أجل لقمة العيش، ومعاناة الإنسان من الحر والبرد والأمراض وغيرها من متاعب هذه الحياة القصيرة، وجسد الإنسان الفاني فيها، سوف يجد سعادته في الجنة، حيث النعيم الأبدي، لا برد ولا حر ولا ظمأ ولا جوع ولا مرض ولا موت، لا يسمع فيها إلا سلامًا، ولا يصيبه هم ولا حزن.

  • (ولسوف يعطيك ربك فترضى)

وهي بالرغم من كونها آية خاصة بالنبي وبمقام الشفاعة الذي سيرضيه به الله في الآخرة، لكن الله سيرضي كل عباده الصالحين في الآخرة بأن يغفر لهم ويدخلهم الجنة، وفي الآية بشارة لكل لأمة محمد بشفاعة النبي لهم، حتى من ارتكبوا كبائر تدخلهم جهنم والعياذ بالله، فسيشفع لهم النبي ويدخلون الجنة بعدها.

  • (ألم يجدك يتيما فأوى، ووجد ضالا فهدى)

يذكر الله عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلك بنعمته عليه، إذ أن كان يتيمًا بعد وفاة أبيه فسخر له  جده ثم عمه، وعلمه الكتاب والحكمة، وهكذا يجب على كل مؤمن أن يتذكر نعمة الله عليه، فهو الذي خلقنا وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة، فيجب أن نكون من الشاكرين الذاكرين الشاكرين، وليس من الغافلين، وأن نحمد الله رب العالمين.

  • (ووجدك عائلًا فأغنى)

أي كان النبي فقيرًا لديه عيال يعولهم، فرزقه الله، وعلينا أن نتذكر أن الله هو من يهبنا الرزق لأولادنا، وأن من أراد سعة الرزق، فعليه أن يستغفر الله كثيرًا فقد قال تعالى (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) فالاستغفار سبب للرزق من المال والبنين والزرع.

  • (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)

يذكر الله النبي بالعطف على اليتيم، فهو نفسه كان يتيمًا وآواه الله، ولو كان الخطاب للنبي، فالأمر بالعطف على اليتيم هو لعموم الأمة، فعن أبي أمامة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وفرَّق بين أصبعيه السبابة والوسطى”.

  • (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)

فكما علم الله نبيه الإيمان، ورزقه الوحي بالقرآن، وكان ضالًا فهداه الله، فعليه أن يعامل بلطف الجهال الذين لا يعلمون، وقد أتوا يسألونه عن دين الله، وهكذا كل مؤمن يجب ألا يتكبر عن من يسأل عن دين

الإسلام

من غير التابعين لملة الإيمان، وأن يوضح لهم ما لا يفهمونه، لعل الله يهديهم وينير بصيرتهم.

  • (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)

فلقد رزق الله النبي نعمة النبوة والوحى، والله طلب منه أن يتحدث بها للناس ويعلمهم ما لم يعلموا، ويقال أنها لما نزلت تحدث الرسول عن نزولالوحي عليه وفرض الصلاة الذي فرضه الله عليه وعلى المؤمنين بعدها،  ويجب على العبد المؤمن أن يشكر الله، ويحدث بنعمه عليه وأن يشكر من أدى إليه صنيعًا من الناس  فعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا يشكر الله من لا يشكر الناس ” [1]