صفات الشخصية الضحية .. وكيف تتعامل معها ؟ “
يصف مصطلح “متلازمة الضحية” أو “عقلية الضحية” سمة شخصية للأشخاص الذين يعتقدون أنهم دائمًا ضحايا الأفعال الضارة للآخرين ، حتى عندما يتم إخبارهم بالأدلة القاطعة أن اعتقادهم خالي تمامًا من الصحة، وفي الواقع فإن معظم الناس يمرون بفترات طبيعية من الشفقة على الذات كجزء من عملية الحزن، وفي الواقع فإن الشعور بالجرح والأذى من وقت لآخر هو مؤشر صحي على أننا نقدر ذاتنا.[1]
ومع ذلك ، فإن هذه الشعور ينتهي بسرعة وفي فترة صغيرة مقارنة بالمشاعر الدائمة التي تنمو داخل إنسان ما وتجعله دائمًا يشعر بالعجز والتشاؤم والذنب واليأس والاكتئاب، وهذه المشاعر تستهلك حياة الشخص الذي يعاني من عقدة الضحية، فهو يشعر دائمًا أنه ضحية للظروف ، وأن العالم يعامله بشكل غير عادل، وللأسف فإنه من الشائع أن يقع الأشخاص الذين تعرضوا لعلاقات مسيئة أو إيذاء جسدي في فترة ما من حياتهم كفريسة لعقلية الشخصية الضحية.
ما هي الشخصية الضحية وعقدة الشهيد
أحيانًا ما يقترن مصطلح “عقدة الشهيد” بمصطلح الشخصية الضحية ، وهو يصف السمات الشخصية للأشخاص الذين يرغبون في الواقع في الشعور بأنهم ضحية بشكل متكرر، ويسعى هؤلاء الأشخاص أحيانًا ، بل يشجعون ، أن يتم إيذاءهم من الآخرين وذلك من أجل إشباع حاجة نفسية داخلهم أو كذريعة لتجنب المسؤولية الشخصية، والأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بعقدة الشهيد غالبًا ما يضعون أنفسهم عن قصد في مواقف أو علاقات من المرجح أن تسبب لهم المعاناة، و ترتبط عقدة الشهيد أحيانًا باضطراب الشخصية المسمى “الماسوشية” ، والتي تصف تفضيل المعاناة والسعي وراءها، وغالبًا ما يرفض الأشخاص المصابون بعقدة الشهيد.
صفات الشخصية الضحية
تعتمد سيكولوجية دور الضحية على ثلاثة معتقدات رئيسية:
- الأشياء السيئة تحدث وتستمر في الحدوث.
- يلقي اللوم على الأشخاص أو الظروف الأخرى.
- ستفشل أي جهود لإحداث التغيير ، لذلك لا جدوى من المحاولة.
ومن أهم سمات الشخصية الضحية مايلي:
تجنب المسئولية دائمًا
وتجنب المسئولية يشمل عدة أمور منها، إلقاء اللوم دائمًا في مكان أخر، واختلاق أعذار دائمًا لأي خطأ يحدث، والرد على أي عقبة من عقبات الحياة ب” هذا ليس خطأي”.
إن الأشياء السيئة تحدث لنا جميعًا وليس بالضرورة أن يكون الشخص سيء حتى يحدث له أمر سيء فهذه الأمور تحدث لكل البشر الصالح والطالح، لكن الأشخاص الذين يعيشون دور الضحية يواجهون صعوبة في فهم هذا ويعتقدون دائمًا أن العالم يريد التخلص منهم.
عدم البحث عن حلول ممكنة لمشاكلهم
ليست كل المواقف السلبية لا يمكن السيطرة عليها تمامًا ، حتى لو بدت مستحيلة الحل في البداية، في كثير من الأحيان ، هناك على الأقل بعض الإجراءات الصغيرة التي يمكن أن تؤدي إلى التحسين، لكن الأشخاص الذين يعيشون دور الضحية يرفضون إجراء هذا التغيير ويرفضون أي عروض للمساعدة، فهم مهتمون فقط بالشعور بالظلم والأسف على أنفسهم.
الشعور بالعجز
يعتقد الكثير من الأشخاص الذين يشعرون بأنهم ضحية أنهم يفتقرون إلى القوة لتغيير وضعهم، ويعتقدون في داخلهم أنهم لا يستمتعون بالشعور بالاكتئاب ويحبون أن تسير الأمور على ما يرام، لكن الحياة هي التي تستمر في وضعهم في المواقف الصعبة وإلقاء المشاكل والهموم عليهم ومن وجهة نظرهم لا يمكنهم فعل أي شيء للنجاح أو للهروب مما هم فيه.
الحديث السلبي عن النفس والتخريب الذاتي
قد يضفي الأشخاص الذين يعيشون مع عقلية الضحية صفة شخصية على التحديات التي يواجهونهنها، حتى لو كانت تحديات عامة يمكن أن تواجه أي إنسان،و يمكن أن يساهم الشعور بأنهم ضحية في معتقدات مثل:
- كل شيء سيء يحدث لي.
- لا يمكنني فعل أي شيء حيال ذلك ، فلماذا أحاول؟
- أنا أستحق الأشياء السيئة التي تحدث لي.
- لا احد يهتم بي.
قد يفكر الشخص الذي يعاني من عقدة الضحية أيضًا في أشياء مثل ، “أنا لست ذكيًا بما يكفي للحصول على وظيفة أفضل” أو “أنا لست موهوبًا بما يكفي للنجاح”، وقد يمنعهم هذا المنظور من محاولة تطوير مهاراتهم أو تحديد نقاط القوة والقدرات الجديدة التي يمكن أن تساعدهم في تحقيق أهدافهم.
الإحباط والاستياء من الآخرين
قد يشعر الأشخاص الذين لديهم هذه العقلية بأنهم محبطون وغاضبون من العالم الذي يقف ضدهم
وأن ظروفهم لا تتغير لن تتغير أبدًا، ويتألمون عندما يعتقدون أن أحبائهم لا يهتمون بمعاناتهم المعتقدة،كما أنهم يمكن أن يكونوا مستاءين من الناس الذين يبدون سعداء وناجحين في حياتهم، وقد تتفاقم تلك المشاعر وتتفاقم داخلهم بمرور
الوقت
، قد تساهم هذه المشاعر في:
- مرورهم بنوبات غضب.
- شعورهم المستمر بالكآبة والعزلة.
- الشعور المستمر بالوحدة حتى مع وجود أشخاص كثيرين من حولهم.
أسباب متلازمة الضحية
قد يبدو للأشخاص العاديين أن الشخص الذي يعيش دور الضحية هو شخص يهوى أن يعيش دور الضحية وهو يتبنى تلك الشخصية من تلقاء نفسه، لكن الحقيقة أن معظم الأشخاص الذين يعانون من تلك المشكلة لديهم أسباب دفعتهم لذلك، وغالبًا فإنهم قد تعرضوا لإيذاء حقيقي في الماضي، وليس كل الأشخاص يمكنهم التعامل مع الشدائد بنفس الطريقة، لذلك قد يسيطر الألم العاطفي على إنسان ويجعله يشعر بالعجز التام طوال حياته، ومن الأسباب التي تدفع الإنسان للعيش في دور الضحية:
- الخيانة: حيث أن خيانة الثقة وخاصة الخيانات المتكررة تجعل الناس يشعرون بأنهم ضحايا.
- الاعتماد: قد تتطور تلك الشخصية جنبًا إلى جنب مع سمات الشخصية الاعتمادية، فقد يضحي الشخص الاعتمادي بأهدافه لإرضاء شريكة وفي المقابل تتطور لديه مشاعر مثل الإحباط والاستياء التي تميز عقلية الضحية.[2]
التعامل مع الشخصية الضحية
قد يكون من الصعب التعامل مع شخص يرى نفسه ضحية دائمًا، فهو شخص يرفض تحمل أي مسئولية، أو يتحمل نتيجة خطأه ويلوم الأخرين دائمًا، ومن أهم المشاكل التي قد تواجهها عندما تتعامل مع الشخص الذي يعيش دور الضحية هو أنك ستكون متهم أمامه دائمًا بأنك مسئول عن مشاكله، وخاصة إذا كنتما مسئولان معًا في نفس الموقف لكن اللوم كله سيقع عليك لأنه لن يعترف أبدًا بمسئوليته، ومن أفضل الطرق التي يمكن أن تتعامل بها مع تلك الشخصية، هو وضع حدود في التعامل حتى لا تكون دائمًا محل لوم.
لكن مع ذلك لايزال من الممكن أن تحاول مساعدتهم إذا كان هذا الشخص عزيز عليك وترغب بالفعل في مساعدته، لكن عرض حلول مباشرة غالبًا لن يساعد في التعامل مع تلك الشخصية، ولذلك يمكن عرض المساعدة في ثلاثة خطوات، وتشمل:
- اعترف أمامه أنه لا يستطيع فعل أي شيء حيال الموقف (وهذا هو الاعتقاد الراسخ داخل الشخصية الضحية).
- اسأله عما ينوي فعله إذا كان عليه أن يفعل شيئًا ما.
- ثم ساعده من خلال على تبادل بعض الأفكار حول الطرق الممكنة لتحقيق هدفه أو للخروج من الأزمة.
ومن النصائح التي يجب أن تتبعها عند التعامل مع الشخصية الضحية:
- لا تحاول الاقتراب منهم من موقع التفوق.
- تأكد من أنهم ليسوا ضحية بالفعل.
- لا تحاول أن تجادله بالمنطق، وتذكر أنك تتعامل مع شخص لديه عقلية غير صحية.
- حاول دائمًا أن تبرز جوانب القوة لديه، وتذكره بها وتمدحها، فالشخصية الضحية تعتقد أنها تفتقر للدعم، فكن داعم لهم.
- عندما تظهر الضحية أخيرًا بعض الالتزام بإيجاد حل، حاول أن تتمتع بالمثابرة الكافية لتغيير نمط تفكيره السيئ.
- حاول أن تقدم له الدعم المستمر، لأن ذلك سيزيد فرص مساعدته في الخروج من دور الضحية.[3]