مرض الشخصية المثالية
المثالية
نطمح دائمًا نحو المثالية، الحصول على الوظيفة المثالية، الراتب المثالي، الشريك المثالي، ولكن هل هناك ما يمسى بالمثالية في الأساس، هل هي حقيقة أم أنه سعي وراء هباء منثور، هل بالفعل أن تكون شخصًا مثاليًا لا يشوبك أي نقص هو الأفضل، أم أن تعيش حقيقتك كونك إنسان بك من النواقص هو الأفضل؟ هل المثالية هو الهدف المنشود، أم الوصول إلى الأفضل بالنسبة لك هو الأصح، في ذلك المقال سنتعرف على طبيعة الشخصية المثالية، وهل يعد مرض نفسي أم ما حقيقته؟
الشخصية المثالية
يمكن تعريف الشخصية المثالية بأنها الشخص الكامل، التي لا تحتوى على أي عيوب أو نواقص في طبيعة حياته، ويسعى دائمًا الشخص المثالي نحو الكمال في كل أمور حياته، وأنه شخص على صواب في كل الأحوال، ولا يوجد احتمالية الخطأ في قراراته أو تصرفاته وسلوكياته، ولكن هل يمثل الشخص المثالي إنسانًا حقيقًا، أم أنه أصبح مجرد إنسان آلي يمشي وراء فكرة واحدة ألا وهي المثالية؟
السعي وراء الكمال أمر طبيعي إذا كان بالمعدل الطبيعى ويتضمن فكرة وجود أخطاء، لأن طبيعتنا البشرية من تكوينها أن بنا نواقص، ووارد أن نُخطىء، ومن ثم نسعى لتصحيح أخطاؤنا، والتعلم منها، لكن أن نحيا كالآلهة، وأن تكون طبيعتنا مثالية فقط، إنه حقًا لأمر غير مثالي أو حقيقي، والمثالية مجرد خدعة ننساق وراءها لإشباع رغبتنا في الكمال. [1]
ما هي الشخصية المثالية في علم النفس
الكمال في إطار علم النفس، هو أسلوب الشخصية التى تهتم بالسعي نحو الكمال، ويصاحب ذلك الشخص تقييمات ذاتية نقدية ومخاوف بشأن تقييمات الآخرين له، يدفع الكمال الناس إلى الاهتمام بتحقيق مُثُل غير قابلة للتحقيق أو أهداف غير واقعية ، مما يؤدي إلى العديد من مشاكل التكيف وأمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب وتدني احترام الذات والأفكار والميول الانتحارية ومجموعة أخرى من المشاكل النفسية والجسدية. وتظهر الدراسات الحديثة نسبة الميول إلى الكمال ترتفع بين الأجيال الحديثة.
ويجتهد الكماليون بصورة قهرية غير واعية دون توقف نحو أهداف غير قابلة للتحقيق، ويقيسون تقديرهم لذاتهم من خلال الإنتاجية والإنجاز، يعيشون في بيئة من الضغط النفسي لتحقيق أهدافهم غير واقعية، والنتيجة أنهم يتعرضون لحالة من خيبة الأمل، يميل الكماليون إلى أن يكونوا منتقدين قاسيين لأنفسهم عندما يفشلون في تلبية توقعاتهم وأهدافهم المثالية.
الكمالية وأنواعها
هناك نوعين متناقضين من الكمال، حيث يمكن تصنيف الناس من حيث ميلهم نحو الكمال الطبيعي أو الكمال العصبي، بينما يميل الكماليون العاديون أكثر إلى السعي لتحقيق الكمال دون المساومة على تقديرهم لذاتهم، بل ويستمدون المتعة من جهودهم، يأتي الكماليون العصابيون (وهو مرض نفسي) في ميلهم نحو السعي لتحقيق أهداف غير واقعية ويشعرون بعدم الرضا عندما لا يستطيعون الوصول إليها، أو يمكن تسميتهم الكمالية الإيجابية والكمالية السلبية، أو الكمال التكيفي، والكمال غير التكيفي، وبالرغم من وجود نزعة الكمال العامة لدى البشر، التي تؤثر بدورها على جميع مجالات الحياة ، إلا أن هناك بعض الباحثين يؤكدون أن مستويات الكمال تختلف اختلافًا جذريًا في المجالات المختلفة (مثل العمل والمدرسة والرياضة والعلاقات الشخصية والحياة الأسرية).
أعراض المثالية
من المؤكد أن الرغبة في التميز والنجاح أمر صحي للغاية، لكن في المقابل الرغبة المندفعة في بلوغ الكمال والمثالية نحو النجاح يؤدي بدوره إلى العديد من المشكلات والاضطرابات النفسية، وهناك بعض الأعراض الشائعة لمرض الشخصية المثالية التى ربما تتطلب الخضوع للعلاج النفسي، وهي كالآتي:
- الهوس بالقوائم والمهام، وعلى النقيض اللامبالاة نهائيًا.
- الشعور بالفشل واليأس بالرغم من تحقيق نتائج إيجابية.
- المماطلة والانتظار قبل البدء في العمل، هن يخاف الشخص من البدء في أي من المهام اعتقادًا منه أنه لن يستطيع إنحازها على أكمل وجه.
- الضغط النفسي المستمر، وصعوبة الحصول على قسط من الراحة أو الاسترخاء.
- تقييد العلاقات الشخصية والمهنية وجعلها في إطار معقد للغاية.
علاج المثالية
تتجنب الشخصية المثالية الحديث عن مشاكلها الشخصية ولا تعترف بها، مما يجعل العلاج صعبًا للغاية، وعدم العلاج يؤدي إلى تفاقم بعض المشكلات التى تصاحب الشخصية المثالية من قبيل عد الشعر بالرضا والإحباط الذى يصل في أحيان كثيرة إلى حد الانتحار أو إيذاء النفس.
في العادة أفضل علاج لمريض الشخصية المثالية هو العلاج النفسي السلوكي المعرفي، الذى يساعد المريض على تغيير أفكاره ومعتقداته وبالتالي سلوكه، كما يرشده الطبيب المعالج إلى كيفية التعامل مع الأهداف والإنجازات بطريقة صحية جديدة، كما يلبي ذلك النمط المعرفي السلوكي من العلاج حاجات المريض النفسية من القبول، بالإضافة إلى مساعدته كيف يتعامل مع ردود الأفعال السلبية والمحبطة من قبل الآخربن وعدم الاكتراث بها.
كيف تتجنب المثالية
هناك بعض الخطوات البسيطة التى لابد من اتباعها من أجل عدم الوقوع في فخ المثالية والكمال، وتعتبر تلك الخطوات أحد أنماط العلاج الذاتي لـ
مرض السعي للكمال
بجانب المتابعة مع المعالج النفسي، وتلك الخطوات تتمثل في الآتي:
- الاعتراف بأن ارتكاب الأخطاء أمر طبيعي، بل ومن ضمن تكوين البشر.
- الإدراك بأن الأخطاء هي فرصة جديدة للتعلم.
- البدء في وضع أهداف جديدة أكثر واقعية ومنطقية قابلة للتنفيذ.
- وضع أهداف صغيرة والبدء فيها والانتهاء منها أولًا، ثم وضع أهداف أخرى.
- تقسيم المهام والأهداف الكبيرة إلى نقاط صغيرة سهلة التحقيق.
- التركيز على مهمة واحدة كل مرة.
صفات الشخص المثالي
لابد أن يكون للرجل المثالي صفات مختلفة عن الآخرين يتميز بها دونًا عن غيره من الأشخاص العاديين، وهناك نوعين من أنواع صفات الشخصية المثالية، حيث هناك صفات صحية وأخرى غير صحية، نستعرض أولًا الصفات الصحية للشخصية المثالية، وهي كالتالي:
صفات الشخصية المثالية الصحية
الصراحة
يتسم الشخص المثالي بأنه شخص صريح صراحة مطلقة، ولايكذب أبدًا، إذا كان هناك موضوع سياسي لا يعرف عنه شيء، يقول بمنتهى الشفافية والصراحة أنه لا يعلم شيئًا عن ذلك الموضوع، وهي صفة جيدة ونادرة في الأشخاص.
الأمانة
يتصف الشخص المثالي بأنه شخص أمين، ويرون أن الصدق ممكن أن يغير المجتمع نحو الأفضل وأنه صفة الأقوياء والمثاليين، وأن الكذب شيمة الضعفاء.
الشجاعة
هناك مقولة تفيد بأن الرجل الجريء يموت مرة واحدة فقط ولكن الرجل الجبان يموت عدة مرات في حياته، والشجاعة بشكل عام من صفات الرجل المثالي.
الالتزام بالمواعيد
يبقى الالتزام بالمواعيد من أولويات الشخص المثالي، وإذا تأخر عن ميعاده لسبب أو لآخر، فإنه ينزعج جدًا، ويرى أنه لن يكون هناك نجاح دون تنظيم الوقت والالتزام.
التعاطف
يتميز الشخص المثالي رغم قوته، أنه شخص ودود وعطوف وقريب من الناس، يلقي عليهم التحية كل صباح، ويمنحهم الابتسامة المشرقة كل يوم، لديه القدرة على فهم مشاعر الآخرين ومشاركتهم وجدانهم داوفعهم واحتياجاتهم، وأن يكون منفتحًا على أنواع مختلفة من الناس متعددي الثقافات، والسعي وراء تلبية احتياجاتهم الملحة، “التعاطف يجعل العالم مكانًا أفضل”، ومن أسرار النجاح القدرة على فهم وجهات نظر الآخرين ورؤية الأشياء والأمور بأعينهم.
القيادة
بالطبع من أولويات الرجل المثالي، حسن القيادة، فهو ينظم مجموعات ويقودها بمنتهى الدقة والاحتراف، فهو قائد في المقام الأول، حيث يكون لديه العزم للعمل بجدية أكبر وجودة في الإنتاج مع الفريق.
الحدس
يتمثل الحدس في القدرة على فهم وإدراك الأمور بسرعة، دون الحاجة إلى التفكير الواعي، ومن سمات الشخص المثالي أنه يمتلك الحدس، أي الانفتاح على الأعمال الغامضة بالنسبة لأي رجل عادي، ومن خلال الحدس يستطيع إيجاد الحلول الشاملة للمشكلات، يمنح الأفكار الرائعة والجديدة، ويلعب الحدس دورًا قويًا في اتخاذ الشخص المثالي للقرارات الحاسمة.
الإبداع
الرجل المثالي مبدع، حيث أنه يستخدم الخيال ولا سيما في إنتاج الأعمال الفنية، مصدر الإبداع هو الخيال، عند البدء في العمل، يقوم بتجميع جميع الأفكار التي أخذها من عدد لا يحصى من المصادر، وبطريقة سحرية يتم وضع كل هذه المدخلات في مكانها الصحيح ، مما يؤدي إلى تكوين وحدة متماسكة. هذا هو الإبداع في العمل، وكل أشكال الإبداع تأتي من الارتجال، سواء بتصميم تجارب أو صور، أو عند العمل على خشبة مسرح، أو الكتابة الإبداعية، أو القيام يوصفة جديدة، الشخص المبدع قادر على ربط التجارب التى مر بها وتوليف أمور جديدة.
الاستمرارية في التعلم
إن اكتساب المعرفة والاستمرار في صقل المهارات سواء من خلال التجربة أو الدراسة أو التعليم، من أهم الأمور لدى الشخص المثالي، لأن امتلاك الحافز والقدرة على التطور والنمو من مميزات الحياة السريعة المتغيرة بسرعة، يمكن التعلم من خلال القراءة والتفكير العميق، ومن تجربة الحياة ككل، وأيضًا من خلال طرح الأسئلة والسعي في إيجاد الحلول الخاصة بها، وأخيرًا التعلم من الأخطاء الشخصية، التى لا يتعبرها الرجل المثالي أخطاء بقدر ما هي مجرد فكرة جديدة يتعلم منها. [3]
صفات الشخصية المثالية غير الصحية
في الواقع لا يوجد شخص مثالي، لأنه حتى المثاليون لديهم العيوب الخاصة بهم، وهي كالتالي:
- يخالفون القواعد إذا وجدوا أن القوانين تقيد إبداعهم الخاص، وذلك يسبب لهم مشكلة مع مسؤولين العمل.
- السعي وراء الثقافة المفرطة دون تحقيق إنتاجية عالية.
- لا يتأثرون بحقائق الحياة القاسية.
- منعزولون اجتماعيًا، ويرغبون في الخصوصية للتواصل بشكل أفضل مع أفكارهم ومشاريعهم المثالية.
- الأشخاص المثاليين يصابون باليأس العميق بسرعة بعد أي فشل يمرون به، ولا يخرجون منه بسهولة، لأنهم يعتقدون أنه لا بد عدم الخطأ أو الفشل أبدًا.
- الشخص المثالي يكون في حالة عصبية وضغط دائم، لتفادي الوقوع في أي فشل أو خطأ، لأن الخطأ كارثة بالنسبة له.[2]