من هم الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة ؟ ” ولماذا
حديث الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة
إن من عظمة هذا الدين، ومن رقي هذا التشريع، أن يحدث أهله، ومن أمن به عن ما يجب عليهم، وما يمتنع، أن يطمئنهم بأحوال وصفات أهل الجنة و يرغبهم فيها، ودلهم على من يحرمون منها، وصفاتهم.
كل ذلك ليتجنبوا الوقوع في هذا، فلا يكون لأحد حجة عند الحساب، وقد وردت أحاديث كثيرة ومتعددة في من يدخل الجنة، ومن يدخل النار، وصفاتهم، وأسباب الدخول، ومن بين ذلك ورد حديث هو محل هذا التوضيح الآن، استجابة لسؤال من هم الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة ؟ ” ولماذا، وما سبب عدم دخولهم، وفي التالي تتضح الأسباب، التي تمنع بعض الناس من دخول الجنة بحسب حديث للنبي، والحديث هو
ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ ، والمرأةُ المترجِّلةُ ، والدَّيُّوثُ ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ ، والمدمِنُ على الخمرِ ، والمنَّانُ بما أعطى، الراوي عبدالله بن عمر المحدث الألباني المصدر صحيح النسائي الصفحة أو الرقم: 2561 خلاصة حكم المحدث حسن صحيح التخريج أخرجه النسائي (2562) واللفظ له، وأحمد (6180).
كما تبين من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فإن هناك ثلاثة من أصناف الناس لا يدخلون الجنة، وثلاثة منهم لا ينظر الله عز وجل لهم يوم القيامة، أما الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة فهم على الترتيب التالي: [1]
عقوق الوالدين
نقل ثابتاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور متفق على صحته.
إذا يتضح من الحديث الأول الذي يتحدث عن من لا يدخلون الجنة، ومنهم أو أولهم عاق والديه، وتكمل باقي الأحاديث وتؤكد على المعنى وخطورته، أن عقوق الوالدين حرام على المسلمين، ثم يأتي سؤال آخر يؤكد على نفس المعنى، وهو أنه من أكبر الكبائر.
بل إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل عقوق الوالدين قرينة من القرائن مع الشرك بالله، وجعلها في الترتيب الثانية دليل على خطورة الأمر وعظمته، مع وجود كثير من الأحاديث التي تؤكد على
معنى
وأهمية بر الوالدين والحث عليهما مع خطورة العقوق.
وقد وردت الأيات التي تتحدث عن عقوق الوالدين قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24]
ويكون عقوق الوالدين بأوجه وأشكال كثيرة ومتعددة، فقد قال أحد التابعين لو أن والديك يفكران قبل مصارحتك بأمر خشبة رد فعلك، فأنت بهم عاق، والقرآن تحدث عن قول أف وهي أصغر كلمة ولا تحتوي سوى على حرفين، ولا تحتاج لمجهود يبذل فعي محرد هواء، ورغم ذلك نهى الله عباده المؤمنين عن قولها لآبائهم.
ويظهر لكل عقل سليم ما يقدمه الآباء والأمهات من أجل أبنائهم، وهو ما لا يعد ولا يحصى، ويستحق التقدير، والرحمة، والتوصية بهما من الله تعالى، بداية من الأم التي حملت رغم ضعفها، تسعة
أشهر
حمل مستمر مع نومها، وحركتها، إنسان آخر، ثم تلد بمشقة وعذاب.
حتى مع أحدث ما توصل له العلم لا زالت الولادة أمر ليس باليسير، ثم تبقى الأم لتربي وتعلم، وتعتني سنوات الطفل الأولى، ثم ما أن يبدأ بالاعتماد على نفسه، تستكمل رحلتها معه حتى موتها، وكذلك
الاب
الذي ينفق، ويكد ويتعب من أجل توفير الحياة الكريمة لهذا الأبن الذي يتغذى لحمه، وجسده من شقاء هذا الأب، فأي إنسان سوي يجب عليه الاعتراف بفضلهما وخيرهما والبر لهما في حياتهما وبعد مماتهما.
المدمن على الخمر
إن شرب الخمر مفسدة للروح والعقل والبدن، والله سبحانه وتعالى ما حرم على بني آدم أمر إلا كان له حكمه، والحكمة إما تكون جليه واضحة لكل عين وإما تكون خفية عن الناس، وإما تكن ما منها خفي وجلي مجتمعان.
ولا يوجد عاقل لا يعلم مضار الخمر وخطر الإدمان عليها، وكيف أنها تذهب مروءة الشخص، فقد لا يفرق في حالات
السكر
بين زوجته، وابنته، ويذهب ماله على إدمانها، وتذهب صحته، والكثير عن ذلك الأمر وقد قال الله سبحانه وتعالى
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90
وكان الخمر قديماً واحدة من عادات العرب للسيئة، إلى الدرجة التي كان يوصف عدم شاربها بحسن الخلق، لما تتسبب فيه من فساد في الدين، والدنيا، وكم من الجرائم التي ترتكب في ظل تعاطيها، والأيات في ذلك منها ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) سورة المائدة أية 91.
والناظر إلى أحوال الغرب يعلم أن أغلب هذا
العالم
المتحضر لا تقوم فيه الجريمة، ولا تشاع إلا وهو تحت تأثير تلك المواد، سواء كانت الخمور أو المخدرات، وكلها مواد تهلك البدن محرمة في الدين، ويكفي أن يحرم الله الصلاة على شارب الخمر خشية أن يقول فيها ما لا يعلم، والصلاة فرض لا يسقط، ولكنها لا تصح مع الخمر، دليل على سوء حالة ذلك الشخص، الذي ربما تورثه الجنون، وذهاب العقل. [2]
المنان بما أعطى
قد جعل الله واحد ممن لا يدخلون الجنة، المنان بما أعطى أي من يعطي أو يمنح غيره، او يتصدق على غيره، ثم يمن على من أعطاه ، أي أنه يعد النعم لتي أعطاها، وقدمها على المنعم، وقد ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، في شأن المن في صحيح مسلم من حديث أبي ذر: ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يومَ القيامة: المنَّان: الذي لا يعطي شيئًا إلا مَنَّهُ، والمنفق سِلعتَه بالحلفِ، والمسبل إزاره.
فإذا كان ما يقدمه الشخص يعد صدقة، فإنه يحول أجره من مضاعفة الأجر جزاء من الله سبحانه وتعالى، وكيف تعتق رقاب الناس من النار ليحول صاحبها بسبب المن إلى عقاب له بالمنع من دخول الجنة، وفي الحديث الآخر بالحرمان من كلام الله له.
فهي بذلك تبطل الصدقات قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾.[17]
والمن أذى لنفس الناس، سواء كان المن موجه إلى أهل البيت بكثرة تعداد الخير المقدم لهم، أو المن المقدم إلى الفقير المحتاج، وهو ما يتركه في نفسه شعور الذل والحسرة، والهوان، والمن معناه الامتلاك والقدرة، والقوة من هذا الشخص المنان، وهو ما يتنافى مع الذل والخضوع لله، والاعتراف أن كل شيء بيد الله وأن الإنسان لا يملك شيء، وأن الخير من عند الله، وتنافي هذا المعنى، أو غيابه مع الخضوع لله، يورث الكبر، والعجب والفخر المذمومين في الإسلام، كما أنه منازعة لله في صفاته وأسماؤه الحسنى المنان
ويتضح من ذلك أن من هم الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة ؟ هم عاق والديه ومدمن الخمر، والمنان، ولماذا فلأن عاق والديه لا يستحق الجنة وهو لم يؤدي حق والديه، بل زادهم أذى العقوق، ومدمن الخمر فاقد المروءة مهدر أنعم الله عليه، لا يستحق نعمة الله الغالية وهي الجنة، وأما المنان الذي ظن أن عطاؤه عظيم ونسي عظمة خالقه الذي أنعم عليه بما يمن لا يستحق المنة الكبرى من الله وهي دخول الجنة. [3]