ما هو مرض ” اللامفرداتية ” ألكسيثيميا – Alexithymia
ما هو مرض ألكسيثيميا – Alexithymia
اللامفرادتية أو مرض ألكسيثيميا – Alexithymia ويعرف أيضًا بمرض نقص الانسجام العاطفي، أو مرض فقد العواطف ويكون فيه الشخص مصاب بضعف إدراكي عاطفي غير علني، أي لا يستطيع التعبير عن مشاعره أمام الآخرين فالعواطف ومشاعر التعلق الاجتماعي تشكل أزمةً بالنسبة لهم، لكن لا يبدو الأمر بتلك البساطة فالمرضى المصابون بهذا المرض لا يستطيعون أن يفهموا أبسط المشاعر التي قد نراها نحن بديهية مثل الإيثار والأنانية.
في هذه الحالة لا يستطيع الشخص المصاب فهم المشاعر وقراءتها مما يترك أثرًا في تعاملاته مع الآخرين، لهذا قد يعتبرهم البعض أشخاصًا قساة القلوب لكنهم على العكس تمامًا فهم أشخاص حساسين جدًا لكن لا يستطيعون فهم مشاعر الآخرين أو تقديرها، ولديهم كبت شديد يجعلهم غير عاطفيين خارجيًا.
لا يعد مرض اللامفرادتية اضطرابًا في الصحة العقلية، ولا يوجد تشخيص رسمي لها على الرغم من وجود الكثير من المقاييس الأخرى التي تساعد في التعرف على سماتها، وقد يترافق مع هذه الحالة اضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب، أو من الممكن أن تحدث اضطرابات لدى المريض وتكون هذه الاضطرابات غير قابلة للتشخيص، ولقد وجد خبراء الطب نفسي وجود علاقة بين هذه الحالة وبين مرض التوحد.
لا يجد الشخص المصاب أي معاناة في هذا المرض إلا بسبب الآخرين، أي أن الشخص المصاب لا يشعر بوجود أي خطأ به إلا عندما يبدأ من حوله بالشكوى حول عدمه تقديره وفهمه لأبسط المشاعر مثل الموت والحزن والقلق، وعلى الرغم من أن المريض يشعر بهذه التفاعلات لكن يكمن الخطأ في كونه لا يتعرف عليها ولا يستطيع تحديد ماهيتها بالتالي لا يستطيع التعامل معها بشكلٍ صحيح.
سبب التسمية بألكسيثيميا
وصف مرض أليكسيثيميا للمرة الأولى عاث 1974 على يد طبيب عالم نفسي وأستاذ فخري في كلية الطب بجامعة هارفارد، و
يعود سبب تسمية أليكسيثيميا (Alexithymia)إلى القاموس اليوناني، حيث يأتي المقطع الأول منها (lexis) بمعنى كلمة، والمقطع الثاني (thymos) يعني عاطفة، وتشكل الكلمتان معًا «عدم وجود كلمات للعواطف»، أي لا يوجد تعبير عن العواطف، وتعد ظاهرة نفسية قابلة للعلاج وليس مرضًا حيث يفقد فيها الشخص قدرته في التعبير عن مشاعره الداخلية، وهو بالنسبة للمصابين تصرف اعتيادي وطبيعي، ونسبة الإصاب بهذه الظاهرة ضئيلة جدًا حيث لا تتعدى نسبتهم 13% من البشر وتتواجد بكثرة بين الذكور أكثر من الإناث.
أسباب عدم القدرة على التعبير عن المشاعر
لا يوجد سبب مباشر وواضح وراء هذه الظاهرة على الرغم من وجود العديد من النظريات والأبحاث والدراسات التي أُجريت على المصابين، وكان نتيجة هذه الدراسات إن هذه الظاهرة لها أساس وراثي في معظم الحالات، مما يعني أن هذه الظاهرة من الممكن أن تكون مكتسبة أيضًا، لكن اللامفراداتية المكتسبة لا تطور فيها أي أعراض ثانوية كالإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب وغيره،
ويمكن تلخيص الأسباب التي رجحها علماء علم النفس كما يلي:
-
العوامل الوراثية
تشير الأبحاث التي تم إجراؤها على التوائم إلى وجود مكون وراثي، ولا يشترط أن يكون هذا المكون الوراثي مباشرًا؛ كأن يكون من الأب أو الأم، لكن وجوده عند أحد الأقارب يُشكل احتمالية وجوده عند أي شخص مرتبط معهم بالدم.
-
العوامل البيئية
تأتي العوامل البيئية أولًا في حالة اللامفرداتية المكتسبة، وذلك قد يكون سببه العائلة أو المدرسة أو الخروج للمجتمع، كأن يتعرض الشخص المصاب لصدمات عاطفية في مرحلة الطفولة تؤدي إلى وصوله لهذه الحالة.
-
ارتباط اللامفرداتية بمجموعة من الاضطرابات النفسية
من الممكن أن تظهر اللامفرداتية على الشخص المصاب بأحد هذه الاضطرابات النفسية: التوحد أو الاكتئاب أو مرض انفصام الشخصية، ومن الممكن أن يكون هناك اضطرابات جسدية أو عقلية سببت ذلك.
-
وجود مشاكل بالدماغ
بعض الدراسات المبكرة أظهرت أنه من الممكن لهده الحالة أن يكون هناك عجز نقل نصفي بين نقل المعلومات العاطفية من النصف الأيمن للدماغ إلى المناطق اللغوية في نصف الكرة المخية اليسرى، وهذا العجز يجعل العواطف لا تنتقل بشكلٍ صحيح.
كما يمكن أن يكون أيضًا بسبب انخفاض القشرة الحزامية الأمامية في الدماغ، وهذا يكون شائعًا في حالات الأشخاص الذين قد تعرضوا لصدمات في فترة الطفولة بسبب سوء المعاملة.
وأشارت بعض الدراسات الأخرى التي تم إجراؤها عام 1997 أن اللامفرداتية قد تكون راجعة إلى وجود اضطراب في النصف الأيمن من الدماغ وهو الجزء المسؤول عن عملية معالجة العواطف، وكل دراسة سبق ذكرها بها بعض أوجه القصور، أي لا يمكننا الجزم تمامًا بوجود علاقة بين هذه الإصابات الدماغية وبين وجود اللامفرداتية، لأن بعض الحالات التي أجريت عليها الأبحاث أثبتت أنه من الممكن ألا يكون هناك أي إصابة دماغية.[1]
علاج عدم القدرة على التعبير عن المشاعر
اللامفرداتية أو
عدم القدرة على التعبير عن المشاعر
هي ظاهرة قابلة للعلاج وذلك عن طريق ملء الفجوات العاطفية، ولكن من الصعب العثور على معالج متخصص في علاج هذه الظاهرة، لذلك هناك بعض الأمور الأكثر أهمية من وجود المعالج المختص وهي العائلة والمحيط الاجتماعي، ودورهم الاستماع للشخص المصاب بهذه الحالة وتشجيعه على الكلام والتعبير عما يريد.
ويهدف العلاج في هذه الحالة إلى تقوية القدرة على تحديد نوعية المشاعر وفهمها بشكلٍ كامل، وذلك عن طريقة تقوية الوعي العاطفي والدي قد يتطلب مجهودًا كبيرًا ووقت طويل نوعًا ما، ويكمن العلاج الفعال في هذه الحالة هو التعرف على تجارب الآخرين وفهمها وذلك كي يحقق فهم أكبر لطبيعة المشاعر وطرق التعبير عنها، ويمكن تحقيق هذه الغاية بالطرق الأتية:
-
كتابة اليوميات
من الممكن أن تكون كتابة المذكرات أو اليوميات مفيدة في تقوية القدرة على اكتشاف العواطف، لأن الكتابة التعبيرية تعمل على توسيع نطاق الملاحظات داخل وخارج النفس، لأن السرد والكتابة يساعد على تحقيق هذه الغاية.
-
قراءة الروايات والكتب العاطفية بالأخص
تحمل لغة الروايات وصفًا دقيقًا للأفكار والمشاعر بصورة غير مباشرة تجعل القارئ قادر على فهمها دون الحاجة إلى استعمال تعبيرات مباشرة، فهي تحمل تجارب الأشخاص ولحظاتهم المؤثر في مشاعرهم وعلى حياتهم، وتعتبر هذه الطريقة أحد الطرق الفعالة لتعلم اللغة التعبيرية عن المشاعر الإنسانية ويكتسب القارئ أيضًا القدرة على وصف قصة أو القيام بسرد شخصي.
-
الفنون التعبيرية
تأتي الفنون التعبيرية كعامل مساعد مهم في عملية التعرف على المشاعر الخارجية، ومن هذه الفنون التعبيرية المسرح والرقص والتمثيل والموسيقى.
-
العلاج النفسي القائم على المهارة
وهو أحد أشكال العلاج النفسي قصير المدى والذي يهدف إلى تعليم الشخص من خلال بناء المهارات، وتتمثل علاجاته في العلاج السلوكي الجدلي، والتدريب الذهني المعرفي، والعلاج الشخصي قصير المدى الذي يعلم الشخص كيفية الانتباه لحالات الشعور الشخصية وكيفية تحديد مشاعر الآخرين.
-
الخضوع لجلسات العلاج النفسي الجماعي
يمكن أن يساهم الجانب التفاعلي للمعالجة الجماعية للبالغين وحتى الأطفال أيضًا في اكتشاف طرق تساعدهم على التعرف وفهم أفكارهم ومشاعرهم الخاصة، كما أنها تعدّ تجربة تبادل عاطفي مفيدة مع الآخرين، ويعتبر هذا النمط من العلاج النفسي عامل مهم لتعميق شعور الارتباط بالآخرين.[1] [2]