ما المقصود بـ ” اللغات المندثرة “


ماهي اللغات المندثرة

تعتبر اللغات المندثرة من المواضيع الأكثر بحثاً على المواقع الإلكترونية المختلفة، فمع مرور الزمن ظهرت الكثير من اللغات واندثرت أخرى للعديد من العوامل، ومن أهمها الحروب العرقية التي تهدف لقتل كل من ينطق بلغة ما مثل ما حدث إبان الاستعمار الفرنسي لدول شمال إفريقيا.

للإجابة على سؤال ما المقصود باللغات المندثرة لابد لنا أولاً أن نتعرف على أصل اللغات، وما هي أهم اللغات التي انقرضت، وهل هناك لغات أخرى على وشك الانقراض أم لا، وهذا ما سنتعرف عليه فيما يلي.


اللغة المنقرضة هي لغة لم يعد بها متحدثون ، أو لم تعد مستخدمة حاليًا. تتناقض اللغات المنقرضة أحيانًا مع اللغات الميتة ، والتي لا تزال معروفة وتستخدم في سياقات خاصة في شكل مكتوب ، ولكن ليس كلغات منطوقة عادية للتواصل اليومي. ومع ذلك ، فإن انقراض اللغة وموت اللغة غالبًا ما يتم المساواة بينهما. [1]


متي ولماذا تنقرض اللغات


تستغرق عملية تخلي ثقافة وشعب كامل لغة بأكملها وقتًا طويلاً ، حتى عبر عدة أجيال، وعندما تظهر لغة مهيمنة جديدة على الساحة ، يحدث تآكل نهائي للغة القديمة.


كما حدد اللغويون المراحل التي تتبعها اللغات في الانقراض:


  • تعتبر اللغة ضعيفة عندما يتحدث الأطفال لغة والديهم فقط في المنزل أو بصحبة الأقارب.

  • تعتبر اللغة مهددة بالانقراض عندما يتوقف الأطفال عن دراستها، على الرغم من أنها لغتهم الأم.

  • تعتبر اللغة مهددة بشكل خطير عندما يكون أصغر الأشخاص الذين يمكنهم التحدث بها هم الأجداد.


تحدث التحولات اللغوية عبر التاريخ حيث يتفوق لسان على الآخر، وعلى سبيل المثال في المملكة المتحدة كان التحول من الكورنيش إلى اللغة الإنجليزية يحدث منذ عقود، ويستمر حتى اليوم. [2]


أصل اللغات

على مر العصور اهتم العديد من الباحثين بمعرفة أصل اللغات ومنشأها، ومع الأسف لم يتوصل الباحثين لأي دليل ملموس يخبر عن أصل لغات البشر بالرغم من التطور التكنولوجي الكبير الذي نشهده الآن.

أدي نقص الأدلة إلى منع مناقشة الرسالات التي تتعلق بأصل اللغات في باريس، لكن هناك الكثيرين حول العالم من الباحثين الانثربولجيين وعلماء النفس والآثار والمهتمين بدراسة تاريخ اللغات ما زالوا يبحثون في هذا الشأن.

وبفضل هذا السعي الدؤوب وتلك الدراسات المتقدمة، تمكن عدد من الباحثين إلى تقسيم اللغات أو الوسائل التي كان يتحدث بها البشر قديماً إلى ألفاظ و إيماءات.

ذهب العديد من العلماء أن أجدادنا القدماء امتلكوا قدرة كبيرة على استخدام وتعلم اللغات بطريقة مختلفة وخلاقة، كالتعبير من خلال الرسم والنقش على الجدران في المعابد والكهوف. [3]

يعتقد العلماء أن الإنسان البدائي القديم في العصر الحجري استطاع أن يتعلم اللغات قبل مائة ألف عام فقط، وهناك الكثير من النظريات التي تم إجراؤها من أجل التوصل إلى معرفة أصل اللغات وهي كالآتي:


نظرية بو-واو

ويطلق عليها نظرية الوقواق، وتنسب إلى الفيلسوف الألماني المعروف باسم جوهان جوتفيرد، وتفترض أن كلام البشر ما هو إلا تقليد لأصوات الطيور والحيوانات.


نظرية دينغ-دونغ

مولر هو من أطلق عليها هذا الاسم، وتفترض هذه النظرية أن هناك تذبذب طبيعي لكل شيء، وأن الكلام ما هو إلا عبارة عن تردد لما كان ينطق به الإنسان القديم.


نظرية فو-فو

تفترض هذه النظرية أن الكلام عبارة عن تراكمات عاطفية، وأن الصوت هو المعبر عن هذا الكلام وذلك بسبب المفاجأة أو الفرح أو الحزن أو غير ذلك من المشاعر التي يشعر بها الإنسان.


نظرية تا-تا

لم يتم عرض نظرية تاتا بقائمة مولر، وقام ريتشارد باجيت بافتراضها سنة 1930 ميلادي، وأفترض فيها أن كلام الإنسان عبارة عن مجموعة من الحركات التي يؤديها بلسانه، ويتم سماع هذا الصوت بسبب التكرار الكثير لهذه الحركات.


نظرية يو-هي-هي

تفترض هذه النظرية أن اللغة تنشأ جراء عمل مجموعة من العديد من الإيقاعات المتداخلة مع بعضها البعض، وهذا تزامناً مع ما يتم بذله من مجهود عضلي من الإنسان فتنتج عنه هذه الأصوات مثل تكرار التنهد بصوت HO.


أهم اللغات المنقرضة

هناك مجموعة كبيرة من اللغات تعرضت للانقراض واندثرت، وتؤكد منظمة اليونيسكو أن حوالي ستة الألاف من اللغات المختلفة أو أكثر انقرضوا، ولم يعد يتكلم بهم أحد، ولعل من أهم هذه اللغات ما يلي:


لغة الماندرين


في جميع أنحاء العالم ، أصبحت لغة الماندرين هي اللغة السائدة في جميع أنحاء الصين ، باستثناء المدن التجارية في هونغ كونغ وكولون ، حيث تنتشر اللغة الكانتونية بسرعة.


وبعيدًا في التاريخ، بعد أن غزا اليونانيون معظم العالم المعروف ، انتشرت اللغة اليونانية – وأصبح الشكل المشترك، اليوناني koine ، الذي يحتوي على العديد من الكلمات المستعارة من الثقافات التي تم احتلالها، اللغة المشتركة للإمبراطورية اليونانية.


نتيجة لذلك، أصبحت اللهجة اليونانية العلية الأكثر رسمية نادرة وهي موجودة الآن فقط في الكتابات القديمة.


Koine Greek هو أقرب إلى اللغة اليونانية الحديثة المستخدمة اليوم، وربما تكون اللاتينية الكلاسيكية هي أشهر اللغات الميتة.


بمرور الوقت ، ومع تفكك الإمبراطورية الرومانية، انقسمت اللاتينية إلى اللغات الأكثر شيوعًا لشعوب روما المحتلة، ومن هنا ولدت اللغات الرومانسية في أوروبا، والإمبراطورية الرومانية السابقة: الفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، والبرتغالية، والرومانية.


عند الإجابة على السؤال “لماذا تنقرض اللغات؟” يجب على المرء أن يشير بأصابع الاتهام إلى الاضطهاد السياسي والعولمة ونقص الكتابة والحفظ.


خلال معظم القرن العشرين، أرغمت الحكومات في جميع أنحاء العالم الشعوب الأصلية على تبني لغة وطنية مشتركة، مما أجبر اللغات الأصلية على الهامش – وفي النهاية، إلى ركام التاريخ. [4]


اللغة القوطية

هناك الغالبية من الناس لم يسمعوا من قبل عن هذه اللغة، فهي من اللغات المستخدمة قديماً لدي سكان الفرع الشرقي في أوروبا والهند، ولكنها انقرضت ولم يعد لها استخدام الآن.

تميزت هذه اللغة بنظام كتابة خاص بها يشبه الحروف اليونانية والحروف اللاتينية، وهناك الكثير من الكتب القديمة كتبت من خلال اللغة القوطية ومن أكثرها شهرة هو الكتاب المقدس.


لغة شيميهوفي

من الغريب أن تسمع يوماً أن هذا الاسم كان يطلق على لغة، لكن الأمر سيبدو أكثر غرابة إذا عرفت أن الولايات المتحدة الأمريكية استعملت هذه اللغة وكانت الأساسية لديها.

كانت هي اللغة الأولى للسكان الذين يقطنون على شاطئ النهر المعروف باسم كولادور، وبحسب ما تقوله اليونيسكو أن هناك عدد ثلاثة من الأشخاص فقط يتحدثون بها الآن.


لغة ميريج

هي لغة تحدث بها مجموعة من السكان القاطنين بجزيرة فانواتو، وتعتبر من الجزر النائية وتبلغ المسافة بينها وبين المحيط الهادي حوالي ألف وسبعمائة وخمسون كيلو جرام بأستراليا.

تتكون لغة ليميرج من لهجات أربعة مختلفة، لكن الآن اندثرت ولم يعد يتحدث بها أحد.


لغة تانيما

كان يتحدث بهذه اللغة سكان جزر سليمان وتقع هذه الجزر بالمحيط الهادي وتحدث بها الملايين من الأشخاص، ومع مرور الوقت انقرضت اللغة واندثرت.

حاولت اليونيسكو التوصل لأي فرد يتحدث بالتانيما لكنهم فشلوا في ذلك ولم يتمكنوا من التوصل لأحد.


لغة كيسكانا

كانت تعتبر اللغة الأولى للبرازيليين، واعتبرت هذه اللغة من اللغات القديمة البرتغالية، ولكن اندثرت هذه اللغة كغيرها ولم يعد يتحدث بها أحد.


لغة دومي

انتشر استخدام هذه اللغة والنطق بها في دول شرق آسيا وعلى وجه الخصوص نيبال والتي كان كل سكانها ينطقون بهذه اللغة.

يتم تداول القاموس الذي يتناول الكلمات باللغة الدومية في المتاحف القديمة الأثرية بدول شرق آسيا.

هناك مجموعة من الأفراد يصل تعدادهم لثمانية أفراد ينطقون بهذه اللغة ويتواجدون شرق نيبال.


لغة الشونا

انتشر استخدام هذه اللغة في الكونغو والنيجر قديماً ونطق بها ما يزيد عن إحدى عشر مليوناً من الناس.

تعتبر هذه اللغة واحدة من أولى اللغات التي نطق بها البشر في الأرض.


لغات على وشك الانقراض

هناك عدد من اللغات تواجه خطر الانقراض بسبب قلة عدد الناطقين بها ومنها على سبيل المثال:


لغة خانتي

تنقسم هذه اللغة إلى مجموعات ثلاثة من ناحية اللهجات الأساسية، وهناك من يتحدثون بها في منطقة الغرب من سيبيريا، وتعاني هذه اللغة من خطر الانقراض بسبب أنعدد الناطقين بها لا يتخطى العشرة آلاف شخص حول العالم.

ما يميز هذه اللغة علاماتها النوية التي تجعل من السهل التعرف على هل كان الشخص المتحدث شاهداً على الواقعة أم أنه تم إخباره من أحد الأشخاص.


لغة شاوس

هناك في كامبوديا أكثر من تسعة عشر لغة تواجه خطر الانقراض، ولغة ساوتش واحدة من هذه اللغات فهناك عشرة أشخاص فقط ينطقون بها ويسكنون في قرية يبلغ عدد السكان بها مائة وعشرة أشخاص فقط.

كان الخمير الحمر هو أحد أهم أسباب هلاك هذه اللغة، ففي السبعينيات من القرن الماضي قام هذا الحزب باختطاف أراضي السكان السواتشيين واعتقالهم في معسكرات، وإجبارهم على النطق بلغة غير لغتهم الأصلية، وتم استغلال هذا الأمر من أجل محو دينهم وثقافتهم. [5]


لغة نجيري

في الكاميرون وبالتحديد في قرية ماميلا يسكن عدد قليل جداً من الأشخاص يتعاملون مع بعضهم بهذه اللغة.

يعتبر هؤلاء الأشخاص من قدامي الناطقين بهذه اللغة، فضلاً عن أنهم يميلون إلى استخدام بعض عبارات هذه اللغة في الأغاني الشعبية وعبارات التهذيب والنكات أو التعبير عن ما بداخلهم من أسرار.


لغة غونغوتا

هناك مجموعة مكونة من اثني عشر عميداً فقط في الجنوب الشرقي من أثيوبيا ينطقون بهذه اللغة، وتتنافس هذه اللغة مع لغة أخرى تسمى تساماي.

يتزايد عدد المتحدثين بلغة تساماي يوماً بعد يوم، الأمر الذي ينذر أن لغة تساماي ستحل محل لغة غونغوتا لا محالة.

وفي الختام نود أن ننوه أن هناك جهود كبيرة تبذل من قبل المنظمات الدولية للحفاظ على اللغات من الانقراض.